د. عبده يحيى الدباني

حاشية في موضع التقديم !

وكالة أنباء حضرموت

الحمد لله رب العالمين 
القائل ( نحن نقص عليك احسن القصص )  
والصلاة  والسلام على سيد المرسلين 
القائل ( أنا أفصح العرب بيد اني من قريش )
أما بعد :
ففي ما يأتي لمحة من خلال هذا التقديم المتواضع عن رواية الزميل الصديق  الكاتب الأستاذ د علي عبده الزبير (المعنونة ب (المتحول)  وقد طلب مني زميلي ان اكتب تقديما لها وتعريفاً به وقد كانا في غنى عن ذلك  فهذه الراوية جديرة  أن تجتذب القارئ  من غير أي تقديم أو تنويه وكاتبها معروف والمعروف لا يعرف. بيد انني حرصت أن تكون لي لمسة ولا أقول  بصمة في هذا العمل السردي  الجميل وأن يرتبط اسمي باسم صديقي وروايته فلطالما ارتبط اسمانا في هذه الحياة طالبين ومعيدين ومدرسين واستاذين  وكذلك في التأليف وفي عالم الكتابة والأدب وغير ذلك .
لقد قرأت هذه الرواية واستمتعت بقراءتها  ورحلت مع اشخاصها النادرين  عبر الزمان والمكان!لى عوالمها الجميلة المدهشة المتحولة غير المعروفة فتزودت بمعرفة تلك الأماكن وتعرفت على تلك الشخصيات وتلك التجارب فزدت بسطة في العلم والمتعة ، وهكذا هو  الأدب تجارب تضاف إلى تجارب القارئ لاسيما الفن الروائي فالمرء يعيش حياة واحدة ويخوض تجارب محددة ولكنه من خلال الأدب يعيش حيوات كثيرة ويتزود بتجارب متنوعة تثري ثقافته وتنمي ذوقه وفكره وأخلاقه .
وفيما يخص عناصر السرد في هذه الرواية اقف برهة أمام الزمان والمكان والشخصيات واللغة وقفات ليست نقدية احترافية ولكنها مدخل إلى ذلك أو هي حاشية كما ذكرت .
أما الزمان فزمان الراوية هو زمن بطلها المتحول منذ أن كان طفلاً صغيراً بدأ في التحول إلى أن صار زعيماً أول في بلاده  ثم بدأ المواجهة مع قوى الاستعمار القديم الجديد وشرع يكتب قصته وهي هذه الرواية نفسها التي كانت بدايتها نهاية ونهايتها بداية فكانما هي دائرة روائية أن جاز التعبير . وقد أشار بطل الرواية ( المتحول) أنه قد اقترب من نهاية العقد السادس من عمره .
 هناك قفزات في الزمن وهنالك فجوات ولكنها غير مخلة بتماسك الزمن الروائي ولكنها زادته دهشة فهناك استباق قليل وهناك استرجاع كثير ؛ فلم يسر الزمن  في خط مستقيم متصاعد ولكنه تميز بهذه الفنون الزمنية السردية . فكلما حدثت فجوة في الزمن برز الاسترجاع  يملأها بأثر رجعي حسب لغة المعاملات الإدارية والمالية!
وعلى الرغم من طول زمن الرواية فإن الكاتب لم يغرق في تفاصيله فقد مضى يسرد الأحداث المتعلقة بالبطل والفكرة العامة للرواية فحسب.
 أما  الفضاء الروائي أو المكاني فقد فقد جرى ما جرى في أكثر من  مكان ،
لقد كان المكان واسعا وممتدا  ومتنوعا ومتحولا  ودائريا انسجاما مع سائر العناصر ، فلدينا القرية في البداية إلى مرور سريع في المدينة إلى الانتقال إلى خارج البلاد ، إلى بلاد غربية ومدينة متقدمة  بخفاياها ومظاهرها ، وقد انقسم المكان إلى شرق وغرب  فكانت تلك القرية البائسة تمثل الشرق وتلك المدينة الباهرة المبهرة تمثل الغرب ، وهذا يذكرنا بعمل المستشرقين والمستغربين في عصر النهضة وما بعده التي دأبت على المقارنة بين الشرق المتخلف والغرب المتقدم  لكن ذلك التراث كان منبهرا بالغرب وتقدمه  وكانت طريقته وعظية مباشرة ، ولكننا الأن امام رواية متخيلة أحداثا وواقعية أفكارا وقد تضمنت وصفا للفرق بين  الشرق والغرب والعلاقة بينهما وسياسة الغرب تجاه الشرق 
ولكن بطريقتها السردية حيث كانت الأفعال هي السائدة وليس الأخبار أو الإخبار .
لم تكن الأماكن محددة تحديد اعلام لأن التحديد سوف يضعف الفكرة ويختزلها  فالفكرة عظيمة وكبيرة بحجم الشرق والغرب ، لذلك كلما كان المكان في الشرق فهو ينطبق على كل بلد عربي خاصةً وكلما كان المكان في الغرب فهو كذلك ينطبق على سائر الغرب فالمكان في الرواية واقعي رمزي وهو ذلك الجزء الذي يعبر عن الكل .  فلم يذكر  الراوي اسم قريته  ولا اسم المدينة التي رحل منها جوا ولا المدينة التي وصل إليها مع أن القرية توحي بأنها جنوبية صبيحية والمدينة يلوح أنها عدن لأكثر من قرينة ،ولكن هذه الملامح الواقعية لم تفقد المكان رمزيته أو دلالته الواسعة. 
 فلا غرو ، فكلنا في الهم شرق، وكلهم في السياسة غرب .

مقالات الكاتب