عمر مرموش بين مطرقة صلاح وسندان رياض محرز
إذا كانت هناك نصيحة يمكن توجيهها للنجم المصري عمر مرموش المنضم حديثا لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي، فليس أفضل من الحكمة الفرعونية التي سجلها الدكتور سيد كريم في كتابه “الحكم والأمثال في الأدب الفرعوني” وتقول “لا تمشِ بحذاء غيرك حتى لا تتعثر خطواتك فتقع وتنكشف حقيقتك.”
يحتاج الفرعون المصري الجديد لتطبيق هذه الحكمة في بداية تجربته في الدوري الإنجليزي الممتاز، للتركيز في مشواره الخاص وعدم الالتفات للمقارنات المجنونة التي وضعته في مواجهة مواطنه المتألق مع ليفربول محمد صلاح أو سلفه في مانشستر سيتي النجم الجزائري رياض محرز، وحتى مع تجارب العديد من اللاعبين المصريين الذي سبق لهم الاحتراف في إنجلترا ولم يكتب لهم النجاح أو الاستمرارية.
أبدع عمر مرموش في الدوري الألماني مع أينتراخت فرانكفورت خلال النصف الأول من الموسم الحالي، ما جعل انتقاله إلى فريق السيتي خطوة منطقية في ظل تنافس أكثر من ناد إنجليزي على ضمه، لكنه سيجد نفسه طرفا في مقارنات غير منطقية منذ يومه الأول في ناديه مع فراعنة آخرين لعبوا في الدوري الإنجليزي الممتاز، ومطالبته بالسير على خطى محمد صلاح صاحب التجربة الأنصع بين اللاعبين المصريين المحترفين، أو تحذيره من الوقوع في فخ الفشل مثل عشرات المحترفين الذين لم يطل بهم المقام في الدوري الإنجليزي رغم بدايتهم المتألقة مثل عمرو زكي وأحمد حسام ميدو ومحمود تريزيغيه، أو بقوا لفترات طويلة دون أن يتركوا أثرا ملفتا مثل محمد النني لاعب أرسنال وأحمد المحمدي لاعب أستون فيلا.
وفي محاولة لمقاومة إغراء المقارنات التي يغرم بها المصريون والعرب، طلب محمد صلاح عدم مقارنة مرموش وتجربته الاحترافية بتجربته، لأن ذلك من شأنه وضع ضغوط إضافية على زميله في المنتخب المصري، وهو لا يزال في بداية مسيرته في الدوري الإنجليزي الصعب.
ويبدو أن المحاولات التي تبذل لتجنيب مرموش الضغط النفسي لن يكتب لها النجاح، لأن جنون المقارنات لن يتوقف فقط عند المفاضلة بينه وبين مواطنه المتألق محمد صلاح، وإنما امتد ليصبح سجالا وطنيا بين المصريين والجزائريين، الذين أدخلوا الفرعون الجديد في مقارنات فورية مع النجم رياض محرز جناح مانشستر سيتي السابق الذي حصد مع “السيتيزنز” أهم لقب للفريق.
تشابه واختلاف
كانت البداية من مصر حيث خرج الإعلامي أحمد شوبير بعنوان مثير في برنامجه المقدم على قناة الأهلي يقول فيه إن مرموش حطم رقم محرز مع السيتي، في إشارة إلى أن قيمة انتقال اللاعب المصري تجاوزت قيمة انتقال الجزائري من ليستر سيتي عام 2018 والتي بلغت 67 مليون يورو، ورد عليه المعلق الجزائري حفيظ دراجي بالقول إنه من غير المنطقي مقارنة مرموش وهو لا يزال في بداية مسيرته مع السيتي مع محرز الذي حقق إنجازات عديدة بقميص الفريق السماوي.
ورغم أن اللاعب نفسه حرص في كل تصريحاته على إبعاد نفسه عن المقارنة سواء مع صلاح أو محرز، واعتبر أن الأول أيقونة مصرية يصعب تكرار ما حققه في مسيرته الاحترافية، بينما تمنى أن يكمل إنجازات الثاني مع مانشستر سيتي.
وتوج النجم المصري نفسه ملكا متفردا في الدوري الألماني بعدما سجل 20 هدفا وقدم 14 تمريرة حاسمة مع فريقه السابق أينتراخت فرانكفورت في مختلف المسابقات في النصف الأول من الموسم الحالي، فضلا عن أنه قدم هدية استثمارية ضخمة لفريقه بعدما حصل أينتراخت على 75 مليون يورو قيمة انتقال لاعبه بخلاف 5 ملايين أخرى متغيرات علما بأن النادي ضم مرموش في صفقة مجانية في بداية الموسم الماضي.
