خطاب المفلحي

مغامرة على طريق الموت في غابات أوروبا

وكالة أنباء حضرموت

ما زال البعض يعتقد أننا سافرنا في رحلات فاخرة كما يفعل أبناء المسؤولين والسفراء و"الشخصيات المهمة". مغامرة الموت التي قد تخسر فيها روحك! يا ترى لماذا كل هذا التضحية ومن أجل ماذا؟

في عام 2015، عند اندلاع الحرب، كنت في الهند أدرس اللغة الإنجليزية بدعم من والدي العزيز. مثلي مثل معظم الشباب هناك، كنت مبتعثًا من أسرتي وليس من الدولة. قلة قليلة هم من يحصلون على بعثات حكومية. في أول طائرة وصلت من الهند إلى عدن بعد التحرير مباشرة، طلبت من أبي أن يحجز لي تذكرة. كانت مكاتب الطيران اليمنية في الهند مغلقة حينها. كان أبي يريدني أن أكمل دراستي الجامعية في الهند. مثل معظم الشباب الجنوبي، كنت شابًا ثائرًا يحلم بمستقبل أفضل. لكنني أصررت على العودة إلى وطني وأهلي، رغم كل المخاطر. كنت متحمسًا وشوقًا لرؤية عدن بعد التحرير والمشاركة في إعادة بنائها. ذهبت إلى خياط هندي وطلبت منه أن يخيط علم الجنوب على صدري لأرفعه بفخر عند نزولي في مطار عدن. (سأرفق الصورة بالتعليقات) وصلت عدن ووجدت الخراب منتشراً في كل مكان. كان القصف قد دمر المطار، وكانت الأسلحة والدبابات تحاصره. ركبنا سيارة أجرة وتجولنا في مدينة أشباح خالية من السكان. شعرت باليأس والإحباط. بحثنا عن فندق لقضاء ليلة واحدة ثم سافرنا إلى بلدنا. بعد أيام قليلة، عدنا إلى عدن لمشاهدة المدينة وهي تنهض من جديد. حاولت الالتحاق بجامعة عدن الحكومية، لكن المحسوبية والفساد منعا ذلك. فالتحقت بكلية الصيدلة في جامعة العلوم والتكنولوجيا بدعم من والدي. خلال الفترة من 2015 إلى 2020، شهدت عدن الكثير من الصراعات والحروب. كل عام كان يشهد حربًا جديدة على السلطة. وكأي شخص ينتقد الوضع، كنت أتهم بالإرهاب أو بالتبعية لأطراف أخرى. صنعنا رموزًا وقادة جنوبيين وعبدناهم، لكنهم في النهاية انحرفوا عن مسارهم وخدموا مصالحهم الشخصية. خدعونا بوهم الحرية والاستقلال. 

كنا أول من انضم إلى المجلس الانتقالي في عام 2017، لكننا سرعان ما اكتشفنا أننا كنا مخدوعين. دارت الأيام وتكررت الأحداث، وكنا ننتقل بين النقد والتأييد. الوعي كان موجودًا، لكن العاطفة وحب الوطن كانتا أقوى. لم نرَ الدولة التي حلمنا بها، ولم نشعر بالأمان. بل رأينا قادتنا يجمعون الثروات ويتركون الشعب يعاني. عندما كانت القوات الأمنية تعتقل الناس وتتهمهم بالإرهاب، كنا نغض الطرف. لكننا اكتشفنا فيما بعد أنهم كانوا يبتكرون الإرهاب ويحاربونه في مسرحيات هزلية. يتبع... يا الله سامحنا، أنت وحدك تعلم ما في قلوب الجميع.