نزار هيثم
الجنوب في مواجهة التحديات وحدة الصف طريق النصر
لسنا ملائكة، وبعيون العدو نحن شياطين. وفي الواقع، نحن بشر، نصيب ونخطئ، نضعف أحيانًا، لكننا لا نستسلم. نحن أبناء الجنوب، شعبٌ جبارٌ صمد في وجه كل محاولات الإخضاع والتهميش، وواجه أعتى القوى العسكرية والسياسية بثباتٍ وعزيمةٍ لم تلن. واليوم، يقف الجنوب على أعتاب مرحلة مصيرية، تتطلب منا جميعًا أن نكون أكثر وعيًا، أكثر يقظة، وأكثر التزامًا بوحدتنا الوطنية.
يكثر البعض من الشكوى والتحسر على ما مضى، محملين المجلس الانتقالي الجنوبي وحده تبعات الواقع الراهن، وكأن الأزمة وليدة اللحظة
غير أن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن الخلل بدأ منذ نكبة الوحدة عام 1990، واستمر مع منظومة الحرب التدميرية في 1994، حين تم استباحة الجنوب أرضًا وإنسانًا، واستهداف بنيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية والعسكرية بشكل ممنهج.
ما جرى منذ ذلك الحين ليس مجرد أخطاء عابرة، بل مشروع احتلال قائم على الإقصاء والتهميش ونهب الموارد وإحلال ثقافة الهيمنة بالقوة والاستيطان . ومع ذلك، لم يستسلم الجنوب، بل ظلّ يقاوم بشتى الوسائل بدئآ بحتم وموج وتاج وإنتفاضة المتقاعدين العسكريين وصولآ لإنطلاق الحراك الجنوبي السلمي في ٧ يوليو ٢٠٠٧ م ، حتى جاءت لحظة 2015 التي أظهرت المعدن الحقيقي لأبنائه، حيث كان الأبطال في الميدان، يقاتلون ببسالة دفاعًا عن الأرض والكرامة، فيما كان البعض يتفرج أو يراهن على سقوط عدن وبقية المحافظات الجنوبية في قبضة الحوثيين والتاريخ لا ولن يرحم المتخاذلين.
المعركة لم تنتهِ بعد
اليوم، يواجه الجنوب معركة جديدة، لكنها ليست عسكرية فقط، بل سياسية واقتصادية وأمنية، حيث تسعى أطراف عدة إلى ضرب استقرار الجنوب من الداخل، مستخدمة أدواتها الحوثية والإرهابية، وبدعم إقليمي ودولي، لضرب نسيجنا الوطني وخلق صراعات جانبية تستنزف قوانا.
إن العدو أصبح أكثر خطورةً وتعقيدًا، فهو لا يأتي هذه المرة عبر الدبابات والطائرات فقط، بل عبر الحرب الاقتصادية، وافتعال الأزمات، وضرب مؤسسات الدولة، ونشر الفوضى الأمنية، وتشويه القيادة الجنوبية أمام الشعب. وكل هذه المحاولات هدفها إعادة الجنوب إلى مربع الفوضى، ليصبح سهل السيطرة عليه من جديد.
وفي ظل هذه التحديات ، يبقى المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي السد المنيع في مواجهة المخاطر المحدقة بالجنوب. هو الممثل السياسي لقضيتنا، وهو القوة التي تملك الشرعية الشعبية والعسكرية والسياسية للدفاع عن مصالح شعبنا. والالتفاف حوله اليوم ليس خيارًا بل ضرورة حتمية، لمنع أي اختراق في الصف الجنوبي، ولمواجهة المؤامرات التي تحاك لزعزعة أمننا واستقرارنا.
وحدة الصف خيارنا الوحيد,لايجب أن نقف متفرجين، أو أن نلقي باللوم على هذا الطرف أو ذاك، وكأننا لسنا جميعًا جزءًا من هذه المعركة. كلنا في مركب واحد، ومسؤوليتنا التاريخية تفرض علينا أن نكون على قدر التحدي. وحدة الصف هي قوتنا، وتماسكنا هو درعنا الحصين أمام أي محاولة للنيل من مكتسبات الجنوب.
المطلوب اليوم ليس التباكي على الواقع، بل العمل الجاد والمخلص من كل فرد، كلٌ في موقعه، سواءً في الميدان، أو في مؤسسات الدولة، أو في الإعلام، أو في المجتمع المدني. فكل جهد، مهما بدا صغيرًا، هو لبنة في بناء الجنوب الحر المستقل.
نحن في مرحلة استثنائية، تتطلب قيادةً قويةً، وجبهةً داخليةً صلبةً، وشعبًا يدرك أن التحديات لا تُواجه باليأس والفرقة، بل بالإيمان بالهدف، والعمل المستمر لتحقيقه. واليوم، أمام كل المخاطر المحدقة بالجنوب، لم يعد هناك مكان للتخاذل أو التشكيك أو التردد.
التفافنا حول قيادتنا السياسية، والتزامنا بقضيتنا، وتمسكنا بوحدتنا الوطنية، هو الطريق الوحيد نحو النصر، واستعادة دولتنا الجنوبية الحرة والمستقلة.
عهدنا واحد واصطفافنا حصن الجنوب وسلاح نصره ومصيرنا مشترك والنصر بإذن الله للجنوب وأبنائه الأحرار