أوليفييه فور و«الاشتراكي» ويسار فرنسا.. «معركة بقاء» و«رهان وحدة»
بقاؤه على رأس «الاشتراكي» لن يحدد مستقبل الحزب فحسب، بل قد يضبط وزن اليسار الفرنسي بأصعب اختباراته مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وتقدم أقصى اليمين.
أوليفييه فور، زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي (يسار) يخوض مؤتمره الأكثر حساسية منذ انتخابه لأول مرة في عام 2018.
وستكون نتيجة التصويت، الذي يُفتتح مساء اليوم الثلاثاء، حاسمة لمستقبل اليسار الفرنسي، لا سيما قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة 2027 وسط تحديات قوية لليمين بمختلف أجنحته، سواء تحالف الوسط أو أقصى التيار.
ويرى خبراء سياسيون فرنسيون أن فور يواجه أخطر اختبار لقيادته منذ توليه المنصب، في ظل تصاعد الخلافات الداخلية وتنامي الضغوط من اليسار الراديكالي من جهة، وصعود أقصى اليمين من جهة أخرى.
وحدة اليسار.. رهان
يقول المحلل السياسي المتخصص في اليسار الفرنسي توما ديمونجيه، إن "مستقبل فور لم يعد مرهوناً فقط بنتائج المؤتمر، بل بقدرته على إعادة صياغة دور الحزب الاشتراكي في مشهد سياسي يشهد زلازل أيديولوجية".
ويضيف ديمونجيه، من "معهد الدراسات السياسية في باريس"، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "أوليفييه فور يمثل ما تبقى من يسار مؤسساتي يحاول النجاة في زمن التحولات الراديكالية".
ومستدركا: "لكنه يفتقر اليوم إلى قاعدة موحّدة داخل الحزب، وإلى رؤية تعبّر بوضوح عن مكان الحزب الاشتراكي بين يسار (زعيم حزب فرنسا الأبية/ يسار راديكالي/ جان لوك) ميلانشون ويسار الوسط الليبرالي".
وبحسب الخبير، فإن "المؤتمر ليس فقط معركة بقاء بالنسبة له، بل هو لحظة حاسمة لتحديد ما إذا كان الحزب الاشتراكي سيواصل التلاشي، أم سيولد من جديد عبر قيادة قادرة على إعادة بناء الثقة مع قواعده وتحديد موقعه في المشهد السياسي الجديد".
«فاتورة»
من جانبه، يعتبر بورونو كورتييه، الأستاذ بالمركز الفرنسي للعلوم السياسية التابع لمعهد الدراسات السياسية في باريس "سيانس بو"، أن "أوليفييه فور يدفع ثمن تحالفه السابق مع "فرنسا الأبية".
ويقول كورتييه المتخصص في الشأن الفرنسي، لـ"العين الإخبارية"، إن "قاعدة فور باتت منقسمة حول استراتيجيته في مواجهة كل من ميلانشون و(زعيمة أقصى اليمين مارين) لوبان على حد سواء".
وتابع :"جاء فور هذا اليوم لعرض حصيلته أمام ثلاثين من مناضلي الحزب، كما فعل في مناطق مختلفة من فرنسا خلال الأسابيع الماضية، استعداداً لمؤتمر يُعد مصيرياً بالنسبة له".
ولفت إلى أن هذا "يعيد طرح ولايته القيادية للتصويت، التصويت على ما يسمى نصوص التوجّه السياسي، والذي يُعد بمثابة الجولة الأولى من المؤتمر الذي يبدأ مساء الثلاثاء".
وخلال المؤتمر السابق المنعقد في مرسيليا عام 2023، كاد فور يُقصى من زعامة الحزب.
فقد أُعيد انتخابه بصعوبة أمام خصمه نيكولا ماير-روسينيول، عمدة مدينة روان، الذي لم يتوقف عن إعلان فوزه حتى آخر لحظة، بحسب صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.
واليوم، يواجه فور تحدياً أعقد: كيف يقود حزباً منهكاً بين شراسة اليسار الراديكالي وتمدد اليمين المتطرف في وقت تتراجع فيه ثقة الناخبين بالحزب الاشتراكي؟
وهل يستطيع الحفاظ على مكانه داخل المعادلة السياسية الفرنسية، أم أن المؤتمر الحالي سيكون بداية نهاية قيادته؟