«لن نستطيع إسقاط الحكومة إلا إذا أسقطت نفسها بنفسها»
الليكود بقيادة نتنياهو يعترف بهزيمته أمام حكومة بنيت
بعد أن صادقت الهيئة العامة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، قبيل فجر أمس الجمعة، على الموازنة العامة لعام 2022، وبعد أن كانت قد صادقت أول من أمس، على موازنة عام 2021، اعترفت قادة حزب الليكود المعارض بالهزيمة، وعادت ترتفع أصوات في صفوفه وصفوف حلفائه المتدينين بضرورة إعادة النظر في السياسة القائمة التي فشلت في إسقاط حكومة نفتالي بنيت، رغم تركيبتها الهشة. وعاد بعض النواب يتحدثون عن ضرورة أن يستخلصوا النتائج ويدفعوا بنيامين نتنياهو عن رئاسة الحزب والمعارضة.
وقال مسؤولان في تكتل اليمين، أحدهما من الليكود والثاني من كتلة «يهدوت هتوراة»، إلى القول إنه ما دام نتنياهو يقف على رأس التكتل فإن الحكومة ستستقر ولن يكون سهلاً إسقاطها. وأكد أحدهم أن الليكود تلقى ضربة صارمة. ولن يستطيع إسقاط الحكومة. والإمكانية الوحيدة لإسقاطها ستكون عندما تتورط في خلافات داخلية بين أقطابها، لكن الرئيس السابق لكتلة الليكود، ديفيد أمسالم، المقرب من نتنياهو، رفض هذا التوجه. وقال إن تمرير الموازنة هو محطة واحدة. وإن كل استطلاعات الرأي تشير إلى أن الليكود بدأ يسترد شعبيته. ويقترب من النتائج التي ستتيح له تشكيل الحكومة القادمة.
وأضاف أمسالم، أن «نتنياهو كان وما زال كنزاً لليكود. بفضله يسترد الحزب عافيته وشعبيته. وتوقع أن تؤدي التناقضات الشديدة بين اليمين واليسار في حكومة بنيت إلى انفجار الأزمات والدخول في صراعات داخلية تقصر عمرها.
وكان بنيت نفسه قد أشار إلى الأخطار على حكومته قائلاً: «لقد حققنا انتصاراً كبيراً فعلاً وأثبتنا قدرتنا على قيادة إسرائيل إلى الثبات والاستقرار، ولكن مهمتنا شاقة. ونحتاج إلى جهود جبارة للحفاظ على الائتلاف الحكومي». ودعا بنيت إلى «الاستمرار في النهج المسؤول، لكي تتمكن الحكومة من مواجهة التحديات الكبرى التي يفرضها علينا أعداؤنا والتغلب عليها».
وقال مصدر مقرب من بنيت إن رؤساء الأحزاب المشاركة في الحكومة، كانوا قد وضعوا تمرير الموازنة في رأس سلم الاهتمام وقاموا بتأجيل التعاطي مع المواضيع التي تخبئ الخلافات الكبيرة بينهم. ولكن كلاً منهم يسعى الآن إلى إعادة فتح هذه القضايا، والتي يحتاج بعضها إلى تشريعات قوانين جديدة وقرارات مصيرية.
ويعتبر أكبر هذه الخلافات في موضوع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتبعاته على العلاقات مع إدارة الرئيس جو بايدن في الولايات المتحدة. ففي واشنطن يريدون إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، المتخصصة في تقديم الخدمات للفلسطينيين في القدس والضفة الغربية المحتلتين. وقد وافقوا على طلب إسرائيل إرجاء تنفيذ القرار إلى ما بعد مصادقة الكنيست على الميزانية، حتى لا يتسبب ذلك في إسقاط الحكومة. وتمارس إدارة بايدن ضغوطاً من أجل المصادقة على فتح القنصلية، وفي المقابل يمارس قادة اليمين في الائتلاف ضغوطاً مضادة على بنيت ولبيد من أجل رفض القرار الأميركي. ويرى وزراء اليسار في الائتلاف أن معارضة كهذه غير ضرورية ومن شأنها أن توتر العلاقات مع الإدارة الأميركية.
كما أن الإدارة الأميركية تعارض توسيع الاستيطان ومشاريع البناء الجديدة في المستوطنات. وفي محاولة للتخفيف من المعارضة الأميركية يسعى وزير الدفاع، بيني غانتس، إلى المصادقة على إصدار ألوف تصاريح العمل للفلسطينيين في إسرائيل وإلى إقرار أعمال بناء جديدة في القرى الفلسطينية في المناطق C في الضفة الغربية، تضاف إلى 1300 وحدة سكنية صادق عليها حتى الآن. ويرفض اليمين في الحكومة هذا التوجه بشدة، فيما يعارض حزبا العمل وميرتس مخططات الاستيطان. ويطالب باحترام الموقف الأميركي.
وهناك خلافات في مواضيع أخرى أيضاً، فقد صادقت الحكومة على قانون التجنيد والتقاعد في السلك الحكومي، لكن غانتس يربط ذلك بخطة لزيادة التقاعد للضباط في الجيش الإسرائيلي.
ويعترض على ذلك حزب «تكفا حدشا»، برئاسة وزير القضاء غدعون ساعر، وقسم من وزراء حزبي العمل وميرتس. ومن شأن هذه المعارضة أن تمنع سن القانون في الكنيست. وهناك خلاف حول مشروعي قانون طرحهما ساعر أحدهما يقيد فترة ولاية رئيس الحكومة لثماني سنوات والثاني يمنع متهماً بمخالفات جنائية مثل الفساد من تشكيل حكومة، ومع أن بنيت يؤيد المشروعين فإن بقية أعضاء حزبه يمينا، وخصوصاً وزيرة الداخلية إييلت شاكيد، يعارضونه. كما أن شاكيد، التي فشلت في تمديد سريان بند منع لم شمل عائلات عربية فيها أحد الزوجين من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة، والذي تم تمديده سنوياً منذ عام 2003، تصر على أن يصادق الكنيست على هذا القانون، لكن حزب ميرتس اليساري والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية يعارضان.
ويرى المراقبون أن هذه الخلافات تهدد مستقبل حكومة بنيت، لأن كل طرف فيها يريد كسب أصوات جمهوره بإنجازات عملية. وهذه المكاسب متناقضة وكل منها يأتي على حساب مكاسب حزب آخر في الائتلاف. وعليه، فإن الانطباع السائد هو أن هذه الحكومة لن تعرف الاستقرار. وستظل تخوض معارك داخلية. وفقط إذا بقي نتنياهو، رئيساً للمعارضة، يمكن أن يبقوا معاً؛ إذ إن العداء لنتنياهو هو ما يوحدهم، وهو القاسم المشترك لهم، والدبق الذي يجعلهم متماسكين.