نهال سلامة: بطولة مسلسل "الشرقي والغربي" مسؤولية تتطلب اجتهادا متواصلا

وكالة أنباء حضرموت

شهدت الدراما المغربية في رمضان 2025 حضورا متميزا مع ظهور وجوه جديدة، خاصة من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي. وبرز هؤلاء الشباب، المتمكنون من أدوات التعبير والتجسيد والتشخيص، كطاقات أضفت طابعا متجددا على الأعمال الدرامية، ومن بين هذه المواهب برزت نهال سلامة التي شاركت في مسلسل “الشرقي والغربي”، بدور عبلة، وهو عمل درامي عن عائلتين متنافستين.

وفي هذا السياق كان لـ”العرب” حوار مع الفنانة حول كواليس استقبالها أول عمل وأول دور بطولة، حيث أوضحت أن عبلة كانت شخصية مركزية تميّزت بالقوة والصمود أمام التحديات الكبيرة التي واجهتها منذ طفولتها. وبيّنت أن اسم عبلة حمل تناقضًا فريدًا، إذ عكس بساطة الشخصية وعمق معاناتها في آنٍ واحد، وجعلها محور الأحداث الدرامية. وأضافت أن قصة عبلة امتلكت طابعًا مؤثرًا جذب الجمهور وحفّزه على متابعة تطورات حياتها بشغف.

وكشفت الممثلة عن ظروف نشأة عبلة بعد أن تخلّى عنها والداها، فأشارت إلى أن عبلة وجدت نفسها تحت رعاية خالتها وجدها ضمن عائلة والدتها، لكنها أكّدت أن هذه العائلة لم تكن المأوى الدافئ الذي احتاجته طفلة في ظروفها، وأوضحت أن والدتها، بعد فترة قصيرة من تخلّي والدها، تخلّت عنها بدورها، تاركة إياها لتعيش في بيت خالتها مليكة. وذكرت أن مليكة تولّت تربية عبلة إلى جانب أبناء آخرين، من بينهم ابنة خالها وابن خالها، في بيئة لم تخلُ من التوترات والصراعات النفسية التي أثّرت على حياة الجميع.

عبلة في "الشرقي والغربي" كانت شخصية مركزية تميّزت بالقوة والصمود أمام التحديات الكبيرة التي واجهتها منذ طفولتها

وتحدثت الممثلة عن العلاقة بين عبلة وابنة خالها سناء، فكشفت أن هذه العلاقة كانت وطيدة وعاطفية للغاية، متجاوزة حدود القرابة العائلية لتصبحا مثل أختين تربّتا معًا في بيت خالتهما مليكة وجدهما، حيث شاركتا أفراحهما وأحزانهما، ونوّهت إلى أن هذه الصداقة العميقة جعلتهما سندا لبعضهما البعض، خاصة بعد أن فقدت سناء والديها في حادث مأساوي، وهو ما زاد من قوة الرابطة بينهما.

وتطرّقت إلى تأثير موت يعقوب على نهاية قصة عبلة، فأفصحت عن رأيها بأن هذا الحدث شكل ختامًا مناسبًا ومنسجمًا مع تسلسل الأحداث، وبيّنت أن موت يعقوب حمل رسالة رمزية مفادها أن لكل فعل عواقب، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وأنه أنهى بشكل رمزي طغيان عائلة الشرقي التي كانت في صراع مع عائلة عبلة، وزادت أن هذا الموت كان خسارة شخصية كبيرة لعبلة، التي أحبته، لكنه منح قصتها بعداً إنسانياً أعمق، عزز تأثيرها الدرامي.

وفسّرت الممثلة سبب اختيار عبلة للانتقام بدلاً من نسيان ماضيها، فأوضحت أن عبلة كانت تمثل الضمير الحي الذي يرفض السكوت على الظلم، وألمحت إلى أن قرار عبلة الانتقام جاء من قوتها الداخلية ورغبتها في استعادة العدالة، ليس فقط لنفسها، بل لكل من عانى بسبب الأخطاء الماضية. وأكّدت أن هذا الاختيار عكس شخصية عبلة كمناضلة لا تستطيع تجاهل الحق أو التغاضي عن معاناة عائلتها.

وركزت الممثلة المغربية على العوامل التي ساعدت عبلة على تحمل معاناتها مع عائلتها، فكشفت أن عبلة تمتعت بقوة داخلية وأمل دائم في السعادة، رغم الظروف القاسية. وأوضحت أن حلم عبلة ببناء عائلة لم تتح لها في طفولتها كان دافعًا رئيسيًا لها، وزادت أن حبها العميق لعائلتها، على الرغم من التخلي والألم، إلى جانب دعم جدها كمصدر إلهام، ساعدها على الصمود والسعي نحو تحقيق أحلامها.

