من القبلية إلى الذكاء الاصطناعي
د. فائز سعيد المنصوري
في زمن مضى، كانت القبيلة الحصن والسند الذي يحمي أبناءها ويضمن لهم الأمن في مواجهة الأخطار. أما اليوم...
تتألق أوزبكستان الجديدة كمنارة ثقافية، حيث تشكل الفنون الجميلة والتطبيقية قلب رؤيتها للنهضة الحديثة. تحت قيادة الرئيس شوكت ميرضيائيف، تسعى أوزبكستان إلى إحياء إرثها الفني العريق، مدمجةً الإبداع المعاصر مع التقاليد الغنية لتخلق جسراً يربط بين الماضي والمستقبل. من خلال معارض دولية، مبادرات تعليمية مبتكرة، وتعاون ثقافي عابر للحدود، تضع أوزبكستان نفسها كمركز إبداعي يعزز الهوية الوطنية ويروج لقيم الإبداع والتسامح على الساحة العالمية.
في إطار رؤية "أوزبكستان الجديدة"، تُعد الفنون الجميلة والتطبيقية ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الروحية والاجتماعية-الاقتصادية. تركز استراتيجية التنمية الوطنية على تعزيز الفنون البصرية والتطبيقية والتصميم، بهدف رفع الذوق الجمالي للمجتمع ودعم المبدعين. في عام 2024، أطلقت الحكومة مشاريع طموحة تشمل إعادة تأهيل قاعة المعرض المركزية في طشقند، وإنشاء مركز إبداعي للفنانين الشباب يضم 40 ورشة عمل، إلى جانب إقامة ورشة وطنية لصناعة الورق لتعزيز فنون الخط والمنمنمات. هذه المبادرات تعكس التزام الدولة بجعل الفنون قوة دافعة للتنمية الثقافية والاقتصادية.
حيث تسعى أوزبكستان إلى تخليد ذكرى فنانيها العظماء كجزء من تعزيز الهوية الوطنية. خلال السنوات الثلاث الماضية، تم إنشاء 36 تمثالاً، 38 تمثالاً نصفيًا، 5 نقوش بارزة، و17 نصبًا تذكاريًا لتكريم الأسلاف المبدعين. على سبيل المثال، تم الاحتفال بالذكرى الـ120 لميلاد الفنان محيي الدين رحيموف والذكرى الـ90 لميلاد أورتيق فيزولاييف بفعاليات ثقافية واسعة. في عام 2024، تم تكريم فنانين بارزين مثل أورول تانسيكبويف وإسكندر إيكروموف ومبارك يولدوشيف من خلال فعاليات تعليمية وثقافية، مما يعكس التزام الدولة بالاحتفاء بإرثها الفني.
كذلك تشهد الفنون الأوزبكية نهضة دولية من خلال مشاركة متزايدة في المعارض والمهرجانات العالمية. خلال السنوات الثلاث الماضية، تم تنظيم 520 معرضًا، بما في ذلك ندوتين دوليتين للنحت وفعاليات في الهواء الطلق، مما ساهم في اكتشاف مواهب جديدة وتعزيز التبادل الثقافي. في عام 2023، أُطلقت دار مزادات "معرض الفنون" في طشقند بالتعاون مع اتحاد فناني أوزبكستان، ونُظّم أول مزاد للأعمال الفنية في تاريخ البلاد. كما تم توقيع مذكرات تعاون مع اتحادات الفنانين في طاجيكستان وتركمانستان، ومع المتحف الوطني الإيراني، مما عزز مكانة أوزبكستان كمركز ثقافي إقليمي.
بالإضافة إلى ذلك يُولي النظام التعليمي في أوزبكستان اهتمامًا كبيرًا بتدريب المتخصصين في الفنون. في عام 2021، أُنشئ مركز لإعادة تدريب المعلمين والمتخصصين في الفنون الجميلة والتطبيقية ضمن أكاديمية الفنون، مع توقيع مذكرات تعاون مع مؤسسات تعليمية في دول مثل الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، والهند. في عام 2024، تم إطلاق برامج تبادل إبداعي للطلاب، ومنحة كمال الدين بهزود دعمت 21 طالبًا بين 2021-2023. كما تم إصدار 19 كتابًا تعليميًا جديدًا بين 2022-2024 لتطوير التعليم الفني في المدارس المتخصصة، مما يعزز جودة التدريب ويربط الشباب بالتراث الثقافي.
كما تُعد أكاديمية الفنون في أوزبكستان محورًا لتطوير الصناعة الثقافية. في عام 2023، زاد عدد الأكاديميين إلى 43 عضوًا، مع انتخاب 9 فنانين جدد، مما يعكس النمو العلمي والفني. كما تم قبول فنانين دوليين مثل أماندوس أكاناييف من كازاخستان وساكيت محمدوف من أذربيجان كأعضاء فخريين. في عام 2024، أصبحت فعاليات مثل بينالي طشقند الدولي للفنون التطبيقية ومهرجان "أفراح طشقند" للوحات الأطفال منصات عالمية لاكتشاف المواهب وتعزيز الحوار الثقافي. كما نظمت الأكاديمية معرضًا بالتعاون مع منظمة TURKSOY لعرض أعمال فنانين من الدول التركية.
تواصل أوزبكستان تعزيز مكانتها كمركز ثقافي عالمي من خلال مبادرات رائدة. في عام 2025، من المقرر إطلاق مشروع لتطوير متحف حديث للفنون في طشقند، إلى جانب توسيع برامج التدريب الدولي. كما تستمر فعاليات مثل بينالي طشقند الدولي للفن المعاصر ومهرجانات النحت في جذب فنانين من جميع أنحاء العالم. هذه الجهود، بدعم من سياسات الدولة، تجعل الفنون الأوزبكية أداة لتعزيز الوحدة الوطنية والحوار العالمي، مؤكدةً دور أوزبكستان كقوة ثقافية صاعدة في آسيا الوسطى.