تصاعد القتال في الشمال الإثيوبي واقترابه من العاصمة
واشنطن تصر على الحل السياسي في إثيوبيا وسط فشل الوساطات
احتدمت المعارك الدائرة في مناطق مختلفة في إثيوبيا مع الإعلان عن فشل مساعي الوسيطين الأفريقي والأميركي في تقريب مواقف الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي، بينما أكدت واشنطن أن الدبلوماسية هي الخيار الأوحد لوقف الصراع.
وحذرت الولايات المتحدة الأربعاء من أن "لا حل عسكريا" للنزاع في إثيوبيا، وأن الدبلوماسية هي "الخيار الأول والأخير والأوحد" لوقف الحرب الأهلية الدائرة في البلد الأفريقي، وذلك إثر إعلان أديس أبابا وصول رئيس وزرائها آبي أحمد إلى الجبهة لقيادة القوات الحكومية في قتالها ضد متمردين من إقليم تيغراي.
وقال متحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية "لا حلّ عسكريا للنزاع في إثيوبيا. هدفنا هو دعم الدبلوماسية بوصفها الخيار الأول والأخير والأوحد".
وأضاف "نحن نحضّ جميع الأطراف على الامتناع عن إطلاق خطابات تحريضية وعدائية، وعلى ضبط النفس واحترام حقوق الإنسان والسماح بوصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين".
وتابع المتحدّث الأميركي "لقد اطّلعنا على التقارير التي تفيد بأنّ رئيس الوزراء آبي هو اليوم في الجبهة، وعلى تلك التي نقلت عن رياضيين وبرلمانيين وقادة أحزاب ومناطق إثيوبيين رفيعي المستوى قولهم إنّهم سينضمون بدورهم إلى رئيس الوزراء في الخطوط الأمامية للجبهة".
وأتى الموقف الأميركي ردّا على إعلان الإعلام الرسمي الإثيوبي أنّ آبي أحمد وصل إلى الخطوط الأمامية لقوات البلاد التي تحارب المتمردين في إقليم تيغراي (شمالي البلاد) لقيادة قوات بلاده هناك، وقد تولى ديميكي ميكونين نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي مهام رئيس الوزراء مؤقتا.
وأوردت هيئة البث الإثيوبية "فانا" أن آبي الحائز على جائزة نوبل للسلام في العام 2019 "يقود حاليا الهجوم المضاد"، وهو "يتولى قيادة المعارك منذ الثلاثاء، لكن لم يتضح مكان وجود آبي، كما أن الإعلام الرسمي لم يبث مشاهد له على الأرض.
وأتى التحذير الأميركي في وقت فشلت فيه الجهود الدبلوماسية التي يبذلها المجتمع الدولي للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار بين القوات الحكومية والمتمردين.
ووجّه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "مناشدة عاجلة إلى أطراف النزاع في إثيوبيا لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار لإنقاذ" إثيوبيا، مشددا على وجوب أن يتيح وقف إطلاق النار إجراء "حوار بين الإثيوبيين لحلّ الأزمة والسماح لإثيوبيا بالمساهمة مرة أخرى في استقرار المنطقة".
وواجهت مساعي المبعوث الأميركي الخاص إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان، والمبعوث الأفريقي الخاص أوليسيغون أوباسانجو تصلّبا في موقفي الحكومة الإثيوبية وجبهة تيغراي، اللتين تتحاربان في أكثر من جبهة شمالي البلاد.
وتمسكت أديس أبابا بانسحاب قوات جبهة تيغراي من المدن التي سيطرت عليها في إقليم أمهرة، في حين تمسكت جبهة تيغراي بشرط رفع اسمها من قائمة الجماعات الإرهابية التي أقرّها البرلمان الإثيوبي، وبانسحاب ميليشيات أمهرة من مناطق غرب مدينة حمرا على الحدود السودانية.
واتفق طرفا الصراع فقط على نقطة واحدة، هي ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب في أقاليم أمهرة وتيغراي وعفر وكلها في الشمال الإثيوبي، كما تعهد الجانبان بعدم إلحاق الضرر بالمدنيين والممتلكات والبنية التحتية وإيقاف القتال في المدن المزدحمة.
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها بعد ورود معلومات حول نزوح واسع النطاق لسكان في غرب تيغراي، حيث سبق لواشنطن أن حذرت من احتمال وقوع تطهير عرقي.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن هذا النزوح يحصل من منطقة حدودية مع السودان وإريتريا. وأعلنت السلطات المحلية في تيغراي عن وصول ثمانية آلاف شخص وقد يصل هذا العدد إلى 20 ألفا. لكن تعذر التأكد من هذه الأرقام على الفور.
والأربعاء أبلغت إثيوبيا أربعة دبلوماسيين أيرلنديين من أصل ستة يعملون في سفارة بلادهم في العاصمة أديس أبابا، بوجوب مغادرة البلاد بحلول الأسبوع المقبل، وفق ما أعلنت الحكومة الأيرلندية في دبلن.
وأعرب وزير الخارجية الأيرلندي سيمون كوفيني الأربعاء عن أسفه لقرار إثيوبيا طرد 4 من 6 دبلوماسيين أيرلنديين لديها، بسبب الموقف الأيرلندي من الصراع الدائر في إثيوبيا، وقال كوفيني في بيان إن "مواقف بلاده بشأن الأوضاع في إثيوبيا، بما في ذلك موقفها في مجلس الأمن، متوافقة مع المواقف والتصريحات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي".
ويتصاعد القلق الدولي إزاء اشتداد النزاع المستمر منذ عام والذي دفع حكومات عدة إلى الطلب من رعاياها مغادرة إثيوبيا، وسط مخاوف من زحف متمردي تيغراي إلى العاصمة أديس أبابا.
وبسبب تصاعد القتال في الشمال الإثيوبي واقترابه من العاصمة، نصحت سويسرا الأربعاء رعاياها بمغادرة إثيوبيا، وعدم السفر إليها لأي سبب من الأسباب، كما حضّت بريطانيا أيضا رعاياها على مغادرة إثيوبيا فورا، أسوة بدعوات مماثلة أطلقتها فرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة.
وسبق أن عمدت واشنطن ولندن والاتحاد الأوروبي إلى سحب الموظفين غير الأساسيين، فيما تجري الأمم المتحدة عمليات إجلاء لعائلات الموظفين الدوليين.