رئيس الحكومة الليبية: هذا المؤتمر ليس تنصلا من التزاماتنا الدولية.
الدبيبة يدعم الانتخابات الليبية على طريقة السراج: بالأقوال لا الأفعال
اعتبرت أوساط سياسية ليبية إعلان رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، خلال مؤتمر استقرار ليبيا، دعم حكومته إجراء الانتخابات في موعدها مجرد كلام لم تسبقه أيّ أفعال تؤكد هذا الدعم.
ولفتت المصادر إلى أن هذه التصريحات تؤكد أن الدبيبة ينتهج نفس سياسة رئيس الحكومة السابق فايز السراج الذي تحدث لسنوات عن دعمه إجراء الانتخابات دون أن يقوم بأي خطوة فعلية، وفي النهاية أدت مماطلته المسنودة من تيار الإسلام السياسي إلى حرب طرابلس.
وتحدث رئيس هيئة الانتخابات عماد السايح في فبراير الماضي عن تعطيل ممنهج لإجراء الانتخابات مارسه السراج أثناء توليه السلطة بينما كان لا يتوقف عن الإدلاء بتصريحات داعمة للانتخابات ولمبادرات دولية تنص على إجرائها، من بينها المبادرة الفرنسية والمبادرة الإماراتية.
ولئن كان الدبيبة قد قام بتشكيل “لجنة مختصة بدعم وتنفيذ الانتخابات” فإن فايز السراج أطلق في 2017 مبادرة تنص على إجراء الانتخابات. واعتبر مراقبون أن الهدف الرئيسي من تنظيم مؤتمر استقرار ليبيا الخميس هو إقناع الدول بضرورة تأجيل الانتخابات من خلال إغرائها بعقود وصفقات بشأن إعادة الإعمار.
ويمتلك الدبيبة وصهره وعمه الملياردير علي الدبيبة علاقات قوية مع رؤوس الأموال في العديد من الدول العربية والغربية تم تكوينها خلال توليه لمشاريع مقاولات في عهد القذافي، وهو ما يعزز فرضية نجاحه في إقناع الدول بتأجيل الانتخابات.
لكن الدبيبة رد على تلك الاتهامات بالقول “هذا المؤتمر ليس تنصلا من أي تعهدات التزمت بها حكومتنا سابقا، بل هو تأكيد على استمرار دعمنا لتنفيذ الانتخابات والمساهمة في توفير الظروف الجيدة لانعقادها وتشجيع كافة الأطراف الليبية على احترام نتائجها. ومن خلال هذا المؤتمر يجب أن نتوجه بالشكر للمجلس الرئاسي واللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 على جهودهما المبذولة من أجل تنظيم الملف العسكري الذي يحتاج إلى جهود إضافية ودعم دولي، نظراَ لأهميته”.
وأضاف الدبيبة أن “لقاءنا اليوم تأكيد على إرادة الليبيين في إنهاء المعاناة، والتزام منا على دعم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من أجل إجراء الانتخابات الوطنية في موعدها، والتأكيد أيضا على أن حكومة الوحدة الوطنية جاءت من أجل استقرار وسلام ليبيا بعد سنوات صعبة عشناها”.
وبعثت الحكومة منذ وصولها برسائل غير مطمئنة بشأن التزامها بفترة عملها التي حددتها خارطة الطريق والتي لم تتجاوز أشهرا، حيث تولت السلطة في مارس ومن المفترض أن تجرى الانتخابات في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.
ومن بين تلك الرسائل تقديم ميزانية وصفت بـ”الضخمة” مقارنة بالفترة والمهمة التي جاءت من أجلها، خاصة وأنها تضمنت بنودا تتعلق بتمويل مشاريع إعادة الإعمار وهو ما أدى إلى دخولها في خلافات مع البرلمان الذي رفض المصادقة على مشروع قانون الميزانية.
كما أن الخلافات داخل الحكومة بين الوزراء المحسوبين على الشرق والدبيبة تحمل رسائل يفيد فحواها بأن أعضاء الحكومة لا يتعاملون مع الوضع على أنه وضع مؤقت وسينتهي خلال أشهر بل إن لهذه الخلافات أهدافا وأطماعا بعيدة المدى.
والأهم من كل هذا هو عدم حسم ملف سحب المرتزقة من البلاد، وهي الخطوة التي من المفترض أن تسبق الانتخابات إذا تمت لقطع الجدل على المشككين في نزاهتها، حيث أن إجراءها بوجود مرتزقة روس وأتراك في البلاد قد يأتي بنفس نتيجة حوار جنيف التي جاءت لصالح القوى المؤثرة على الأرض، وتحديدا روسيا وتركيا.
وتتزايد حدة المخاوف من تأجيل الانتخابات في البلاد رغم التصريحات المحلية والدولية المطمئنة، حيث تشير بعض الأوساط إلى أن القوى المسيطرة على الأرض -بمن في ذلك قائد الجيش المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح- لا تدعم إجراءها.
وتقلل هذه الأوساط من أهمية القوانين التي أصدرها البرلمان المتحالف مع الجيش والتي أثارت جدلا كبيرا في البلاد حيث رفضها مجلس الدولة ممثل الإسلاميين في البلاد. واعتبرت الأوساط ذاتها أن الهدف من إصدار القوانين بتلك الطريقة هو عرقلة الانتخابات، مدعمة استنتاجاتها بأن لا مصلحة لعقيلة صالح من إجراء الانتخابات، أما بالنسبة إلى حفتر فإن الوضع تغير عما كان عليه قبل الهجوم على طرابلس حيث كان يحظى بشعبية كبيرة وينظر إليه في الشرق وحتى من قبل البعض في الغرب كمنقذ للبلاد من الإرهاب.