سليمان عيد يرحل تاركا تاريخا كوميديا لا ينساه محبوه

وكالة أنباء حضرموت

 ودع الوسط الفني الفنان سليمان عيد، الذي توفي الجمعة إثر أزمة قلبية مفاجئة. وجاء خبر رحيله صادما لأغلب زملائه ومحبيه، وهو الذي يعد واحدا من أبرز نجوم الكوميديا في مصر والوطن العربي، وعرفه الجمهور بتلقائيته وأدائه البسيط ومشاركاته العديدة إلى جانب كبار الممثلين المصريين لعل أبرزهم الزعيم عادل إمام.

ووصفته الصحافة المصرية بأنه صاحب حضور فريد وقدرة كبيرة على الإضحاك حتى في أصغر الأدوار التي قدمها، وجعل من "الإفيه" علامة مسجلة باسمه.

وُلد الفنان الراحل في 17 أكتوبر عام 1961، وبدأت علاقته بالفن منذ صغره، حيث كان يشارك في الأفراح الشعبية بغناء مونولوغات للفنان الراحل إسماعيل ياسين، مما ساعده على اكتشاف موهبته في الكوميديا. وأثناء دراسته في كلية التجارة بجامعة القاهرة، انضم إلى المسرح الجامعي، ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ليبدأ مشواره الفني بشكل رسمي في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي.

في بداية مسيرته، شارك في مسرحيات مثل “جحا يحكم المدينة” مع الراحل سمير غانم، و”برلمان الستات”، و”التشريفة”، و”فارس بني خيبان”، و”سبع صنايع”. ثم اختارته المخرجة إنعام محمد علي لأداء دور في سهرة تلفزيونية، رغم ارتباكه الشديد أثناء التصوير.

وكانت انطلاقته الحقيقية والأكبر عام 1992 من خلال مشاركته في فيلم “الإرهاب والكباب” مع عادل إمام، عندما قدّم دورًا كوميديًا لافتًا، بتجسيد شخصية “العسكري في المجمع” الذي يعمل في مجمع التحرير. تتميز شخصيته بالبساطة والطيبة، حيث يشارك في الأحداث بشكل غير متوقع، مما يضيف بُعدًا إنسانيًا وواقعيًا للفيلم. ​

ومثّل هذا الفيلم محطة فارقة في مسيرته، ليشارك بعدها في عدد كبير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية التي رسخت حضوره على الساحة الفنية.

خلال مشواره الفني، برع سليمان عيد في تقديم أدوار متنوعة، ما بين الكوميديا والدراما، وشارك في أفلام شهيرة مثل “طيور الظلام”، و”النوم في العسل”، و”همام في أمستردام”، بالإضافة إلى عشرات المسلسلات والبرامج التليفزيونية، وامتد رصيده الفني إلى أكثر من 150 عملًا شمل المسرح والسينما والتليفزيون، ليظل اسمه حاضرًا في ذاكرة الفن المصري.

وحصل عيد على عدة جوائز تقديرًا لموهبته الكوميدية، منها:​ أفضل ممثل كوميدي عن دوره في فيلم “خليك في حالك” عام 2002، وجائزة أفضل ممثل كوميدي عن دوره في مسلسل “ماما في القسم” عام 2006، وجائزة أفضل ممثل كوميدي عن دوره في فيلم “حرب أطاليا” عام 2005، وجائزة أفضل ممثل كوميدي عن دوره في مسلسل “البرنسيسة بيسة” عام 2019. ​

كما حقق شهرة وانتشارا كبيرا منذ نحو عامين، بعد نشره فيديوهات على موقع تيك توك تجمعه بالنجم المصري كريم محمود عبدالعزيز، وحققت ملايين المشاهدات، وأظهرت تناغما كبيرا بين جيلين مختلفين من الكوميديين.

آخر ظهور فني للفنان الراحل على الشاشة كان من خلال فيلمه الجديد "فار بـ7 رواح"

كما اجتمع النجمان في أعمال تلفزيونية منها مسلسل «رجالة البيت» سنة 2020 الذي كان نقطة التحول في مشوارهما الفني المشترك، حيث قدما معًا ثنائيا كوميديا خفيفا أظهر موهبة كل واحد منهما. لاحقًا، في فيلم الأكشن «موسى»، أضافت مشاهدهما معًا لمسة ساخرة خفيفة، بينما عاد الثنائي ليتألق في مسلسل «البيت بيتي»، الذي أثبت أن بينهما كيمياء فنية، وكان الجمهور ينتظر مشاهدهما بشغف، ويردد نكاتهما في مواقع التواصل الاجتماعي.

ونعى الفنان الراحل العديد من زملائه والعاملين في الوسط الفني والصحفي والنقدي، وكتب الصحافي والناقد معتمد عبدالغني، “رحل الفنان سليمان عيد بصمت، لكنه ترك خلفه صدىً كبيرًا في قلوب محبيه وزملائه، وملفًا مفتوحًا عن موهبة لم تنل حقها كما يجب، هو واحد من أولئك الفنانين الذين لامسوا وجدان الجمهور بأدوار صغيرة، لكنها كانت تنبض بالصدق والعفوية.”

ورأى الناقد أن “سليمان لم يكن مجرد ‘صانع إفيهات’ عابر، بل كان حالة فنية عميقة، سُجنت طويلًا داخل قالب ‘الكوميديان الطيب’، فيما كانت موهبته الحقيقية تتوق للخروج، للشر، للدراما، للتراجيديا، لأي مساحة تتيح له إثبات أنه ليس مجرد مضحك فقط، بل فنان قادر على التحوّل لأي شخصية تسند إليه.”

وأشاد الناقد طارق الشناوي بموهبة الراحل، واصفًا إياه بـ”كوميديان فطري ترك بصمة في كل المساحات التي أُتيحت له رغم أنه لم يعرف البطولة على الشاشات والمسارح بمعناها المتعارف عليه ولكنه كان بطلا في القلوب التي أحبته وكانت معه ع الموجة تمامًا.”

وكتب الشناوي، «سليمان عيد.. الإبداع حتى آخر خفقة قلب، آخر أفلامه المعروض حاليًا هو فيلم ‘فار بسبع أرواح’ وكان يؤدي فيه دور رجل ميت، سليمان عيد كوميديان فطري يذكرك بجيل عمالقة الأربعينيات والخمسينيات زينات صدقي وعبدالفتاح القصري وعبدالسلام النابلسي، وصولا إلى المنتصر بالله ولطفي لبيب.”

وكان آخر ظهور فني للفنان الراحل على الشاشة من خلال فيلمه الجديد “فار بـ7 رواح”، الذي يُعرض حاليًا في دور العرض المصري ضمن موسم أفلام عيد الفطر 2025، حيث قدم عيد دور جثة تدور حولها أحداث الفيلم بشكل ساخر ومختلف.