بعيدا عن مقارنة الإحصائيات والمهارات يملك كلا من صلاح ومرموش العديد من الأشياء المشتركة مقابل القليل من الاختلافات، التي تبرز فيها الظروف الاجتماعية التي نشأ فيها كلا منهما، حيث ينتمي مرموش إلى أسرة تنتمي للطبقة المتوسطة العليا في مصر، يعمل والده في تكنولوجيا الاتصالات وتعمل والدته مدرسة في مدرسة دولية.
وتعيش الأسرة في منطقة المعادي الراقية التي تنتشر فيها الجاليات الأجنبية المقيمة في مصر، كما أنها أقامت عدة سنوات في كندا سمحت للوالدين والأبناء ومنهم عمر نفسه بالحصول على الجنسية الكندية، وهي ثقافة اعتادت عليها معظم الأسر المصرية الميسورة لمنح أولادها جنسيات غربية تسهل عليهم السفر والعمل في الخارج حين يكبرون، كما تسمح للأبناء الذكور التقدم بطلب للإعفاء من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية.
صعوبات ومطبات
كما أن مرموش نفسه تلقى تعليمه في مدرسة دولية ما ساعده على اتقان اللغة الإنجليزية في سنة مبكرة، والتحق بعالم كرة القدم عبر بوابة نادي وادي دجلة وهو ناد استثماري يملكه رجل الأعمال ماجد سامي، ويكلف الحصول على عضويته عشرات آلاف الجنيهات، بينما صلاح في المقابل نشأ في أسرة بسيطة تسكن في قرية نجريج المجهولة في محافظة الغربية إحدى محافظات الدلتا المصرية، تلقى تعليمه الأساسي في مدارس حكومية واضطر للتوقف بعد حصوله على شهادة متوسطة من أجل التفرغ للعب الكرة، بعدما التحق بتدريبات فريق المقاولون العرب، وكان عليه أن يسافر لمدة تزيد عن 4 ساعات يوميا من قريته إلى النادي والعكس لكي يحضر التدريبات ثم يعود إلى منزله لأن ظروف أسرته المادية لم تكن تسمح باستئجار سكن له في القاهرة بجوار النادي.
مع أن الخلفية الاجتماعية للنجمين مختلفة تماما إلا أن أوجه التشابه بينهما كثيرة، أولها أن كلا منهما لم يلعب في الأهلي أو الزمالك الناديين الأكثر جماهيرية في مصر، واللذين لم يقدما محترفا واحدا ناجحا استمر لفترة طويلة في تجربته الاحترافية.
كما أن صلاح ومرموش واجها عقبات صعبة في بداية مشوارهما الاحترافي كانت كفيلة بالنيل من عزيمتهما ودفعهما للعودة إلى مصر سريعا مثلما يفعل عادة معظم المحترفين المصريين الآخرين خصوصا ممن ينتمون للأهلي مثل رمضان صبحي وحسام غالي وأحمد فتحي وأحمد حجازي، أو للزمالك، مثل شيكابالا وعمرو زكي.
فقد سافر النجمان للاحتراف في أوروبا في سن صغيرة نسبيا وكلا منهما سافر بمفرده دون أسرته التي اعتاد على العيش وسطها، كما أن صلاح الذي لمع نجمه بشكل سريع مع بازل السويسري وجد صعوبات جمة بعد انتقاله إلى تشيلسي الإنجليزي، ولم يعتمد عليه مدرب الفريق وقتها، البرتغالي جوزيه مورينيو، لكنه بدلا من الاستسلام لليأس قرر الخروج معارا إلى فيورنتينا الإيطالي ومنه إلى روما حيث عبر عن إمكانياته الكروية الكبيرة، وعاد إلى الدوري الإنجليزي مجددا من بوابة ليفربول ليصبح أحد جلادي تشيلسي بأهدافه وتمريراته الحاسمة في مرماه.
أما مرموش فقد واجه كما قال في لقائه التليفزيوني الوحيد عبر برنامج “صاحبة السعادة” صعوبة في إقناع مدرب فريق الرديف في فولفسبورغ بقدراته، ولم يكن يشركه مع الفريق، ليس فقط في المباريات وإنما حتى في تدريبات الكرة، وبدلا من ذلك كان يجبره على القيام بتمارين الجري حول الملعب ويكتفي بمشاهدة زملائه يقومون بالتدريب الجماعي على الكرة، واستمرت هذه الفترة الصعبة لمدة عام ونصف العام، لكن ذلك لم يفت في عضده أو يدفعه للتفكير في العودة السريعة إلى بلده، وإنما على العكس أكسبه قوة تحد أكبر لإثبات قدراته.
