ماجد الداعري

حقائق مغيبة عن زعيم الشعبوية الحضرمية دون منازع

لعل نجاح مشاورات الرياض الجديدة، في إعادة اللواء احمد سعيد بن بريك، محافظ حضرموت السايق ورئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، إلى العاصمة السعودية مجددا، هو النجاح والحدث الأكبر لصالح السعودية من كل تلك الحفلة الفاخرة في تقديري، كون وجود الصمرقع بالرياض، يأتي بعد قطيعة دامت أكثر من نصف عقد من الزمن، على احتجازه القسري هناك، رهن الإقامة الجبرية، لقرابة الشهرين، على اثر اضطرار الديوان الملكي السعودي لتوجيه دعوة خاصة مفخخة دبلوماسيا له- بتنسيق لئيم من شرعية المنفى - للحضور الهام للعاصمة السعودية، قبل أيام من صدور قرار إقالته الإنتقامية المخادعة، من منصبه كمحافط لحضرموت، وتعيين رفيقه البحسني خلفا له، وتركه رهن الاحتجاز الإجباري القسري بأحد قصور المملكة، بالرياض،منتظرا تحديد موعد اللقاء الملكي به، حتى صدم بقرار إقالته الذي لم يكن ليتوقع أن ينخرط الديوان الملكي السعودي بكله فيه ومن اجل تنفيذ مسرحية هزلية كهذه لإخراجه من حضرموت واحتجازه وتقييد حريته بالرياض ومنع كافة وسائل الاتصال عنه، حتى تيقن شرعية الفشل الذريع، بأن خليفته اللواء فرج البحسني قد تمكن فعلا من تولي منصب محافظ حضرموت، خلفا له، إلى جانب قيادة منطقته العسكرية الثانية، وتسلم الأمور، دون أي ضجيج أو رفض وتمرد من أحد على تنفيذ القرار، كما كانت شرعية المنفى الرخوة، تتوقع ذلك، في حال صدر قرار كهذا تزامنا مع وجود ابو عصام، قيد الحرية في حضرموت أوالداخل الجنوبي أو حتى سمح له بالتواصل الهاتفي من مقر احتجازه المهين بالرياض، بعد أن اخبرني صديق حضرمي تمكن من زيارته في مقر اقامته القسري يومها، أن اللواء بن بريك، سأله فور مقابلته، عما إذا كان لديه تلفون وأنه من حسن حظه قد تمكن من إدخال هاتفه معه، دون سحبه من الحراسات الامنية، واعطاه الهاتف فعلا، ليجري منه،عدة مكالمات لم يفصح لي عن فحواها ولا حتى هوية من تواصل معهم، من أجل تخفيف بعض أوجاع قهره ومرارة خداعه ممن وثق بدعوتهم، بعد توتر علاقته حينها مع قادة الشرعية وبلوغ الأمر حد القطيعة ورفض الإجابة على اتصالات الرئاسة ومدير مكتب الرئيس ورئيس حكومته يومها بن دغر، وصولا إلى خروجه بخطاب متلفر له بالمكلا، يتهم فيه وزراء حكومة الشرعية بالقدوم اليه في حضرموت، للشحت وتسول مائتين او خمسمائة ألف، لتغطية مصاريفهم وسفرهم ومن معهم إلى المكلا التي كانت قبل إقالته المباغتة، بصدد تزويد عدن بشحنات المحروفات من ميناء المكلا، لحل أزمتي تغييب المشتقات النفطية ووقود الكهرباء المستخدمتين- من شرعية الانتقام من كل جنوبي مخلص مع شعبه - كورقة ابتزاز وتركيع للسلطة المحلية يومها بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي فيما بعد، ولكسر احتكار تجار نفط وكلاء اذرع القوى السياسة المهيمنة على قرار الشرعية المهترئة والتي لجأت إلى اقحام التحالف في تنفيذ خططها الإنتقامية الجهنمية من الشعب الجنوبي، خشية توفر اي بيئة مستقرة تساعده على نيل حقه الوطني المشروع،في تقرير مصيره وإعادة استقلال دولته الجنوبية، ومن ذلك منع التحالف، هبوط الطائرة التي كانت تقل يومها اللواء بن بريك ووفده الحضرمي من الهبوط في مطار عدن واعادتهم إلى المكلا، وافشال اللقاء التاريخي الذي كان مخططا له بينه ومحافظ عدن اللواء الزبيدي، للترتيب لحظة تنهي أزمة المشتقات النفطية ووقود الكهرباء بعدن من جهة وللتنسيق على ضرورة إنشاء أو إعلان تكتل جنوبي سياسي يمثل الجنوبين وقضيتهم الوطنية وهو الذي أفضى لاحقا، إلى اعلان المجلس الانتقالي الجنوبي. وهذه كانت للأمانة حقائق مغيبة ويجهلها الكثيرون اليوم بمن فيهم أبرز إعلاميو الانتقالي ومطبليه وناشطيه.
