من يعرقل معركة تحرير صنعاء؟
صالح أبوعوذل
زعم أحد الإخوة اليمنيين، وعلى شاشة قناة الحدث السعودية، أن «الجنوب» يعرقل معركة تحرير صنعاء.وأثناء ا...
تمر المنطقة الجنوبية اليوم بمرحلة تاريخية حاسمة تتشكل ملامحها من خلال التقاء عاملين أساسيين: الحسم العسكري الثابت على الأرض، والتفويض الشعبي الواضح الذي يعبر عنه المواطنون في كافة المحافظات.
لم يعد المشهد يحتمل التأويلات المزدوجة أو القراءات المرتبكة، فقد أكدت القوات المسلحة الجنوبية عبر عملياتها المتتالية أنها قادرة على تثبيت الركيزة الأمنية للدولة المنشودة، بينما يثبت الشارع الجنوبي من خلال الاعتصامات المتصلة والحشود المليونية أنه يملك الإرادة الكاملة لتحويل هذا المكسب الأمني إلى استحقاق سياسي ملزم.
إن التحركات الميدانية التي شهدتها مناطق شبوة وحضرموت والمهرة، إلى جانب الامتداد الجغرافي الواسع للاعتصامات الشعبية من عدن إلى سقطرى، ترسم معاً صورة واضحة لإجماع وطني لا يمكن تجاهله.
هذا التفويض الجماهيري ليس تعبيراً عابراً عن الرأي، بل هو إعلان صريح عن الإرادة المطلقة لإنهاء حالة الشراكة القائمة والمطالبة الفعلية بإعلان الاستقلال الثاني. لقد أصبح الصمود الشعبي في الساحات والميادين هو الجسر الطبيعي الذي يربط بين التضحيات العسكرية على الجبهات والمطالب السياسية على طاولة الحوار.
في مواجهة التحديات الأمنية المستمرة، مثل استهداف معسكر عارين اليوم، يأتي الرد مزدوجاً: عسكرياً عبر الصمود البطولي للقوات المسلحة، وشعبياً عبر الخروج المدني الهادر الذي شهدته مدن عدن وعتق وغيرها. هذا التكامل بين ساحتي المعركة يرسل رسالة واضجة إلى كل الأطراف بأن التحديات الأمنية لن تثني الإرادة الجنوبية، بل ستزيدها إصراراً على ترجمة التضحيات إلى سيادة كاملة وحقوق سياسية غير قابلة للتفاوض.
إن المشهد الحالي يفرض على القيادة السياسية الجنوبية قراءة المعادلة الجديدة بكل وضوح: لقد تلقيت تفويضاً شعبياً غير مسبوق، وأصبح الاستقرار في الجنوب مرهوناً باحترام حق شعبه في تقرير مصيره. آن الأوان للتحرك بثقة وجراءة، وتحويل هذا الزخم الشعبي والعسكري إلى قرار تاريخي يعلن نقطة اللاعودة نحو بناء الدولة الجنوبية المستقلة التي طالما ناضل من أجلها الشعب الجنوبي بكل فئاته وطبقاته.