خطاب 'رياح من طشقند' يستند الى المحاججة الدينية والفلسفية
في روايتها "رياح من طشقند" تعيدنا منى التميمي إلى روح العصر الذي أنجبها، عصرٌ حافل بالبطولات والانكسارات والمفاجآت والأسرار.
رواية مغرية أحداثها باقتحامها والغوص في بحورها والمشي في براريها نتابع معها رحلة بطلها التوشكندي بحثاً عن الوصية.
رواية مشوقة تسرد أحداثاً تاريخية بروح فنية عالية لا حدّ لغوايتها.
لا مسوّغ لرواية بغير "جدل" يولدها، و"غواية" تعقبها، ورواية منى التميمي هذه المرّة سوف تجري مجرى الغواية والبيان والفتنة في سرد قصةٍ غريبةٍ مشوقةٍ من ألفها إلى يائها "رياح من طشقند" قصةٍ تبدو من أبطالها وأماكنها واقعيةً وممكنةً، غير أنها تبدو مغامرة أقربُ إلى المقامرةِ من حيث سياقاتِ الأحداثِ التاريخية والأماكن الجغرافية في الرحلة التي سيقوم بها بطلها التوشكندي بحثاً عن سرٌ أودعه له جدّه الجليل قبيل وفاته ورمى به في بلاد بعيدة، ليتكلّلَ الحدث/ والمحور (الوصية والنهاية) بالصدمة!!
تدور أحداث الرواية بين طشقند والحجاز وسمرقند وبخارى ومشهد، وتحضر في أجوائها حكاية تيمورلنك وغزوه العالم، حتى تكاد أن تتحول الرواية مرجعاً للمرحلة التاريخية التي تُعنى بها، وما شهدته من تحولات درامية في تلك الحقبة.
ولكن الرواية لم تكتفِ بعرض الوقائع التاريخية، بل بدت أنها تُعنى بما هو أهم وأكثر عمقاً، وذلك حين تبين مقصدية توظيف التاريخ في الأدب والدلالات المتحصلة من ذلك ورمزيتها التي يُمكن أن تفسر في ضوء الواقع الراهن.
كما يُمكن القول أن الرواية استطاعت أن تنسج صورة (قديمة – حديثة) لعلاقة العربي مع الفارسي ونظرة كل منها إلى الآخر.
العربي (الحجازي) المتمثل بكعيب. والفارسي (الطشقندي) المتمثل بيوسف، والصداقة والمواقف الإنسانية التي جمعتهما.
كما تميز خطاب الرواية بنوع من المحاججة الدينية والفلسفية المفيدة حيث تطفو في العملية السردية الحقائق الروحية المثلى بكل معانيها وتجلياتها.