ولعل الأمر الأكثر صدمة بالنسبة للقائد اللواء بن بريك، هو المتمثل في فخ الاختيار الجهنمي المدرس للواء البحسني كي يتولى منصب محافظ حضرموت ولو بالجمع بين اختي المنصبين الإداري والعسكري، كي يضمن من اختاره بسريان وتنفيذ قرار الاطاحة به من منصب المحافظ، بعد أن كان يدرك أن الشرعية تخطط لكيفية ازاحته فعليا ونهائيا وتخليص حضرموت من سطوة نفوذه وتمدده الشعبي ورفضه المؤكد لأي قرار يطيح به من من منصب الرجل الأول بحضرموت، سيما بعد ووضعه أكثر من خيار لمواجهة الموقف والاستمرار في إدارة حضرموت كحاكم بقوة الأمر الواقع وتأييد الإرادة الشعبية الحضرمية.
ولذلك جاء الاختيار الغير متوقع من الجميع للبحسني كمحافظ وقائد عسكري لحضرموت، كون اللواء بن بريك، هو فعلا من اختاره ورشحه ليتولي قيادة المنطقة العسكرية الثانية وتأسيس وتدريب قوات نخبتها الحضرمية التي تولت بعدها بقيادته، مهمة تحرير المكلا وساحل حضرموت من المجاميع المسلحة المنتمية افتراضا لتنظيم القاعدة وقواعده المحلية والاقليمية، بعد أن كان البحسني يعمل مديرا ماليا لشركة محروقات نفطية تابعة لرجل أعمال حضرمي بالسعودية، منذ حوالي عشرون عاما على مغادرته وعائلته لليمن، بعد هزيمة الجنوب في حرب صيف ١٩٩٤م التي شارك فيها ببسالة كقائد لإحدى اهم الجبهات العسكرية التي كسرت تقدم القوات الغازية منها في اتجاه البريقة صلاح الدين قبل أن يغادرها بحرا على متن زورق هو وكل من معه، بعد وصول جحافل صنعاء يومها إلى خور مكسر وكريتر،كما حدثني بذلك ضابط جنوبي كان ضمن قواته جبهته يومها. 
ولعل إختيار البحسني خلفا لبن بريك جاء أيضا، بعد أن ضافت كل خيارات شرعية المنفى، في اختيار محافظ لحضرموت، بعد أبوعصام، يضمن ولاء وتأييد البحسني ومنطقته العسكرية له ويكسر التحالف المصيري بين القائدين الحضرميين المتكاتفين جدا، ولم يكن أمام شيطان هادي، إلا أن يختار البحسني محافظا لحضرموت إضافة إلى منصبه العسكري،قائدا للمنطقة العسكرية الثانية  بدلا من ازاحته هو الآخر من منصبه كما كان مخططا له، ولو كان ذلك القرار، على حساب مخالفة القانون وازدواجية الجمع بين منصبين أووظيفتين عامتين، منذ إجبار الزعيم عفاش بكله، على التخلي القسري عن منصب رئاسة مجلس القضاء الأعلى الذي كان يتولاه في عز قوة دولته، إلى جانب رئاسة الجمهورية ومنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن.
وبعد أن رفض بن بريك، كل إغراءات وتهديدات إقالته، واستمراره في التواصل مع قيادة السلطة المحلية بعدن والترتيب مع الكثير، لتشكيل حامل وطني سياسي للقضية الجنوبية، غير مبال ولا مكترث بأي خطوات انتقامية ضده كان يتوقع ان تقدم عليها من كان يهاجمها بسخرية لاذعة ويصفها بشرعية الفنادق والمنفى، بحكم النرجسية العالية التي يتمتع بها كزعيم للشعبوية الحضرمية دون منازع. 
