حكومة الدبيبة تفعّل استهداف الحريات الخاصة بالإعلان رسميا عن إنشاء جهاز أمني متخصص غرب ليبيا

وكالة أنباء حضرموت

تنطلق سلطات غرب ليبيا بداية من اليوم الجمعة في تفعيل قرار فرض الحجاب على النساء، فيما أصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة، قرارا باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى الإدارة العامة لحماية الآداب العامة، تتلخص مهامها في ضبط الجرائم التي ترتكب في المحال العامة والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه وتطبيق التشريعات النافذة.

كما تشمل مهام الإدارة تلقي البلاغات والشكاوى المتعلقة بجرائم الآداب العامة والتصرف فيها، وفقا للتشريعات النافذة، والقيام بأعمال البحث والتحري وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وبحسب نص القرار “تقوم الإدارة بمباشرة الاختصاصات المقررة المنظمة لحماية الآداب في المحال العامة، وتنفيذ التعليمات والأوامر الصادرة من وزير الداخلية فيما يتعلق بعمل الإدارة، بالإضافة إلى تنسيق الجهود مع الجهات المختصة لمكافحة الجرائم التي تستهدف الآداب العامة، وإعداد التقارير الدورية عن نشاط الإدارة.”

وستمثل الإدارة الجديدة النسخة الليبية من “جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” في الدول الدينية، وستوضع تحت إدارة التيار المتشدد في وزارة الداخلية المرتبط بجماعات الإسلام السياسي.

مراقبون يخشون من أن تتحول القرارات الجديدة إلى آليات لضرب الحريات وتكريس الاستبداد وتصفية الحسابات السياسية

وكان وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عماد الطرابلسي، أثار موجة جدل واسعة بعد إعلانه الأسبوع الماضي، عن عودة “شرطة الآداب إلى الشوارع بعد انتشار الظواهر المنافية لقيم المجتمع” وفق تعبيره، مشيرا إلى أن “دوريات شرطة الآداب ستعود للعمل الشهر المقبل، وسيكون من مهامها منع صيحات الشعر الغريبة وملابس الشباب التي لا تتماشى مع ثقافة المجتمع وخصوصياته.”

كما شدد على “ضرورة ارتداء المرأة لباسا محترما في الأماكن العامة،” داعيا وزارة التعليم إلى “فرض ارتداء الحجاب على الطالبات،” وحذر من سفر المرأة بدون محرم، وقال إن “الأمر يحتاج إلى تفعيل الشرطة النسائية لتستلم ردع أعمال النساء المنافية للآداب، ومنع الاختلاط بالرجال في المقاهي والأماكن العامة،” متوعدا باعتقال كل من يخالف ذلك، واقتحام البيوت في حال ثبت تورط أي شخص في أعمال منافية للآداب. مشددا على أن “من يبحث عن الحرية الشخصية يجب أن يذهب إلى أوروبا.”

ويخشى المراقبون من أن تتحول القرارات الجديدة إلى آليات لضرب الحريات وتكريس الاستبداد وتصفية الحسابات السياسية والاجتماعية والثقافية ولمحاصرة الناشطين الحقوقيين ومنع النساء الليبيات من ممارسة حقوقهن أو الدفاع عنها، وكذلك لملاحقة المعارضين بادعاءات زائفة يتم فبركتها على قياس القانون الحكومي المعلن.

وقالت منظمة هيومن رايتش ووتش، إن “على الحكومة والمجتمع الدولي عدم التسامح مع أي تدابير من شأنها أن تنتهك الحقوق الأساسية للنساء، بل على العكس، على السلطات الالتزام بواجبها باحترام حقوق الإنسان والكرامة وحمايتها للجميع في ليبيا،” وأوضحت في تقرير لها: “خلال مؤتمر صحفي في 6 نوفمبر في طرابلس، تعهد عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المُكلَّف في حكومة الوحدة الوطنية، بفرض تدابير آداب واسعة النطاق تستهدف النساء والفتيات في غرب ليبيا. القيود على اللباس والاختلاط والسفر تُعتبر انتهاكات صارخة لحقوق النساء والفتيات الليبيات. مع ذلك التزم رئيس الوزراء ومسؤولون حكوميون آخرون الصمت بشكل مريب إزاء هذه المقترحات.”

حكومة الدبيبة تهدف من خلال قرارها الأخير إلى كسب دعم تيار الإسلام السياسي

وتابعت المنظمة، أن الطرابلسي أعلن أن “لا مكان للحريات الشخصية في ليبيا،” وقال إنه سيقوم بتفعيل “شرطة آداب” لمراقبة الاختلاط بين النساء والرجال، وهدد “بحبس” الأشخاص غير المرتبطين أو غير المتزوجين الذين يلتقون في الأماكن العامة. قال إن على النساء ارتداء ملابس محتشمة في الأماكن العامة، وإن عدم ارتداء الحجاب “غير مقبول.”

ودعا أيضا وزير التربية إلى فرض الحجاب على طالبات المدارس ابتداء من الصف الرابع. ليس هناك أي أساس قانوني لفرض “شرطة الآداب” ارتداء غطاء الرأس على النساء والفتيات.

وأعلن الطرابلسي أيضا أن النساء اللواتي يرغبن في السفر إلى الخارج يحتجن إلى إذن خطي من ولي أمر، مثل الأب أو الزوج أو الأخ.

وربط تنقل المرأة بولي أمر ينتهك حق النساء الليبيات بالسفر، إن كان ذلك للاستجمام أو التعليم أو العمل. وهو يشكل خطوة كبيرة إلى الوراء بالنسبة إلى ليبيا، ويضعها في مصاف الدول الأخرى في المنطقة التي تسمح للرجال بالسيطرة على حركة النساء، وحرمانهن من حقوقهن.

وبحسب هيومن رايتش ووتش، فإن الوزير المُكلَّف لم يشرح الأساس القانوني لهذه التدابير التعسفية والصارمة التي تنتهك الدستور الليبي المؤقت. وبصفتها دولة عضوا في أكثر من معاهدة حقوقية دولية، و”الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب،” و”بروتوكول مابوتو بشأن حقوق المرأة” في أفريقيا الملحق به، فإن ليبيا ملزَمة قانونيا بإنهاء جميع أشكال التمييز ضد النساء، وضمان الحق بحرية الحركة، والقيود المقترحة تنتهك كذلك حقوقا أخرى، مثل الحق في الخصوصية، والاستقلال الجسدي، وحرية التعبير والتجمع.

وبحسب مراقبين، فإن حكومة الدبيبة تهدف من خلال قرارها الأخير إلى كسب دعم تيار الإسلام السياسي وخصوصا أنصار رئيس دار الإفتاء الصادق الغرياني وتحييد دور المرأة وإقصائها من المشهد السياسي وإحداث فوضى في المجتمع وقطع الطريق أمام أي مشروع ديمقراطي تعددي واتهام أي صوت مختلف أو معارض بأنه يستهدف التوجه الديني المحافظ للحكومة الذي سيتم فرضه بالقوة على الطبقات الدنيا والوسطى من المجتمع.