روسيا والناتو.. «مناطق تماس» ساخنة ترسم معادلة الأمني الأوروبي

وكالة أنباء حضرموت

في الوقت الذي ينشغل فيه قادة العالم، بالحرب في أوكرانيا، تراقب أوروبا بقلق تحركات الجيش الروسي الهادئة على حدود دول أخرى.

وفي مدينة بيتروزافودسك الروسية، التي تبعد 160 كيلومترًا شرق الحدود مع فنلندا، تقوم موسكو بتوسيع قواعد عسكرية استعدادًا لإنشاء مقر قيادة جديد للجيش يضم عشرات الآلاف من الجنود خلال السنوات المقبلة، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

مدفعية روسيا «المعدلة» تعيد صياغة معادلات الحرب المستقبلية
ويهدف الكرملين إلى تعزيز قواته وحشدها لمواجهة محتملة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، من خلال توسيع التجنيد العسكري، وزيادة الإنتاج الحربي، وتحديث البنية التحتية للنقل قرب الحدود. وقد انضمت فنلندا مؤخرًا إلى الناتو، وبدأت بدورها تعزيز حدودها بوسائل دفاعية إلكترونية وأسلاك شائكة.

استعدادات وتحذيرات
ورغم تقليل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من خطر توسع الطموحات الروسية خارج أوكرانيا، يرى خبراء عسكريون روس أن التحركات على الحدود مع فنلندا تمثل استعدادات لمواجهة الناتو، وهو ما اتضح في تصريحات وزير الدفاع الروسي أندري كليباتش الذي شدد على ضرورة جاهزية الجيش لصراع محتمل مع الناتو، رغم محاولة الرئيس فلاديمير بوتين التقليل من المخاوف الغربية واتهام الحلف العسكري الغربي بإثارة التوترات.

وتسعى روسيا إلى رفع عدد قواتها إلى 1.5 مليون جندي، مقارنة بمليون قبل غزو أوكرانيا، مع زيادة الإنفاق العسكري إلى أكثر من 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

كما يشهد الإنتاج الحربي الروسي طفرة كبيرة، حيث تضاعف إنتاج دبابات T-90M تقريبًا، مع التركيز على تخزين الأسلحة داخل روسيا بدلاً من إرسالها إلى الجبهة الأوكرانية.

تعزيز الدفاعات الأوروبية
في المقابل، تستعد بعض دول الناتو مثل بولندا ودول البلطيق لاحتمالات التصعيد، من خلال حفر الخنادق، وزرع ألغام مضادة للأفراد، ونصب عوائق دفاعية. وقد حذرت أجهزة الاستخبارات الغربية من أن روسيا قد تختبر تماسك الناتو عبر تحركات في دول صغيرة مثل إستونيا، التي تضم أقلية روسية كبيرة.

وبحسب خبراء، تعتمد قدرة روسيا على خوض صراع مع الناتو على سرعة إعادة بناء قواتها بعد الحرب في أوكرانيا. فبينما تشير التقديرات إلى أن شن عملية محدودة ضد دول البلطيق قد يصبح ممكنًا في غضون عامين إلى ثلاثة، لكن شن حرب واسعة قد يستغرق من سبع إلى عشر سنوات.

إحياء البنية التحتية العسكرية
وضمن استعداداتها، تقوم روسيا ببناء ثكنات ومرافق تدريب جديدة، إلى جانب تحديث مستودعات الأسلحة وخطوط السكك الحديدية خصوصًا قرب الحدود مع فنلندا والنرويج. وقد أظهرت صور الأقمار الصناعية نشاطًا متزايدًا في مواقع عسكرية عدة. كما يتم ربط الشبكات اللوجستية مع بيلاروسيا، حليفة موسكو، لتسهيل نقل القوات.

ويلاحظ المسؤولون الفنلنديون أن بناء خطوط سكة حديد جديدة أو تجديد القديمة قرب النقاط الحدودية يمكن أن يشير إلى استعدادات لنقل قوات بسهولة عبر الحدود.

كما شهدت روسيا ارتفاعًا حادًا في معدلات التجنيد. وبحسب تقديرات أمريكية، يتوقع أن ينضم نحو 30 ألف جندي جديد شهريًا إلى الجيش الروسي، وهو ما يسمح بتدوير القوات المقاتلة في أوكرانيا وبناء وحدات جديدة داخل روسيا.

بالتوازي، تشهد المؤسسة العسكرية الروسية تحولا اجتماعيا، إذ يتم منح الجنود امتيازات سياسية واجتماعية جديدة، ما يحولهم إلى طبقة نخبوية جديدة داخل المجتمع الروسي.

استعراض قوة
وفي وقت لاحق من هذا العام، يتوقع أن تستعرض روسيا قوتها عبر مناورات "زاباد" السنوية، التي ستركز على تدريب القوات في المناطق الحدودية مع الناتو.

يرى المسؤولون العسكريون أن موسكو تهدف إلى إرسال رسالة واضحة وهي أنه رغم مساعي التهدئة، فإن روسيا تريد أن تؤخذ قوتها العسكرية على محمل الجد.

كما يشير محللون إلى أن روسيا، المستندة إلى تاريخها العسكري من الانتصار على نابليون ثم هزيمة النازيين، تسعى لإعادة رسم معالم الأمن الأوروبي عبر استعراض عضلاتها العسكرية.