الإمارات تفتح طريق الإغاثة لغزة باتفاق مباشر مع إسرائيل
توصّلت الإمارات العربية المتحدة، في خطوة دبلوماسية بارزة، إلى اتفاق مهم مع إسرائيل بشأن "بدء إدخال مساعدات إنسانية عاجلة" إلى قطاع غزة المحاصر، بحسب بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات (وام) الأربعاء.
ولم يكن هذا الاتفاق مجرد عمل إنساني عابر، بل هو ترجمة حقيقية لقوة الدبلوماسية الإماراتية.
ونقل البيان أن الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ونظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، "أفضى إلى الاتفاق على بدء إدخال مساعدات إنسانية عاجلة من دولة الإمارات، تهدف لتلبية الاحتياجات الغذائية لنحو 15 ألف مدني في قطاع غزة كمرحلة أولى".
ويأتي هذا الإعلان في وقت حرجٍ تواجه فيه إسرائيل تنديدات دولية بتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة وضغوطا متزايدة من الدول الأوروبية لوقف الحملة المكثفة على القطاع وإتاحة دخول المساعدات، وهو ما يُبرز دور أبوظبي المتنامي كفاعل إنساني ودبلوماسي مؤثر في المنطقة.
وتُعدّ هذه المبادرة ثمرة لجهودٍ دبلوماسية مكثفة، حيث تسعى الإمارات إلى ترجمة علاقاتها مع إسرائيل، المستمدة من الاتفاقات الإبراهيمية، إلى قوة دافعة للضغط من أجل تخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة، مما يضفي بعدا إنسانيا وسياسيا أوسع على هذه الاتفاقات التاريخية.
ففي ظل تعثر جهود الوساطة التقليدية، تُحاول أبوظبي فتح قناة اتصال مباشرة مع إسرائيل لإيجاد حلول عملية، أو على الأقل التأثير على القرارات الإسرائيلية المتعلقة بإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة.
وتؤكد المنظمات الإنسانية أن هناك حاجة ماسة إلى دخول أكثر من عشرات الشاحنات يوميا، في حين أعلنت إسرائيل الثلاثاء أن 93 شاحنة أممية محمّلة بالمساعدات الإنسانية دخلت إلى غزة، لكن الأمم المتحدة أشارت إلى أن دخول المساعدات لا يزال متوقفاً فعليا بعد أن منعت ذلك الدولة العبرية لأكثر من شهرين.
وخلال الاتصال، أكّد وزير الخارجية الإماراتي "أهمية وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطيني الشقيق في القطاع بشكل عاجل ومكثف وآمن ودون أي عوائق"، بحسب بيان "وام".
وأوضح البيان أن المبادرة " تشمل توفير المواد الأساسية اللازمة لتشغيل المخابز في القطاع، بالإضافة إلى مستلزمات الأطفال الضرورية، مع ضمان استمرارية توفير هذه المواد لتلبية احتياجات المدنيين".
وتواصلت وكالة الصحافة الفرنسية مع السلطات الإسرائيلية للتعليق. ولم يتضح بعد متى ستُرسل المساعدات الإماراتية إلى غزة، أو متى سيتم تسليمها.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإثنين إن على بلاده تفادي حدوث مجاعة في غزة "لأسباب عمليّة ودبلوماسية"، غداة إعلانه السماح بدخول "كمية أساسية" من الغذاء الى القطاع، بعد منع إدخال أي مساعدات منذ مطلع مارس.
ولطالما برز الدور الإماراتي كجسر إنساني ودبلوماسي في هذه الأزمة المعقدة، فبالإضافة إلى كونها إحدى الدول العربية التي طبّعت العلاقات مع إسرائيل في العام 2020 بموجب الاتفاقات الإبراهيمية التي رعتها الولايات المتحدة خلال ولاية ترامب الأولى، وشملت أيضا المغرب والبحرين، تربط أبوظبي أيضا علاقات وثيقة مع الحليف الأكبر لإسرائيل، الولايات المتحدة، إذ زار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإمارات الأسبوع الماضي ضمن جولة خليجية، وهو ما يعزز قدرة أبوظبي على الوساطة والتأثير.
وقدّمت الإمارات مرات عدة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة، كما أجلت مرضى من القطاع لتلقي العلاج في الإمارات.
وتُعزز أبوظبي من خلال هذه الجهود مكانتها كـلاعب إقليمي مسؤول يسعى للمساهمة في حل النزاعات وتخفيف الأزمات الإنسانية، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.
وتتبنى الإمارات مقاربة ترى في تحسين الوضع الإنساني في غزة خطوة ضرورية نحو تهيئة الظروف لاستئناف العملية السياسية وتحقيق حل الدولتين. كما تسعى أبوظبي، من خلال هذا الإعلان، إلى إرسال رسالة ضمنية بوجود موقف عربي موحد يسعى لإنهاء معاناة الفلسطينيين وتحقيق السلام العادل والشامل.
وقد بحث وزيرا الخارجية الإماراتي والإسرائيلي خلال الاتصال الجهود الإقليمية والدولية لاستئناف اتفاق الهدنة، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، وفق ما نقلت وكالة أنباء الإمارات (وام)، وهو ما يؤكد دور الإمارات الذي يتجاوز الإغاثة ليشمل البحث عن حلول سياسية مستدامة.
وتتواصل الأزمة الإنسانية في غزة بالتوازي مع العمليات العسكرية المستمرة، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي الأحد بدء "عملية برية واسعة" في قطاع غزة، غداة تأكيده تكثيف الضربات الجوية على القطاع الفلسطيني المحاصر للضغط على حماس.
ومنذ بدء الحرب، بلغ عدد القتلى في غزة 53573، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس، بينهم 3427 قتيلا على الأقل منذ استئناف إسرائيل ضرباتها في 18 مارس.
وأسفر هجوم السابع من أكتوبر 2023 عن مقتل 1218 شخصا، غالبيتهم من المدنيين وفقا لتعداد يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.