حل من جانب واحد نجاحه مرتبط بتعهدات واضحة من النوا.

ضغوط أعضاء مجلس الأمة الكويتي تفضي إلى عفو أميري عن نواب المعارضة

الكويت

قالت أوساط سياسية كويتية إن العفو عن بعض النواب الذي يستعد أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح لإصداره يظهر حجم الضغوط التي مارسها أعضاء مجلس الأمة (البرلمان) على السلطة في البلاد؛ ما دفعها إلى البحث عن حل من جانب واحد ومحاولة استرضاء جميع النواب المتهمين في قضايا سياسية، بقطع النظر عن الجرائم التي حوكموا بسببها، وبغض النظر أيضا عما إذا كانوا موجودين داخل الكويت أم خارجها.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن النواب المعنيين بالعفو، وكذلك المتضامنين معهم، لم يقدموا أي تنازلات أو تعهدات في مقابل العفو، وأن بعض النواب المشمولين بالقرار الأميري اكتفوا بكلام عام عن المصالحة الوطنية ووحدة الكويت، ولم يقدموا اعتذارا عما قاموا به. كما لم يشر أيٌّ منهم إلى أي التزام من أي نوع بشأن العلاقة مع الحكومة والالتزام بالتهدئة بدل التصعيد الذي طبع العلاقة بين الطرفين خلال السنوات الأخيرة.

 

وسبق أن رفضت المعارضة في مقابل الوعد بالعفو الأميري أي محاولة لتحصين رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد من المساءلة في البرلمان وتأجيل الاستجوابات المقدمة ضده، وهو ما كانت الحكومة تأمل في الحصول عليه مقابل العفو المنتظر عن النواب المحكومين الموجودين في لندن وتركيا، والنواب السابقين والناشطين المحكومين في قضية اقتحام المجلس، والمحكومين في قضايا الرأي وقضايا أمن الدولة.

وشكك نواب المعارضة في دستورية إجراء تم التصويت عليه في البرلمان خلال مارس الماضي ويقضي بتأجيل الاستجوابات المقدمة، والمُزمع تقديمها إلى رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح، إلى نهاية 2022.

ومهد أمير الكويت الأربعاء الطريق لإصدار عفو عن النواب المعنيين. وهي القضية التي شكلت لنواب المعارضة شرطا رئيسيا لإنهاء المواجهة المستمرة منذ أشهر مع الحكومة، والتي أصابت العمل التشريعي بالشلل.

وأعلن وزير شؤون الديوان الأميري أن أمير البلاد كلف رئيس مجلس الأمة ورئيس الوزراء ورئيس المجلس الأعلى للقضاء باقتراح الضوابط والشروط للعفو عن بعض الكويتيين المحكومين في قضايا خلال فترات ماضية تمهيدا لاستصدار مرسوم العفو.

ولم يذكر البيان أي تفاصيل عن أولئك الذين سيشملهم العفو، لكنه ذكر أن هذا القرار يأتي بعد اطلاع الأمير على مناشدة ما يقارب أربعين نائبا من نواب البرلمان “وتأكيد حرصهم على التعاون وتحقيق الاستقرار السياسي”. وقال بيان وزير الديوان الأميري الذي بثته الوكالة الرسمية إن أمير الكويت قرر استخدام حقه الدستوري وفقا للمادة 75 من الدستور التي تسمح بالعفو عن العقوبة أو تخفيضها.

وكان نحو أربعين نائبا أصدروا الثلاثاء بيانا التمسوا فيه من أمير البلاد “الموافقة على البدء بأولى خطوات المصالحة الوطنية الشاملة بإقرار العفو عن أبناء الكويت المحكومين لرأي أو موقف سياسي”.

وأكد البيان الذي تلاه النائب المعارض عبيد الوسمي نيابة عن زملائه في البرلمان أن “هذه الخطوة ستؤدي إلى استقرار سياسي دائم وقواعد سياسية جديدة وتعاون بناء بين الأطراف كافة في البرلمان وخارجه لفتح صفحة بيضاء لكويت جديدة”.

وقبل الإعلان عن الإعداد لضوابط العفو وشروطها التقى أمير الكويت في اجتماعات تشاورية كلا من ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد ورئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد، كما التقى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، إضافة إلى وزير الدفاع الشيخ حمد العلي.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية “كونا” أن الشيخ نواف التقى كذلك وزير الخارجية الشيخ أحمد الناصر ووزير الداخلية الشيخ ثامر العلي، علاوة على وزير العدل وزير الدولة لشؤون تعزيز النزاهة عبدالله الرومي.

وقال النائب المعارض مهند الساير إن قرار الأمير “أفرح الشعب وأفرحنا، وهو بداية بصيص أمل أن يكون هناك تعاون (بين البرلمان والحكومة)”. وأضاف الساير أن “العفو بوابة من بوابات كثيرة تحقق الإصلاح. قد تكون بوابة صغيرة لكنها البوابة الأولى”.

ودعا الحكومة إلى الالتزام بما أثاره النواب من قضايا في الفترة الماضية ومنها سحب الحكومة قرارَ تأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها لرئيس الوزراء وأن يتبنى برنامجها الكثير من المقترحات التي قدمتها المعارضة في الفترة الماضية.

وشهدت الكويت عودة النائب السابق في مجلس الأمة ناصر الدويلة إلى البلاد قادما من تركيا، حيث كتب تغريدات على تويتر تدعم مسار المصالحة الوطنية الذي أرساه أمير البلاد. وقال الدويلة في تغريدة له الأربعاء إن الكويت تنتظر العفو الأميري عن “المهجرين والمحكومين في قضايا سياسية وقضايا الرأي لتنتهي مرحلة مؤلمة مرت على الوطن ونطوي صفحة من الاختلاف والتنازع”.

وتواجه الكويت مخاطر تتعلق بشح شديد في السيولة بعد أن تضررت ميزانيتها بسبب انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا لأن البرلمان المنتخب -الذي سيعود من عطلته الصيفية في السادس والعشرين من أكتوبر- لم يأذن للحكومة بالاقتراض.

وأدت الخلافات المستمرة والمآزق السياسية المتكررة على مدى عقود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت إلى إجراء تعديلات حكومية متتالية وحل البرلمان، وهو ما أعاق مشاريع الاستثمار والإصلاح الاقتصادي في البلاد التي شهدت عجزا قياسيا في ميزانيتها العامة بلغت قيمته 35.5 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في الحادي والثلاثين من مارس 2021.