عبود الحربي

الريال اليمني تحسن حقيقي أم مناورة سياسية

وكالة أنباء حضرموت

شهد الريال اليمني خلال الأيام القليلة الماضية تحسن مفاجئ وكبير أمام الدولار الأمريكي والريال السعودي فبعد أن وصل الدولار الأمريكي الواحد في المحافظات المحررة إلى 2900 مقابل الريال اليمني هبط إلى 1617 للشراء و 1632 للبيع، وكذلك الريال السعودي كان قد تخطى حاجز ال750 هبط إلى 425 للشراء و 428 للبيع، هذا التحسن المفاجئ والسريع للريال اليمني أمام العملات الأخرى ليس طبيعيا لعدد من الأسباب لعل أبرزها، عدم وجود وديعة مالية جديدة او قروض خارجية ولا حتى إستقرار نقدي او سياسي في اليمن، بإستثناء بعض الإجراءات البنكية والحكومية ألتي ربما تكون فعلا قد ساهمت بتحسن سعر الريال، ومن ذلك الإجراءات الحكومية الحازمة والمعالجات المالية والمصرفية، من خلال إنشاء لجنة لتنظيم كافة الأعمال الإقتصادية والإشراف والرقابة على عملية الإستيراد والبيع والشراء للعملات الصعبة، إلى جانب إصدار البنك المركزي في العاصمة المؤقته عدن عددا من القرارات وإيقاف التراخيص للعديد من محلات الصرافة في المناطق المحررة، وكذلك نقل كافة العمليات المالية ومقرات البنوك الرئيسية إلى العاصمة عدن،
صحيح أن الإجراءات الحكومية أثمرت وبوقت قياسي عن كبح جماح التضخم وتحسن سعر الريال اليمني بصورة مذهلة وغير مسبوقة في تأريخ العملة المحلية منذ سنوات طويلة، ولكن هناك مخاوف من أن يكون هذا التعافي مجرد تحسن صوري ومؤقت وغير حقيقي، بسبب عدم وجود عوامل فعلية على أرض الواقع تضمن التعافي المستدام للعملة، وعدم العودة إلى المربع الأول، خصوصا وأن الإجراءات الحكومية غير كافية، لعدم سيطرتها الكاملة على الموارد السيادية والمحلية، وذلك بسبب عدم الإستقرار السياسي في المحافظات المحررة، ألتي تخضع لسيطرة جهات وأحزاب سياسية متناقضة وغير متوافقة مع بعضها، إلى جانب الوضع العام في البلد الذي يعيش حالة من عدم الإستقرار، منذ إنقلاب الحوثيين على الشرعية المعترف بها دوليا، وحتى بعد توقيع الهدنة الأممية في 2 أبريل 2022،.

الخبراء الإقتصاديون بدورهم منقسمون بين متفاءل ومتشاءم من هذا التحول المفاجئ في سعر الريال اليمني، وفلسفة المتفائلون أن التحسن الحاصل حقيقي ويستند إلى كومة من الإجراءات البنكية والحكومية خلال الفترة الأخيرة، وذهب البعض إلى أبعد من ذلك بالقول أن هناك دعم دولي كبير للإقتصاد اليمني في المناطق المحررة، وسيتم إستقرار الريال اليمني عند 140 ريال مقابل الريال السعودي، حسب الخطط المرسومة من قبل الحكومة الشرعية والبنك المركزي في عدن، وعلى النقيض هناك تشاءوم من البعض الأخر، ألذين يقولون أن التعافي الحالي للعملة المحلية أمام الدولار الأمريكي والريال السعودي مجرد لعبة سياسية، من أجل إمتصاص الغضب الشعبي المتنامي في المحافظات الخاضعة للشرعية لكون هذا التعافي المفاجئ لا يستند لعوامل إقتصادية ملموسة،

كبار المصنعين والموردين بدورهم متخوفين وقلقين من التقلبات المالية الحاصلة، ولعل البيان الصادر عن مجموعة شركات هايل سعيد أنعم قبل أيام تحدث عن ذلك وطالب الحكومة والبنك المركزي بالإلتزام بتوفير الدولار الأمريكي بأسعار السوق الجديدة، مالم فلن يتمكن القطاع الخاص من تحمل الأعباء والتكاليف، وربما تكون النتائج المستقبلية كارثية للعملة والمواطن معا، هذا الطرح وهذه المبررات تعكس المخاوف الحقيقية لديهم وسبب ذلك الإجراءات والقرارات المفاجئة للجميع،

المواقف متباينه والأخبار والشايعات كثيرة، ومن ذلك أن التعافي الحاصل في القيمة الشرائية للريال اليمني نتيجة الدعم المقدم من الخزانة الأمريكية للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، بعد إجتماع لمسؤولين يمنيين مع نظراءهم من الأمريكيين في العاصمة السعودية الرياض قبل أيام، وذلك لفرض عقوبات إقتصادية على المليشيا الإنقلابية الحوثية في صنعاء، وغير ذلك من الأخبار المتداولة مجهولة المصدر، وعليه فالواجب على حكومة الشرعية والبنك المركزي أن يبينوا لعامة الشعب حقيقة الأوضاع الحاصلة بدلا من ترك الحبل على الغارب، فالإجراءات والقرارات والنزول الميداني لضبط الأسعار من قبل مكاتب التجارة والصناعة والأجهزة الأمنية في عموم المحافظات المحررة لا تكفي، خصوصا وأن الوضع النقدي لم يستقر حتى الأن ولا أحد يعلم السر وراء الهبوط المفاجئ والكبير لأسعار العملات الصعبة أمام العملة المحلية ؛

نتمنى وغيرنا الكثير في الداخل والخارج أن يكون التحسن المفاجئ للعملة المحلية وهبوط سعر الدولار الأمريكي والريال السعودي، حقيقة واقعية ملموسة، ومبنية على أرضية إقتصادية قوية وثابته، وليس مجرد لعبة سياسية وفقاقيع صابونية سرعان ماتنتهي، وذلك من أجل إمتصاص الغضب الشعبي المتصاعد في جميع المحافظات اليمنية المحررة ضد الفساد وضد السياسة المالية للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، خصوصا وأن بعض الخبراء الإقتصاديون يحذرون من الإنعكاسات السلبية القاتلة، ألتي ربما تعيد العملة المحلية إلى المربع الأول والأسوأ، في ضل إنعدام الشفافية والوضوح من قبل الجهات الحكومية المختصة،