ناشطون في النهضة يحمّلون الغنوشي مسؤولية تفكك الحركة وتردي الوضع في تونس

حركة النهضة تلوّح بالمواجهة مع قيس سيعد هروبا من مآزقها الداخلية

تونس

التقطت النهضة تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد عن انتهاء صلاحية دستور 2014 لتخرج من مأزقين محرجين لها بالإعلان عن مواجهة محتملة مع سعيد.

وتواجه النهضة موقفا صعبا بعد أن أحرق مناضل من الحركة نفسه في مقر النهضة، وأعاد أجواء الاحتجاج على الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، لكن الغضب هذه المرة صار موجها ضد زعيم الحركة راشد الغنوشي الذي يحمّله ناشطو الحركة مسؤولية تردي الوضع السياسي في البلاد وتفكك النهضة.

وزاد حرق “بوعزيزي النهضة” نفسه في المقر من مشكلة الغنوشي في التعامل مع مأزقه الثاني المستمر مع كوادر حركته والذي أصبح أشبه بحركة تمرد تنظيمية وانشقاقات.

وقال أحد النشطاء “سامح الله من رفض مقابلة المرحوم من قيادات الحركة. ولو صحت مسألة طرده من عمله كحارس للمقر فستكون فضيحة ووصمة عار في تاريخ الحركة خاصة وأنه أفنى شبابه في السجن بسبب حادثة باب سويقة”.

وأشار ناشط آخر، خلال نقاش على صفحة القيادي المستقيل عبداللطيف المكي، إلى أن “حركة النهضة تتنكر لأحد أنصارها حين طلب مقابلة قيادي لكنه جوبه بالرفض والسخرية والتطاول عليه، فانتفض من هذا الظلم وقام بإحراق نفسه في الطابق الأول”.

وفيما دعا البعض من النشطاء إلى التهدئة وانتظار التحقيق الرسمي لمعرفة القصة التي قادت إلى انتحار سامي السيفي، إلا أن توجها عاما بين الناشطين اعتبر أن حادثة الانتحار هي نتيجة لسياسات خاطئة لقيادة الحركة التي ركزت على صراع المواقع وتركت وراءها الاهتمام بأوضاع منتسبيها، خاصة من ذهبوا ضحية سياساتها خلال التسعينات.

وقال هؤلاء الناشطون إنه لم يعد مهمّا الآن أن ينعقد المؤتمر أم لا ينعقد، وأن الأولوية هي التمهيد لصعود قيادة جديدة لا ترتبط بالغنوشي ولا تقع تحت سيطرته، لافتين إلى أن انسحاب الغنوشي من القيادة أمر ضروري قبل الحديث عن إصلاحات أو تغييرات قيادية، وهو ما يجب أن يحدث قبل المؤتمر، محذرين من أن ربط التغييرات بموعد المؤتمر قد يديم الأزمة خاصة أن رئيس الحركة سيلجأ كالعادة إلى المناورات لتأجيل هذه المناسبة الحزبية ويربح الوقت.

وجاء في بيان صدر السبت بتوقيع الغنوشي دعوة إلى “مجلس شورى الحركة ولجان إعداد المؤتمر الـ11 إلى مضاعفة الجهود للتسريع بعقد المؤتمر وجعله محطة حزبية ووطنية”.

وتعتقد أوساط مقربة من حركة النهضة أن الغنوشي سيسعى إلى التركيز على موضوع المؤتمر والتلويح بالانسحاب وعدم إحداث أيّ تغييرات قانونية تتيح له التجديد لدورة أخرى، والهدف هو امتصاص حالة الغضب التي تعم الجسم النهضاوي على حادثة الانتحار التي قد تتطور مع الوقت لتقود إلى انفجار الحركة من الداخل. كما أنها ضربت هوية الحركة في الصميم.

وقال هادي بريك أحد الإسلاميين المقيمين بالخارج إن “إقدام أحد مناضلي الحركة على الانتحار سابقة خطيرة”.
وأضاف في تدوينة له على حسابه بفيسبوك إنها سابقة “من الوزن القيميّ الثقيل. وتمثل ضربة ثخينة في هوية الحركة. وأن كلّ مسعى لتجاهلها أو التهوين منها لا يليق بحركة إسلامية”.

من جانبه، اعتبر عبداللطيف المكي الذي يتزعم شق المستقيلين أن تصريحات الغنوشي (التي برر بها انتحار عنصر من النهضة وحمّل فيها الدولة المسؤولية) أقل ما يقال عنها غير موفقة!

وعاد الغنوشي السبت إلى نفس الاتهام حين اعتبر في البيان أن انتحار السيفي هو “نتيجة لجريمة دولة الاستبداد التي انتهكت حقوق بعض مواطنيها قبل الثورة وأقرت لهم حقوقا ضمن مسار العدالة الانتقالية لم تلتزم بتطبيقها”.

وكان نشطاء على مواقع التواصل قد حذّروا من مخاطر سعي الغنوشي لتحميل الدولة مسؤولية انتحار ضحية من ضحايا مغامراته وصراعاته منذ عقود، فتعوض الآلاف من المتهمين في قضايا عنف بدل أن يعوض لهم هو والحركة التي دفعتهم إلى الهجوم على رجال الأمن ومؤسسات الدولة والقيام بأعمال عنف بينها حرق مقر الحزب الحاكم الأسبق في منطقة باب سويقة وسط العاصمة تونس.

وللخروج من الأزمة الداخلية التي باتت تضغط عليه قرر الغنوشي التصعيد في العلاقة مع الرئيس قيس سعيد، والعودة إلى مربع البيانات الذي لا يتقن سواه.

وجاء في بيان النهضة أن الحركة “تحذر من مخاطر إلغاء الدستور والإقصاء”، و”الاتجاه إلى هندسة أحادية للنظام السياسي والقانوني لتونس. وتحذيرها من مغبة المساس بالبناء الدستوري للسلطة بواسطة المراسيم وإدخال الحكم في أزمة شرعية مفتوحة بالغة العواقب السيئة على الاستقرار السياسي ومستقبل البلاد”.

ويقول مراقبون إن الغنوشي وجد الفرصة مواتية للتصعيد مع قيس سعيد خاصة بعد بيان سفراء الدول الأعضاء في مجموعة السبع المعتمدين في تونس الذين دعوا الجمعة إلى عودة “سريعة” لعمل “المؤسسات الديمقراطية” في البلاد.

وقال البيان “نجدّد التنويه بأهمية احترام الحريات الأساسية لجميع التونسيين وبأهمية شمولية وشفافية عملية إشراك كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك الأصوات المختلفة في الطيف السياسي والمجتمع المدني، مع تحديد سقف زمني واضح يسمح بعودة سريعة لسير عمل مؤسسات ديمقراطية بما في ذلك برلمان منتخب يضطلع بدور هام”.