السلطة الجزائرية تعاني صداع تصريحات أساتذة التاريخ للإعلام الأجنبي

وكالة أنباء حضرموت

أصدرت جامعة جزائرية تعليمات بمنع أساتذة التاريخ من التصريح أو إجراء مقابلات إعلامية مع وسائل الإعلام الأجنبية بمختلف أنواعها، دون الحصول على ترخيص مسبق، ما أثار موجة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي باعتبار القرار يأتي ضمن مسعى لحصر الخطاب التاريخي ضمن حدود السردية الرسمية المعتمدة من قبل السلطة.

ورغم التراجع عن القرار من قبل الجامعة بعد الضجة الواسعة التي أثيرت، إلا أن الانتقادات استمرت ورأى الكثيرون أنها “سابقة تاريخية خطيرة” يجب عدم السكوت عنها وإغلاق الباب عليها لعدم تكرارها مستقبلا.

وجاء في تعليمات “داخلية موجهة لأساتذة قسم التاريخ”، أنه “عملا بالتعليمات التنظيمية المعمول بها في مؤسسات التعليم العالي، وحرصا على حماية صورة الجامعة وضمان انسجام الخطاب الأكاديمي مع التوجيهات الرسمية للدولة، يطلب من جميع أساتذة قسم التاريخ بالكلية الامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات أو إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام الأجنبية المرئية أو المسموعة أو المكتوبة أو الإلكترونية، دون الحصول على ترخيص مسبق وصريح من الإدارة”.

واعتبر القرار أن “كل تصريح خارج هذا الإطار يعد خرقا للإجراءات الإدارية وقد يعرض صاحبه للمساءلة التأديبية وفقا للتنظيمات المعمول بها”. ووجه القرار المعنيين إلى “التقيد الصارم بفحوى التعليمة”.

وتزامن صدور هذا القرار مع الجدل حول اعتقال الأستاذ محمد الأمين بلغيث، الذي صرّح خلال مقابلة مع قناة “سكاي نيوز” بأن الأمازيغية “مشروع أيديولوجي صهيوني فرنسي”، ما أدى إلى تحريك دعوى قضائية ضده وتوقيفه، ورغم أن الكثير يخالفونه الرأي إلا أنهم في نفس الوقت رفضوا اعتقاله باعتباره مصادرة لحق التعبير عن الرأي.

وجاء قرار الجامعة ليثير استنكارا واسعا من الخطوة، حيث رأى ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أنها خطوة تعكس تصعيدا جديدا في سياسة التحكم بالرواية التاريخية، ومصادرة رأي، وجاء في تعليق:

@Arabusa123
وزارة التعليم العالي في الجزائر تهدد أساتذة التاريخ (إللي يهدر نحبسوه/ من يتكلم بعلمه، سنسجنه)… شوف وين وصلنا!؟

حتى دكاترة متخصصون في مجالهم أصبح ممنوعا عليهم التكلم في مجالهم!؟ (قالك انسجاما مع التوجهات الرسمية للدولة)!؟

وكتب ناشط:

الجزائر؛ ممنوع على أساتذة التاريخ التصريح لأي وكالة أخبار أجنبية حول تاريخ الجزائر الذي ابتدأ سنة 1962 بدون رخصة من وزارة التعليم العالي. طبقوا مقولة بومدين عندما قال لهم ابتعدوا عن التاريخ لأنه ليس في مصلحتنا.

وقال متابعون للموضوع إن منع الأساتذة المتخصصين بالتاريخ من الظهور الإعلامي فتح المجال لغير المتخصصين للحديث عن قضايا لا يفقهون بها شيئا، أي أن القرار جاء بنتائج عكسية، وعلقت ناشطة على مقطع فيديو قائلة:

نطالب السلطة في الجزائر؛ تفهمنا فقط

هذه سياسية ولاّ باحثة في التاريخ والأنساب والقبائل ولاّ غير تخلط. فقط!

لماذا يمنع أساتذة التاريخ من التصريح لوسائل الإعلام بينما يسمح لهاته بتشريح المجتمع الجزائري حسب مفهومها هي؟ ما هذا؟

وتحدث ناشطون عن الأسباب الحقيقية للقرار وهي عدم إثارة الحقائق التاريخية التي تؤكد أحقية المغرب في أراض جزائرية، والتي سبق أن أثارها الكاتب الفرنسي – الجزائري بوعلام صنصال وأكد فيها مغربية الصحراء ما جعل السلطات تعتقله ولا تزال تداعيات اعتقاله تسبب الصداع للسلطة.

وجاء في تعليق:

لن تتوقف #فرنسا حتى تُصاب الجزائر بجلطة.

ها هو المؤرخ برنار لوكان #Barnard_Lugan يصدر كتابا جديدا عن تاريخ الجزائر  “Histoire des Algeries,des origines à nos jours”.

تَكَلّم وشرح بدقة أن #الجزائر صنيعة الدولة الفرنسية وأنها شاسعة بسبب اقتطاع أجزاء كبيرة من المغرب وأن فرنسا كوّنتها قطعة قطعة وأنها كانت غير موجودة قبل 1830.

عندما جاء إيمانويل ماكرون وجاء بمليون ونصف وثيقة عن تاريخ المغرب جغرافيا وتاريخيا والمراسلات الدولية والرسمية والمخطوطات والكتب التي وجدها إبان الحماية… ناهيك عن مكتبة المملكة المغربية لم يكن الهدف فقط هو إرجاع المخطوطات بل العمل بها عند الحاجة!

وأكد ناشط أيضا أن قرار المنع يحيل أيضا إلى قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الذي أكد مغربية الصحراء ما جعل السلطات تعتقله:

الجزائر تمنع أساتذة التاريخ في الجامعة من الإدلاء بتصريحات للصحافة الأجنبية خوفا من الحقيقة التي نطق بها بوعلام صنصال عن مغربية الصحراء الشرقية وأجزاء كبرى من الخارطة التي رسمتها فرنسا للجزائر، وخوفا من الحقائق التاريخية التي كشفها نورالدين آيت حمودة عن الأمير عبدالقادر وووو.

وعلى إثر الضجة الواسعة، اضطرت جامعة حسيبة بن بوعلي في الشلف بالجزائر إلى سحب التعليمات التي تشترط حصول الأساتذة على ترخيص قبل الظهور في الإعلام الأجنبي، وأكدت الجامعة احترامها لحرية التعبير، موضحة أن التصريح باسم المؤسسة يتطلب ترخيصا حفاظا على صورتها ومصداقيتها.

لكن المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي في الجزائر استنكر تعليمات الجامعة، رغم نفي إدارتها فيما بعد وحصرتها بعدم التحدث باسم الكلية والجامعة، ورغم التوضيح انتقدت النقابة التي تمثل الأساتذة التعليمات ووصفتها بـ”السابقة الخطيرة جدا” على المستوى الوطني والدولي و”من شأنها هز قيمة الجامعة الجزائرية على المستوى الدولي.”

وفي قضية الأستاذ بلغيث، وجّه أكثر من 300 أستاذ جامعي رسالة مفتوحة إلى الرئيس عبدالمجيد تبون، مناشدين إياه التدخل في القضية. وأوضح الموقعون وهم أساتذة التاريخ على الرسالة، وهم من مختلف جامعات الوطن، أنهم يثقون في حكمة الرئيس وبصيرته في معالجة المسألة.

وطالب الأساتذة بـ”إنصاف” زميلهم، وتمكينه من العودة إلى أسرته واستئناف نشاطه الأكاديمي دون قيود.