ولذلك يحضى اللواء بن بريك، بمكانة خاصة لدى الانتقالي ورئيسه خصوصا، ووحده من يملك شجاعة انتقاد الانتقالي ورفض بعض قرارته ومنها التخلي عن الإدارة الذاتية للجنوب والمشاركة في اتفاق الرياض ووحده من يمتلك حق الاعتراض والتمرد على طاعة الانتقالي العمياء للتحالف السعودي الإماراتي، رغم تمتعه ببروتوكولات خاصة به داخل مقر المجلس الانتقالي، وترتيبات أمنية وفنية خاصة بلقاءاته بضيوفه واكرام زواره الكثر،كما شهدت ذلك الاحترام والتقدير المبالغ فيه له بعيني داخل مقر الانتقالي بجولدمور حينما زرت المجلس للمرة الأولى والأخيرة، قبل حوالي عامين، وسلمت عليه للمرة الأولى هناك وصافحني فيها ببرود قاتل،لتنافر شكلي مع مواصفات أصدقائه وطبيعة ضيوفه رغم تكفل الناطق العسكري للمجلس الانتقالي والقوات الجنوبية محمد النقيب بتعريفه بشخصي.
لكنه ومع هذا يبقى الشخصية الحضرمية الأكثر شجاعة وتضحية ونرجسية وشعبوية أيضا في تقديري ووحده من قادة الانتقالي، من لا يرد له أمرا أو طلبا لدى الزبيدي وأغلب قادة المجلس الانتقالي ،حتى لو كان قرارا عسكريا مصيريا يصدره بغياب الزبيدي، وبحجم خوض معركة فاصلة مع قوات الشرعية بعدن، لتطهير العاصمة الجنوبية منها وممن يصفها بخلاياها الإرهابية التي تخطط للانقلاب على شرعية الرئيس هادي، كما جاء في تصريحات له، بعد نفير الانتقالي العسكري ضد ألوية ومعسكرات الشرعية في ينايز من العام قبل الماضي، حينما حرص فيه، اللواء الحضرمي المثير للجدل على الظهور الاعلامي ببزته العسكرية وكانه في مهمة قيادة تلك المعركة التي انتهت لصالح الانتقالي الذي كان يتولى مهام رئيسه المتواجد خارج البلاد يومها وفي خضم معركة أخرى أيضا بعدها!
ولعل النزعة العسكرية نحو المواجهة لدى بن بريك،خلافا للطبيعة الحضرمية المسالمة جعلت الكثيرون من الحضارم أنفسهم يعيدون تصنيف جذوره القبلية جغرافيا إلى يافع التي كانت ضمن ولايات الدولة القعيطية الحضرمية يومها.
ولعل تنامي نفوذ اللواء بن بريك داخل الانتقالي، جعله هدفا لدى السعودية التي حاولت الضغط بكل الطرق لإخراجه من عدن ونجحت مؤخرا في ابعاده إلى القاهرة حيث ماتزال تقيم عائلته منذ أن كان ملحقا عسكريا للجمهورية اليمنية حتى تعيينه محافظا لحضرموت قبل أكثر من خمس سنوات، وقبل ان توجه له الرياض دعوة حضور باسم الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي للمشاركة في ما اسميت #المشاورات_اليمنية_اليمنية بالرياض ليظهر هناك أبوعصام مجددا، كضيف جنوبي مشارك مع رئيسه ووفد مجلسه التفاوضس، ويخضى بشرف استدعاء رسمي، لأول مرة، منذ إطلاق سراحه من مقر اقامته الجبرية في أحد قصورها الملكية التي يعرف خباياها الغادرة اكثر من غيره من المشاركين في جلسات التشاور الوهمي لمحاولة إعادة ترتيب صفوف الشرعية المتهالكه واوجه رئاستها المهترئة ولاعلاقة للسلام فيها حقيقة، بأي صلة، كون طرفي الحرب، والازمة بعيدين عن أي تمثيل فيها.
#زعيم_الشعبوية_الحضرمية_دون_منازع
#ماجد_الداعري


 

مقالات الكاتب