بعيدا عن مقارنة الإحصائيات يملك كل من صلاح ومرموش العديد من الأشياء المشتركة مقابل القليل من الاختلافات
وبعكس صلاح واجه مرموش موقفا صعبا مع مدرب المنتخب الأوليمبي المصري السابق شوقي غريب، الذي رفض استدعاءه للمشاركة في أولمبياد طوكيو عام 2021 بسبب عدم اقتناعه بإمكانياته، وكان أن يستمر تجاهله في المنتخب الأول لولا البرتغالي كارلوس كيروش الذي تولى تدريب المنتخب لعدة أشهر وأصر على استدعائه ليشارك في تصفيات مونديال 2022 ويتألق لافتا الأنظار إليه، وتحول إلى عنصر أساسي في تشكيلة الفراعنة منذ ذلك الوقت.
يتشابه النجمان أيضا في تفصيلة طريفة تتمثل في عشقهما لتناول الكشري أحد أشهر الأطباق الشعبية في مصر، وهي مفارقة لا تخلو من غرابة بحكم اختلاف البيئة الاجتماعية والمادية لكل منهما، وبحكم أن وجبة الكشري اصطلح على اعتبارها وجبة الفقراء في مصر انطلاقا من كمية النشويات المكثفة فيها من أرز ومكرونة وعدس بخلاف الصلصة الحارة، التي تجعلها مثالية لسد الجوع والشعور بالامتلاء لساعات طويلة.
بينما لا تحظى الوجبة بنفس الشعبية بين أفراد الطبقة المتوسطة العليا، وقد دفع غرام النجمين بالكشري المصريين للتندر على الموضوع، وفي إحداها يظهر رجل ميسور وهو يجبر أولاده على تناول الكشري يوميا على غير العادة، أملا في أن يساعدهم ذلك على الاحتراف الأوروبي والنجاح فيه مثل صلاح ومرموش، ظنا أن سر التألق الكروي يكمن في مكونات الوجبة وليس في العمل والمثابرة بجانب الموهبة الربانية.
منافسة شرسة
ينتظر مشجعو كرة القدم قمة الدوري الإنجليزي الممتاز بين مانشستر سيتي وليفربول، والتي من المخطط لها في 23 فبراير المقبل، والتي قد تكون حاسمة لتحديد لقب اللقب هذا الموسم. سترتدي المواجهة شخصية خاصة لأنها ستشهد أول مواجهة مصرية بين محمد صلاح، ونجم ليفربول، وعمر مارموش، الوافد الجديد في مانشستر سيتي. يعاني الفريقان من جدول زمني مزدحم قبل المواجهة القادمة، حيث سيلعب مانشستر سيتي خمس مباريات حاسمة.
سوف يلعب أيضا في الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الاتحاد الإنجليزي، مما يزيد من نضوب لاعبيه قبل اجتماع ليفربول. من ناحية أخرى، يلعب ليفربول نفس العدد من الألعاب، ولكن لديها ميزة نسبية، حيث ستستريح قبل أسبوع من مواجهة المدينة، بينما سيدخل الأخير الاجتماع بعد مواجهة أوروبية قوية. يتصدر النجم المصري محمد صلاح، مهاجم فريق ليفربول الإنجليزي، ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث سجل هدفًا جديدًا في آخر مباراة له مع ليفربول ليصل إلى 19 هدفًا في المسابقة، معززًا صدارته لسباق الحذاء الذهبي الأوروبي برصيد 38 نقطة.
رغم المنافسة القوية من أبرز اللاعبين في الدوريات الأوروبية، يتفوق صلاح بفارق نقطتين عن النرويجي إيرلينغ هالاند، الذي سجل 18 هدفًا مع مانشستر سيتي. وفي الدوري الإسباني، عاد روبرت ليفاندوفسكي للتسجيل بعد غياب دام ثلاث مباريات، حيث أحرز هدفا في فوز برشلونة الكبير على فالنسيا (7-1)، ليصل إلى 17 هدفا في الليغا ويحتل المركز الثالث في سباق الحذاء الذهبي برصيد 34 نقطة. من ناحية أخرى، برز المهاجم المصري عمر مرموش كأحد أبرز الاكتشافات هذا الموسم، حيث سجل 15 هدفًا حتى الآن مع أينتراخت فرانكفورت، ليحتل مكانًا ضمن العشرة الأوائل في سباق الحذاء الذهبي ويظهر كمنافس قوي على المراكز المتقدمة.