أطمح إلى تطوير موهبتي من خلال تجارب متنوعة في المسرح والسينما وكذلك التلفزيون وترك بصمة مميزة في الفن

وتحدّثت عن استعدادها لتصوير مشهد الاغتصاب في المسلسل، فأفصحت أنها حاولت استيعاب مشاعر الضحايا من خلال تخيل هذه التجربة المؤلمة وبيّنت أنها أجرت بحثًا عبر محرك البحث غوغل لفهم الجوانب النفسية والعاطفية المرتبطة بهذه الصدمات، وسعت لتجسيد مشاعر عبلة بصدق، وألمحت إلى أن دعم طاقم العمل، من مخرج وممثلين، كان له دور كبير في مساعدتها على تقديم المشهد بحساسية وأمانة فنية.

أما عن مشاعرها عند اختيارها لتجسيد شخصية عبلة في أول عمل فني لها، فقالت إنها شعرت بفرح عارم ممزوج بشيء من القلق، ونوّهت بأن الفرح نابع من جمال الدور نفسه، الذي تميّز بسيناريو مكتوب بعناية فائقة وشخصية درامية غنية بالأبعاد الإنسانية، وأن العمل مع طاقم يضم ممثلين محترفين ونجومًا لهم تاريخ عريق في الشاشة المغربية عزّز حماسها وسعادتها بهذه الفرصة لكنها كشفت عن شعور بالخوف أيضًا، إذ جعلها ثقل الدور وأهميته تشعر بمسؤولية كبيرة، خاصة وأنها وقفت لأول مرة أمام نجوم يمتلكون خبرة طويلة، وألمحت إلى خشيتها في البداية من عدم الوفاء بتوقعات الجمهور والمخرج، لكنها أكّدت أن هذا التحدي دفعها إلى تقديم أفضل ما لديها.

وعن بداية رحلتها الأكاديمية في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، قالت إنها التحقت بالمعهد في العام الدراسي 2021 – 2022 بعد حصولها على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) وبيّنت أنها الآن طالبة في السنة الرابعة، تخصص تشخيص، واصفة هذه المرحلة بأنها حاسمة في مسيرتها، إذ صقلت مهاراتها التمثيلية بشكل كبير، وأضافت أن الدروس والتدريبات التي تلقتها في المعهد مكّنتها من تجسيد شخصيات درامية معقدة مثل عبلة بثقة واحترافية.

وعبّرت الممثلة عن طموحاتها بعد تجربة “الشرقي والغربي”، فأكّدت أن هذا المسلسل شكل انطلاقة قوية وعلمها الكثير عن التمثيل وإدارة التحديات، وأنها تطمح لمواصلة تطوير موهبتها من خلال تجارب متنوعة في المسرح الذي تعشقه والسينما التي تأمل خوضها، وكذلك التلفزيون. وأوضحت أنها تسعى لترك بصمة مميزة في عالم الفن من خلال أدوار تعبر عن شغفها وقدراتها الفنية.

وعرض مسلسل “الشرقي والغربي” خلال شهر رمضان 2025 صورة حية للتناقضات الطبقية داخل المجتمع المغربي، فركز على الفوارق بين العائلات الفقيرة والثرية، وتناول صراعات الأجيال وقضايا نفسية واجتماعية في القرى، وجسد العمل هذه القضايا بأداء تمثيلي متميز من فريق الممثلين، رغم وقوع السيناريو في بعض المبالغات التي أثرت على واقعية بعض المشاهد، وأبرز المسلسل تأثير العادات والتقاليد في تشكيل العلاقات، كرفض علاقة حب بسبب اختلاف الطبقات، وقضايا الميراث والزواج التقليدي الشائعة في المجتمع المغربي.

وركزت أحداث المسلسل على صراع العائلتين، إذ تصادمت مصالحهما الاجتماعية واشتدت التوترات بين أفرادهما، وأظهر العمل كيف تتحكم العائلة في قرارات أفرادها، خاصة في مسائل الزواج والميراث، معالجًا نفوذ العائلة كمصدر أساسي للسيطرة في المجتمع التقليدي. وقدم الممثلون الشباب، مثل نهال سلامة وأشرف مسياح، أداءً احترافيًا، فجسدوا شخصياتهم بإقناع، مضيفين عمقًا للصراعات الدرامية، رغم بعض المشاهد المبالغ فيها مثل تصوير تجارة الكوكايين كمصدر ثروة لعائلة الشرقي، التي بدت بعيدة عن واقع القرى المغربية.

وكشفت الحلقات عن التفاوت الاقتصادي والفساد الإداري كجزء من التوتر الاجتماعي، فأبرزت نفوذ الأثرياء ومعاناة الفقراء لتأمين احتياجاتهم الأساسية، كما مع شخصية مليكة الغربي، وتناول المسلسل قضايا حساسة مثل الفساد من خلال علاقة عميد الشرطة بالأموال غير المشروعة، كاشفًا عن هشاشة السلطة أمام المال، وعكست الشخصيات، مثل عبلة وخدوج، صراعات نفسية واجتماعية ناتجة عن ضغوط المجتمع، إذ حاولت عبلة مواجهة تداعيات مشهد اغتصاب مقحم، بينما سعت خدوج لتحديد هويتها وسط توقعات العائلة، وهو ما أضفى بعدا إنسانيا على العمل.