ماكرون أغضب الجزائريين بتكريم الحركيين وبتشكيكه في الأمة الجزائرية

لودريان يزور الجزائر لإصلاح العلاقات بعد توترات شديدة

الجزائر

تسعى فرنسا لتهدئة التوترات مع الجزائر بعد أشهر طويلة من التجاذبات وضعت البلدين على حافة أزمة دبلوماسية خاصة بعد تصريحات منسوبة للرئيس الفرنسي امانويل ماكرون شكك فيها في الأمة الجزائرية واتهم النظام باستغلال 'ريع' الذاكرة. كما كرم الحركيين واعتذر لهم عن عقود من الإهمال بعد أن قاتلوا في صفوف الجيش الفرنسي في حرب التحرير الجزائرية. ويعتبر الجزائريين الحركيين خونة وعملاء.

ويزور وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان الجزائر الأربعاء لترميم العلاقة الثنائية التي تشهد توترا شديدا منذ أكثر من شهرين على خلفية تصريحات متعلقة بإحياء ذكرى بين هذا البلد والمستعر السابق.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية "إنها زيارة عمل وتقييم ولإحياء العلاقات". وسيلتقي لودريان في زيارته التي لم يعلن عنها حتى اللحظة الأخيرة نظيره الجزائري رمطان لعمامرة والرئيس عبدالمجيد تبون، وفق ما أوضح المصدر نفسه.

وتأتي الزيارة في حين تدهورت العلاقات كثيرا بين البلدين منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول اثر استدعاء السفير الجزائري من باريس.

ونشرت وكالة الأنباء الجزائرية بيانا قالت فيه "يقوم وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جان ايف لو دريان اليوم الأربعاء بزيارة عمل وتقييم للعلاقات الثنائية" إلى الجزائر، حسب ما أعلن عنه بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الخارج".

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثار غضب الجزائر قبل أشهر عندما اتهم على ما جاء في كلام أوردته صحيفة "لوموند" الفرنسية، النظام "السياسي-العسكري" الجزائري بتكريس سياسة "ريع الذاكرة" بشأن حرب الاستقلال وفرنسا، سلطة الاستعمار السابقة في البلاد، في حين أطلقت باريس مبادرات حول مسائل الذاكرة في فرنسا.

وأوردت الصحيفة أيضا أن ماكرون شكك أيضا في وجود "أمة جزائرية" قبل الاستعمار الفرنسي لها ما أثار ردود فعل منددة في صفوف المجتمع الجزائري.

واستدعت الجزائر يومها سفيرها في باريس ومنعت الطائرات العسكرية الفرنسية المتجهة إلى منطقة الساحل من التحليق في مجالها الجوي.

وأعرب الرئيس الفرنسي بعد ذلك عن "أسفه" لهذا الجدل، مؤكدا "تمكسه الكبير بتنمية" العلاقات الثنائية.

وتواجهت فرنسا والجزائر أيضا بعد إعلان باريس مطلع اكتوبر/تشرين الأول خفض عدد تأشيرات الدخول الممنوحة إلى جزائريين للضغط على الحكومة الجزائرية إذ تعتبر أنها لا تتعاون بشكل كاف على صعيد إعادة جزائريين طردتهم فرنسا.

وشجبت الجزائر يومها قرارا اتخذ من دون تشاور مسبق. وكان لودريان دعا في منتصف الشهر الماضي إلى علاقة "واثقة" و"شراكة طموحة" مع الجزائر تتجاوز "جروح" الذاكرة التي يمكن أن "تظهر أحيانا من جديد".

ورحّب وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في 10 نوفمبر/تشرين الثاني بتصريحات الرئاسة الفرنسية حول الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، معتبرا أنها "تحترم الجزائر".

وقال لعمامرة آنذاك إن التصريح الصادر عن قصر الإليزيه، "خلافاً للتصريحات التي تسببت في الخلافات والأزمات، يحمل أفكارا معقولة على اعتبار أنها أفكار تحترم الجزائر تاريخا ماضيا وحاضرا وتحترم السيادة الجزائرية".

وفي 26 من الشهر ذاته قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إنّ العلاقات الجزائرية الفرنسية المتوترة "يجب أن تعود إلى طبيعتها" لكن شرط التعامل على أساس "الند للند" بين البلدين.

وفي رده على سؤال "هل هناك جهود لإعادة العلاقات الفرنسية الجزائرية إلى وضعها الطبيعي؟"، قال الرئيس الجزائري "نعم لازم (يجب) العلاقات ترجع لوضعها الطبيعي، بشرط أنّ الآخر يفهم أنّ الندّ للندّ ليس استفزازا له. هي صيانة سيادة وطن استشهد من أجله مثلما سبق أن قلت خمسة ملايين و630 ألف شهيد من 1830 إلى 1962"، أي من بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر حتى استقلالها.

وشهدت العلاقات الفرنسية-الجزائرية توترا في عديد المرّات وبالخصوص في 23 فبراير/شباط 2005 حين صادق البرلمان الفرنسي على قانون الاعتراف "بالدور الايجابي للاستعمار".

وتتزامن زيارة الوزير الفرنسي للجزائر مع اقتراب مواعيد ذكرى مهمّة على غرار اتفاقيات ايفيان بتاريخ 18 مارس/اذار 1962 والتي أنهت الحرب في الجزائر.

وكثف الرئيس الفرنسي مبادراته للتخفيف من التوتر بين البلدين وكان طلب من المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا تقريرا حول الحرب في الجزائر.

وندد ماكرون في أكتوبر- تشرين الأول الماضي بـ"جرائم لا مبرر لها بالنسبة إلى الجمهورية"، إثر إقامة مراسم رسمية إحياء للذكرى الستين لقتل متظاهرين جزائريين في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961 في باريس.