لوبان يرحل ولكن ليس قبل أن يرى نظرته العنصرية تجاه الأجانب تتجسد

وكالة أنباء حضرموت

 رحل جان ماري لوبان، الشخصية التاريخية لليمين المتطرّف الفرنسي، الثلاثاء عن عمر يناهز 96 عاما، بعد أن شهد نظرته العنصرية تجاه الأجانب تتجسد على أرض الواقع عقب فوز اليمين بالانتخابات ووصوله إلى السلطة في أكثر من بلد أوروبي وزيادة التضييقات التي تستهدف المهاجرين.

وقالت عائلته في بيان إنّ “جان ماري لوبان توفي ظهر الثلاثاء، محاطا بأفراد الأسرة.”

وأعلن قصر الإليزيه في بيان أن لوبان كان “شخصية تاريخية لليمين المتطرف” الفرنسي، وأصبح “دوره في الحياة العامة لبلادنا منذ نحو سبعين عاما… جزءا من التاريخ.”

وكانت ابنته مارين لوبان على متن طائرة ظهر الثلاثاء عائدة إلى باريس من أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي الذي زارته تضامنا بعد مرور الإعصار تشيدو المدمر.

وانسحب مؤسس الجبهة الوطنية، التي سُميت في ما بعد التجمع الوطني، تدريجيا من الحياة السياسية اعتبارا من عام 2011، عندما تولت ابنته مارين لوبان رئاسة الحزب.

السياسي الراحل كان قوميا صريحا وشديد الانتقاد للاتحاد الأوروبي الذي اعتبره مشروعا يغتصب السلطات الوطنية للدول

وضعفت حالة جان ماري لوبان الصحية بعد تعرضها لعدة انتكاسات، وفي يونيو الماضي كشف تقرير طبي “تدهورا كبيرا” في حالته الجسدية والنفسية صار معه عاجزا عن “الحضور” أو “التحضير لدفاعه” في قضية مساعدي نواب الجبهة الوطنية الأوروبيين التي جرت في باريس بين سبتمبر ونوفمبر.

وكان جان ماري لوبان خطيبا مفوَّها ومحرضا مثيرا للجدل في قضايا الهجرة واليهود، والأب الروحي الذي واجه منغصات بسبب المقربين منه، لكنه نجح في إخراج اليمين المتطرف الفرنسي من التهميش.

وأصاب لوبان العالم بالصدمة حين وصل إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2002، قبل أن يفوز عليه جاك شيراك بأغلبية ساحقة بعدما قرر الناخبون دعم محافظ من الأحزاب الرئيسية بدلا من جلب اليمين المتطرف إلى السلطة لأول مرة منذ أن حكم المتعاونون مع النازيين البلاد في أربعينات القرن العشرين.

وكان السياسي الراحل قوميا صريحا وشديد الانتقاد للاتحاد الأوروبي الذي اعتبره مشروعا يغتصب السلطات الوطنية للدول، واستغل نوع الاستياء الذي دفع بريطانيا إلى التصويت لصالح الخروج من التكتل.

وصاحب الجدل لوبان دوما، فقد طاردت اتهامات العنصرية الجبهة الوطنية منذ أن شارك في تأسيس الحزب عام 1972. وفي عام 2016 أدانه القضاء الفرنسي لآخر مرة وفرض عليه غرامة بعد أن وصف غرف الغاز النازية بأنها “مجرد تفصيلة” من تاريخ الحرب العالمية الثانية، مكررا تصريحات تسببت في إدانته أكثر من مرة في الماضي. واعتبر القضاء ذلك إنكارا لجرائم حرب.

وبعد مرور 22 عاما على مغامرة لوبان بالوصول إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، فاز حزب التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية، لكن قرار حل البرلمان الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون منح مارين لوبان إمكانية انضمام اليمين المتطرف إلى السلطة، وهو حلم ظن أنه تحقق أخيرا، لكنه تحطم على صخرة “الجبهة الجمهورية”.

كان جان ماري لوبان متزوجا من بيريت لالان، والدة بناته ماري كارولين ويان ومارين، ثم تزوج مجددا من جاني لوبان. ورأى سيباستيان شينو نائب رئيس الجبهة الوطنية أن “وفاة جان ماري لوبان تعني غياب شخصية وطنية عظيمة، (إنه) صاحب رؤية وشجاع.”

وحياه رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا لأنه “خدم فرنسا ودافع عن هويتها وسيادتها” عندما خدم ضمن الجيش الفرنسي في الهند الصينية والجزائر وعبر “عن صوت الشعب في الجمعية الوطنية والبرلمان الأوروبي.”

لكن زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلينشون كتب على منصة إكس “إن احترام كرامة الموتى وحزن أحبائهم لا يحجب الحق في الحكم على أفعالهم. تظل أفعال جان ماري لوبان غير مقبولة. لقد انتهت المعركة ضد ذاك الرجل. لكن المعركة مستمرة ضد الكراهية والعنصرية وكراهية الإسلام ومعاداة السامية التي روَّج لها.”

وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو إن “جان ماري لوبان -بعيدا عن الجدل الذي كان سلاحه المفضل والمواجهات حول الجوهر- عرفنا فيه شخصية المقاتل عندما واجهناه.”