استبدال العملة يؤجج الغضب الشعبي في السودان

وكالة أنباء حضرموت

 انتقد الكثير من السودانيين قرار حكومة الأمر الواقع في بورتسودان اصدار أوراق نقدية جديدة ومطالبة السكان بإيداع ما لديهم من الأوراق النقدية القديمة للمصارف بينما لم تتخذ إجراءات واقعية ومناسبة في اجال تسمح بذلك، ما يفاقم الوضع المعيشي المتدهور أصلا وما يغذي الأزمة الإنسانية، في حين تظاهر العشرات رفضا لقرار وللمطالبة بتمديد أجال استبدال ما لديهم بالأوراق النقدية الجديدة.

وفي حين بررت الحكومة القرار بزيادة جلب الأموال من مجتمع لا يتعامل مع البنوك إلى حد كبير، إلى داخل النظام المصرفي وحرمان قوات الدعم السريع من التدفقات المالية، رأى البعض أن القرار يهدف إلى ضخ أموال لآلة الحرب ودعم الجيش السوداني.

وقال وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم إن اتجاه الحكومة السودانية لإصدار أوراق نقدية بشكل جديد وإلزام الناس بفتح حسابات بنكية عزز الودائع المصرفية وكذلك جهود مواصلة الحرب التي يبذلها الجيش، بينما قال البعض إن القرارات حجبت ملايين السكان عن النظام المالي.

وتسبب الصراع المستمر منذ عامين بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في دمار الاقتصاد، إذ فقدت العملة ثلاثة أرباع قيمتها ويواجه نصف السكان شبح الجوع.

وعلى عكس عمليات تبادل العملات السابقة، فمن أجل الحصول على الأوراق النقدية الجديدة من فئة 500 جنيه سوداني (0.20 دولار) وألف جنيه سوداني (0.50 دولار) أصبح على الناس إيداع أموالهم القديمة في أحد البنوك على أن يسمح لهم بعدها بسحب مبالغ محددة يوميا فقط، وهو ما ساهم في جلب الأموال من مجتمع لا يتعامل مع البنوك إلى حد كبير إلى داخل النظام المصرفي.

وقال إبراهيم إن المبادرة التي أطلقت في ديسمبر الماضي بهدف واضح يتمثل في جعل الأموال التي تقول حكومة الأمر الواقع إن قوات الدعم السريع نهبتها بلا قيمة ناجحة، لكنه لم يذكر قيمة الودائع التي دخلت النظام المصرفي.

وأضاف إبراهيم لرويترز في مقابلة هذا الأسبوع "فعلا النظام المصرفي استفاد من تبديل العملة... وبالتالي المصارف صار عندها مخزون كبير من الودايع اللي بيعينها في النهاية في صناعة المال وتمويل المشروعات وبالتأكيد دا بيساعد النظام المصرفي ولما بيساعد النظام المصرفي بيساعد الدولة في تمويل مشروعات سواء كان في المجهود الحربي وغير الحربي ومشروعات إنتاجية".

وتأتي هذه الخطوة بينما تكافح الحكومة المتحالفة مع الجيش لدفع الرواتب وتمويل السلع الأساسية مثل الأدوية ولم تجد سبيلا لذلك إلا بما يعتبروه البعض محاولات التفافية لجمع المال من جيوب المواطنين المنهكين عبر اصدار أوراق نقدية جديدة.

وقال جبريل إن البلاد أنتجت 64 طنا من الذهب العام الماضي وصدرت رسميا حوالي نصفها، مما يعني أن نسبة الذهب المنهوب في المناطق التي يسيطر عليها الجيش قد انخفضت.

وذكر مصدر في البنك المركزي السوداني أن الأوراق النقدية الجديدة طبعت في روسيا، وهي واحدة من عدة قوى أجنبية تدخلت على الجانبين.

ويقول منتقدون إن القرار تسبب في إقصاء ملايين من السكان، الذين لا يزالون في حوالي نصف البلاد الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع، عن القطاع المالي وجعل مدخراتهم عديمة الفائدة، مما يؤدي فعليا إلى تقسيم البلاد.

وتقول قوات الدعم السريع إن هذه الخطوة غير قانونية ودفعت بها كأحد أسباب تشكيل حكومة موازية في الأراضي التي تسيطر عليها.

ويقول سكان المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع إنهم يستخدمون الأوراق النقدية القديمة بالإضافة للتحويلات الإلكترونية والدولار بل ويستخدمون الريال التشادي في بعض الأماكن.

ولكن حتى في بورتسودان، عاصمة الجيش في زمن الحرب، اعترض بعض السكان على الأوراق النقدية الجديدة.

وذكر تجار أن هذه العملية أضعفت المبيعات لأن الكثيرين لا يزالون يفتقرون للأوراق الرسمية اللازمة لفتح حساب مصرفي بينما لا يمتلك كثيرون هواتف ذكية لتنفيذ عمليات التحويل النقدي عبر الإنترنت.

وقال بائع السمك علي منيب إن كل رأس ماله سيكون مودعا في البنك وعندما يحتاج إلى نقود في المستقبل فلن يستطيع الحصول عليها وقد يقضي يوما كاملا للحصول على 50 ألف جنيه (20 دولارا) أو 100 ألف جنيه (40 دولارا).