تصاعد أزمة الكوادر الطبية في إيران: موجة نزوح واحتجاجات جديدة في يزد والأهواز
في السادس من نوفمبر، شهدت إيران تصاعدًا جديدًا في احتجاجات الكوادر الطبية، حيث تجمع الممرضون في مستشفى صدوقي في يزد لليوم الخامس على التوالي، وسط إضراب يهدد بإغلاق المستشفى باستثناء استقبال الحالات الطارئة.
في السادس من نوفمبر، شهدت إيران تصاعدًا جديدًا في احتجاجات الكوادر الطبية، حيث تجمع الممرضون في مستشفى صدوقي في يزد لليوم الخامس على التوالي، وسط إضراب يهدد بإغلاق المستشفى باستثناء استقبال الحالات الطارئة. وبالتزامن، شهدت محافظة خوزستان تجمعًا احتجاجيًا أمام جامعة الأهواز، حيث عبّر الممرضون عن استيائهم من الوعود غير المحققة. الاحتجاجات في الأهواز تصاعدت بعنف بعد مواجهات مع قوات حراسة الجامعة، حيث تعرض الممرضون لاعتداءات جسدية وإهانات، مما أثار غضبهم وأعاد فتح ملف الظروف المتردية التي تواجهها الكوادر الصحية في البلاد.
وتعاني الكوادر الطبية في إيران من تدني الأجور، وانعدام الأمن الوظيفي، ونقص حاد في نظم الضمان الاجتماعي والمعاشات. إضافة إلى ذلك، تتدخل المؤسسات الأمنية والسياسية في الأنشطة المهنية للأطباء والممرضين، ما يخلق بيئة عمل عدائية تُضعف من استقلاليتهم وخبراتهم. هذا الوضع دفع العديد من الكوادر الصحية الإيرانية المخلصة إما لمغادرة البلاد أو التراجع عن تقديم خدماتهم بشكل نشط.
وبحسب عضو مجلس النظام عبد الحسن مصطفوي، تواجه إيران نقصًا في عدد الأطباء يصل إلى 12 ألف طبيب، مما أدى إلى إغلاق العديد من العيادات في مدن مختلفة. يثير هذا النقص تساؤلات حول أسباب مغادرة الكثير من الأطباء والممرضين الإيرانيين، وما الذي يبحثون عنه في أماكن أخرى.
وأشار الأمين العام لبيت الممرضين إلى التحديات المالية التي تواجه الكوادر الصحية في إيران. يعاني الممرضون من تأخر رواتبهم لعدة أشهر، ويحصلون على أجر قدره حوالي 140 ألف تومان (حوالي 2 دولار) لكل وردية عمل. ويضيف علي جاشكوبان، رئيس نظام التمريض في الأهواز، أن الرواتب التي يتلقاها الممرضون الإيرانيون في الخارج، مثلًا في سلطنة عمان، تفوق ما يحصلون عليه في وطنهم بعشرة أضعاف، غالبًا مع توفير سكن ومزايا أخرى.
ووفقًا لأحمد نجاتيان، رئيس منظمة النظام التمريضي، يتم إصدار حوالي 2000 طلب تصديق مهني سنويًا للممرضين الذين يخططون للهجرة. ويقدر محمد شريفي مقدم أن حوالي 50 ألف ممرض لا يعملون حاليًا، فيما يؤكد عباس زاده من وزارة الصحة على وجود “هجرة جماعية” للممرضين. وخلال العام الماضي وحده، غادر 1500 ممرض جديد من المنظومة، في حين هاجر حوالي 500 آخرين.
وخلّفت هذه الهجرة نقصًا حادًا في مستشفيات إيران؛ فبينما توصي المعايير الدولية بوجود 1.8 ممرض لكل سرير، انخفضت النسبة في إيران إلى 0.9، أي أقل من ممرض واحد لكل سرير.
ورغم هذه الإحصاءات، فقد أبدت السلطات الإيرانية ترددًا في الاعتراف بحجم الأزمة. فقد صرح الحرسي حسين سلامي بأن التقارير حول الهجرة الجماعية للعاملين في الرعاية الصحية “مبالغ فيها”، واعتبرها “أكاذيب وحرب نفسية ودعاية سلبية” من قبل أعداء الخارج. ومع ذلك، أكدت تقارير عديدة من مسؤولين في وزارة الصحة وأعضاء في البرلمان ومديري المستشفيات ونشطاء النقابات على خطورة الوضع.
وذكر أحمد نجاتيان في مقابلة حديثة أن عدد الممرضين الذين يغادرون النظام سنويًا يعادل تقريبًا طاقم عمل مستشفيين رئيسيين. وفي المقابل، تظل التدابير الحكومية لمعالجة هذا النقص محدودة، دون إحداث تغييرات جوهرية في السياسات أو جهود واضحة للاحتفاظ بالعاملين في الرعاية الصحية.
بدلًا من معالجة شكاوى الأطباء والممرضين، اتخذ النظام الإيراني نهجًا عقابيًا، حيث أفاد محمد شريفي مقدم بأن القوات الأمنية رفعت دعاوى ضد المشاركين في الاعتصامات والتجمعات الاحتجاجية، مما أدى إلى اعتقالات وتصعيد في القمع.
ويثير فشل إيران في الاحتفاظ بمهنييها الصحيين قلقًا عميقًا بشأن مستقبل نظامها الصحي ورفاه مواطنيها. ومع مغادرة أو تراجع العاملين الصحيين الأكثر مهارة في البلاد، تواجه إيران خسارة للخبرات الحيوية، إضافة إلى “هجرة العقول” المستمرة.
ويتساءل العديد من الإيرانيين: لماذا يترك أفضل الأطباء والممرضين في البلاد وظائفهم أو يكافحون للعيش داخل النظام؟ ولماذا تُهمل رواتب هؤلاء العاملين الأساسيين، بينما تُخصص موارد ضخمة للإنفاق العسكري وأولويات الدولة الأخرى؟ إن غياب التدابير الحاسمة للاحتفاظ بالعاملين في القطاع الصحي يشير إلى مشكلة هيكلية أوسع تترك القطاعات الأساسية، كالصحة، عرضة للخطر.