ديموغرافية الجولان على المحك.. «حلم» إسرائيلي يواجه حقائق معقدة
بعد ساعات من الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد عبرت الدبابات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة في الجولان المحتل.
خطوات فسرتها إسرائيل بأنها مؤقتة لتأمين حدودها، إلا أنه بعد أيام، وافقت حكومتها على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقيمة 11 مليون دولار والتي تتضمن حوافز مالية لمضاعفة عدد المستوطنين الإسرائيليين في مرتفعات الجولان، التي استولت عليها منذ 1967.
ويعتبر المجتمع الدولي، الجولان أرضًا سورية محتلة وتدرج الأمم المتحدة المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة باعتبارها غير قانونية وفي 2019، أصبحت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي اعترفت بضم إسرائيل لتلك الأراضي.
وحاليا، يعيش في الجولان حوالي 50 ألف شخص، نصفهم تقريبًا من المستوطنين الإسرائيليين والنصف الآخر من العرب الدروز وهم أقلية دينية منتشرة بين سوريا ولبنان وإسرائيل ومرتفعات الجولان، بحسب وكالة «أسوشيتد برس»، التي قالت إن أنباء زيادة عدد المستوطنين قوبلت بمزيج من التشكك والإثارة والصدمة.
بول هيشت، (42 عامًا) والذي عاش في الجولان طوال حياته تقريبًا، استقبل هذه الأخبار بـ"مشاعر مختلطة" قائلا: "لأكون صادقًا، أنا أحب مرتفعات الجولان كما هي.. أخشى نوعًا ما أن يكون المكان مكتظًا بالسكان، لكن في نفس الوقت، بالطبع، أريد أن يتقدم المكان".
وأوضح هيشت أن عامل الجذب للمنطقة هو أسلوب الحياة الريفي والمساحات المفتوحة والجبال، مشيرًا إلى أن مضاعفة عدد السكان "تبدو متطرفة بعض الشيء" خاصة إذا تمت في إطار زمني قصير.
محاولات «فاشلة»
كانت محاولات الحكومة السابقة لجذب المزيد من المستوطنين لم تحقق نجاحًا كبيرًا وهو ما يرجع جزئيًا إلى نقص فرص العمل وبعدها عن المدن الكبرى.
كما أن جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فشلت هي الأخرى في جذب المستوطنين، وكانت الخطوة التي حظيت بتغطية إعلامية جيدة في 2019 لتسمية مستوطنة في الجولان باسم وزير الدفاع الأمريكي آنذاك.
لكن هيشت أعرب عن اعتقاده بأن المزيد من الإسرائيليين قد ينجذبون إلى الحياة في الجولان بعد سقوط الأسد.
ومن بين الإسرائيليين الذين يفكرون في الانتقال إلى الجولان، شلومو بنهايم (60 عامًا) الذي قال خلال رحلة ليوم واحد مع زوجته إلى عين زيفان، وهو كيبوتس يبعد حوالي كيلومترين عن المنطقة العازلة السورية "إنه حلمي. إذا حققته، فمن يدري".
وعين زيفان هو أحد أقدم الكيبوتسات التي يعود تاريخها إلى أواخر الستينيات، ويبلغ عدد سكانه اليوم 500 نسمة.
وأضاف بنهايم: "أنا أحب الجولان.. إنها منطقة فريدة من نوعها في إسرائيل، ولديها الكثير من التاريخ والآثار والذكريات".
عقبات أمام طموحات إسرائيل
لكن الانتقال لن يكون سهلاً فالمنطقة التي تحظى بشعبية كبيرة بين السياح الإسرائيليين تبعد حوالي 3 ساعات بالسيارة عن المراكز الحضرية التي يوجد فيها الوظائف ذات الأجور الجيدة مثل تل أبيب.
ومع ذلك تتمتع بالمنطقة بنظام تعليمي جيد ولا توجد اختناقات مرورية، وفقا لبنهايم الذي قال: "هناك الكثير من الفوائد للحياة في الجولان، وأيضًا الكثير من الأشياء السلبية".
وفي كيبوتس "مروم جولان"، قال مدير الفندق شيفي مود إنه مع الإعفاءات الضريبية والأراضي الرخيصة، "أعتقد أن دعم الحكومة يمكن أن يساعد الناس بالفعل على العيش هنا".
من جهة أخرى، يعتبر العديد من الدروز في مرتفعات الجولان أنفسهم سوريين تحت الاحتلال، ورغم أن الجنسية الإسرائيلية متاحة لهم، إلا أن معظمهم لم يحصلوا عليها ولديهم بدلاً من ذلك تصاريح إقامة إسرائيلية ولديهم علاقة معقدة مع تل أبيب.
وقال خالد الشاعر، صاحب مطعم في قرية مسعدة الدرزية "مهما كانت رغبة هذه الحكومة فلن تطلب إذننا" وأضاف أن خطة مضاعفة عدد المستوطنين تركته "مذهولاً".
ويعتبر الشاعر أن الجولان منطقة سورية لكنه قال إنه لا يريد أن يكون جزءًا من سوريا، مضيفا: "أشعر بأنني جولاني.. لست إسرائيليًا ولا سوريًا.. نحن مرتبطون بالأرض، وليس بمن سيكون رئيسًا عليها".
أما الجراح المحلي علي أبو عواد فأكد أن مرتفعات الجولان "جزء أساسي من سوريا" وأشار إلى أن معظم السكان المحليين الحاصلين على درجات جامعية، بما في ذلك هو نفسه، درسوا هناك."
واتهم أبو عواد الحكومة الإسرائيلية بالتمييز ضد الأقليات الدينية، بما في ذلك الدروز، قائلا إن هناك تمييزًا واضحًا في الوصول إلى التعليم العالي والمعاملة التفضيلية للمواطنين اليهود في إسرائيل.
ورفض أبو عواد خطة الحكومة لمضاعفة عدد المستوطنين وقال "يمكنهم أن يقولوا ما يريدون.. قالوا هذا من قبل وفشلوا".