فرنسا تتحول إلى نهج أكثر صرامة في الرد على التصعيد الجزائري
تشير تسريبات نشرتها صحيفة 'لكسبرس' الفرنسية قبل أيام قليلة عن توجه فرنسا لتجميد أصول 20 شخصية من النظام الجزائري، إلى تحول في طبيعة العلاقات الفرنسية-الجزائرية نحو نهج أكثر صرامة من جانب فرنسا، واستعدادها لفرض عقوبات مالية على شخصيات رفيعة المستوى لتعزيز موقفها الدبلوماسي.
وتدرس وزارتا الاقتصاد والداخلية الفرنسيتان فرض عقوبات مالية على مجموعة من المسؤولين الجزائريين الذين يملكون عقارات في فرنسا، في اجراء سيتم اللجوء إليه في حال حدوث تصعيد جديد بين البلدين.
ويعتبر تجميد الأصول ورقة ضغط دبلوماسية ومالية قوية تستخدمها فرنسا تجاه النظام الجزائري. حيث يهدف هذا الإجراء إلى إجبار الجزائر على تغيير مواقفها أو الاستجابة للمطالب الفرنسية، خاصة في سياق الأزمات الدبلوماسية الأخيرة.
ويأتي هذا التهديد بتجميد الأصول في سياق تصاعد التوتر بين باريس والجزائر والذي شمل طرد متبادل للدبلوماسيين ورفض الجزائر استقبال مهاجرين غير شرعيين تم ترحيلهم من فرنسا. وهذا يشير إلى أن العلاقات بين البلدين وصلت إلى مفترق طرق حقيقي.
ويدل استهداف "20 شخصية نافذة" يشغلون مناصب عليا في الإدارة والأمن والسياسة الجزائرية، ولديهم مصالح مالية وعقارية في فرنسا، على أن فرنسا تسعى للضغط على قلب النظام الحاكم ومصالحه الاقتصادية والشخصية.
وأشارت تقارير إلى أن باريس قد تستند إلى تعديلات في التشريعات الفرنسية تسمح بتجميد ممتلكات المسؤولين الأجانب في حال ارتكابهم أفعال تضر بالمصالح الأساسية للأمة. وهذا يعكس استعداد فرنسا لاستخدام جميع الأدوات القانونية المتاحة.
وذكرت مصادر بأن باريس تفكر في نشر قائمة الأسماء كتحذير أولي إذا أقدمت الجزائر على "خطوات عدائية جديدة"، مما يشير إلى أن هذا الإجراء قد يكون تصعيداً تدريجياً لزيادة الضغط.
ويكشف هذا التحرك عن مدى تشابك المصالح بين البلدين، حيث يمتلك العديد من أعضاء النخبة الجزائرية الحاكمة أصولاً في فرنسا، مما يجعل هذا الإجراء مؤثراً بشكل مباشر على مصالحهم الشخصية.
وفي حال تنفيذ القرار، قد يؤدي ذلك إلى ضغوط داخلية على النظام الجزائري لمواجهة هذه العقوبات، وقد يؤثر على قدرته على التعامل مع ملفات أخرى.
وعلى إثر هذه المعلومات شنت وكالة الأنباء الجزائرية، هجوما حادا على باريس قالت فيه "تواصل تسيير العلاقات الجزائرية-الفرنسية عبر تسريباتٍ منظّمة بمنتهى الارتجال وسوء الحنكة، دون إظهار أدنى ما يقتضيه المقام من تدارك وتصحيح للمسار".
وأضافت في رسالة وجهتها إلى باريس اليوم، أنه "بمثل هذا التقصير، تضع السلطات المعنية نفسها موضع المتواطئ في كل هذه الممارسات الخارجة عن القانون، وإن كان الأمر يتعلق بتنظيف إسطبلات أوجياس، فلتبدأ فرنسا بتنظيف إسطبلاتها أولًا، عسى أن يكفل لها ذلك كسب قسط من المصداقية والجدية، وهي أحوج ما تكون إلى ذلك في هذا الظرف بالذات".
وتشهد العلاقات بين البلدين أزمة دبلوماسية غير مسبوقة تشرف على القطيعة، منذ نحو عشرة أشهر بعد اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء ومساندتها مقترح للرباط كحل واقعي وحيد للنزاع المفتعل.
وكان آخر حلقات الأزمة بين البلدين فرض قيود على حملة التأشيرات الدبلوماسية وذلك بعد طرد متبادل لموظفين دبلوماسيين واستدعاء سفيري البلدين.
وعرفت بعدها الأزمة عدة محطات بلغ فيها التوتر أشده، كانت إحداها توقيف الكاتب بوعلام صنصال (75 عاما) في مطار الجزائر في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، وحُكم عليه في 27 مارس/آذار بالحبس خمس سنوات لإدانته بتهمة "المساس بوحدة الوطن" في تصريحات لصحيفة "فرونتيير" الفرنسية المعروفة بقربها من اليمين المتطرف، تبنّى فيها موقف المغرب الذي يفيد بأنّ أراضيه سلخت عنه لصالح الجزائر تحت الاستعمار الفرنسي.
في المقابل تلقي الجزائر باللوم في هذه الأزمة على وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، متذرعة أنه استغل الأزمة لحسابات سياسية داخلية.