"بستان الفن" يجمع أعمالا انطباعية وواقعية لسيف الدين ناشي
يحتضن رواق الفنون “محمد راسم” بالجزائر العاصمة معرض الفنان التشكيلي سيف الدين ناشي الذي يقدم أعمالا فنية انطباعية بلمسة واقعية مستوحاة من عناصر التراث الثقافي المحلي لعاصمة الزيبان بسكرة، بكل ما تحمله من عادات وتقاليد ومعالم وأزياء وواحات تترجم مدى الثراء الذي تتميز به البيئة الصحراوية.
ويضم المعرض الذي تنظمه مؤسسة فنون وثقافة لولاية (محافظة) الجزائر، والموسوم بـ”بستان الفن”، قرابة 30 عملا فنيا بمختلف الأحجام تعكس التراث الصحراوي لمدينة بسكرة العتيقة، وتوحي بارتباط الفنان بمسقط رأسه، حيث يغلب عليها توظيف تقنيات المدرسة الواقعية والحروفية، وذلك بالاعتماد على خلطة من الألوان المائية والزيتية المتداخلة التي تغلب عليها الألوان الترابية الدافئة كالبني والأحمر والأرجواني والأصفر بتدرجاتها التي تنقل التفاصيل بقوة وبلمسة أنيقة.
وترصد هذه الأعمال أهم معالم ومواقع بسكرة، بقصورها ووديانها وواحاتها ومساجدها وأزقتها التي تعبق بالتراث والجمال الصحراويين، وتعكس جوانب من العناصر العمرانية ذات النمط المحلي الذي تستعمل فيه مادة الطين والخشب والسعف وغيرها من العناصر التقليدية التي تقدم نماذج من التراث المادي للمدينة العتيقة، ومنها مواقع “القنطرة” و”الدشرة الحمراء” و”وادي سيد زرزو” ومساجد وأزقة قديمة.
وإلى جانب هذه اللوحات يضم المعرض المتواصل إلى 12 أكتوبر الجاري أعمالا تحكي الطبيعة الصامتة كباقات الأزهار، بينما تجسد أخرى أصالة حي القصبة بالعاصمة بكل تراثه وزخمه، إلى جانب لوحات في فن الخط العربي تحتوي على قصائد وطنية وثورية، على غرار “قصيدة للنشيد الوطني، قسما” لشاعر الثورة مفدي زكريا، و”قصيدة فداء الجزائر”، وغير ذلك من الأعمال التي اعتمد في إنجازها على الخطين الديواني والسنبلي.
كما يفرد الفنان، وهو من مواليد 1986 ببسكرة وخريج المدرسة الجهوية للفنون الجميلة في باتنة سنة 2011، في مجموعته جانبا يتضمن بورتريهات لشخصيات ثورية وتاريخية، من بينها بورتريه للأمير عبدالقادر، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، وبورتريهان آخران لشهيدي الثورة التحريرية، العربي بن مهيدي وسي الحواس.
وبالمناسبة أعرب ناشي، الذي يعمل حاليا أستاذا للفن بدار الثقافة أحمد رضا حوحو ببسكرة، عن “سعادته” بتنظيم هذا المعرض في الجزائر العاصمة، معتبرا أنه فرصة لـ “التعريف بموهبته وشغفه بالفن التشكيلي الذي ورثه عن والده”، ولافتا أيضا إلى أنه يمزج في أسلوبه الفني بين مختلف تقنيات ومدارس الفن التشكيلي.
وأضاف المتحدث أن لوحاته المعروضة “تمثل فرصة للجمهور لاكتشاف معالم وتراث مدينة بسكرة القديمة التي اندثر واختفى معظمها من الوجود وأصبح من ذكريات الطفولة”، مشيرا إلى أنه “يحاول الحفاظ من خلال أعماله الفنية على ذاكرة هذه المدينة العتيقة”.
علاوة على ذلك يقوم ناتشي بإعداد معرض جديد حيث يعد زواره بتجربة حسية فريدة من نوعها. ويقول متحمسا “في الحدث القادم سأسلط الضوء على الخط العربي في لوحات كبيرة الحجم”. وبالنسبة إليه يهدف هذا التوجه إلى تجاوز الحدود التقليدية للرسم لاستكشاف جمال الكتابة العربية في الحركة التجريدية بهدف إضافة قيمة جمالية جديدة.