صالح علي الدويل
تأثير التقنيات الحديثة في اتساع الفجوة بين علاقة الآباء بالأبناء
الظاهرة اوسع من احاطتها بمقال بل يتطلب جهد مجتمعي متعدد يُدركها ويضع حلولا تحد من بعض اخطارها على الاقل فما اثارني في الكتابة عنه استطلاع بنفس العنوان قامت به الصحفية الجنوبية المتألقة "مريم بارحمة" التي بذلت جهدا في تسليط الضوء عليها وآثارها ، فاستقصت ما تستطيع حولها
تاثير الانترنت والهواتف النقالة وغيرها وصل الى دفء الطفولة وبراءتها فاحدث فيها فجوة فحوّلتها او ستحوّلها صقيع مشاعر تشبه قسمات الالعاب التى يظل اطفالنا منغمسين في تفاصيلها فافتقدت هذه الاجيال أباء وابناء تلك المشاغبات الطفولية والدفء الذي ظل سمة الاسرة وروح كيانها حتى ان منا من يرى طفلا او طفلة يبتسم ويتكلم ويتحرك محاكيا لعبته الاليكترونية التي ادمنها!!
ظلت الاسرة والمدرسة والمسجد والمحيط الاجتماعي اهم عوامل تكوين مدارك الانسان وتشكّل منظومة سلوكه فدخلت شبكات الانترنت والتلفونات المحمولة والالعاب الاليكترونية عوامل ضاغطة ومؤثرة فاحدثت فجوات في حياة الاطفال والكبار فحل العالم الافتراضي محل الحوار والمحادثة وتعابيرهما الحية في الاسرة وصار الطفل يضحك لنكتة افتراضية او يبكي لموقف افتراضي بما يعنية الضحك والبكاء في خلق المشاعر السوية فاتسعت الفجوة بين الاجيال وافرزت تفاعلات جديدة عززت العزلة والتنافر والسلبية بين آباء يتهمون الابناء بالسطحية والرفض لاراء الكبار وابناء يتهمون الاباء انهم متسلطون لا يفهمونهم وهي ثنائية قديمة لكن التعامل الحي كان يبلسمها اما الان فان التعامل افتراضي صورة بلا مشاعر وصوت جاف متصنّع احدث فجوات تنافر
اسقطت تلك الاجهزة الحواجز وعقّدت الامور وجعلت الاباء لا يتابعون انشغالات الابناء فازدادت الفجوة اتساعا وتباينا في المعلومات ومصادرها فكيف يمكن لنا ان نتفادى تاثير التقنية بما تحمله من مضامين ورموز ومفاهيم تستخدمها وتصدّرها لاطفالنا ونحن نلهث في اودية اخرى
صارت المماراه سمة اسرية وتفاخر باقتناء تلك الاجهزة واستخدامها للاطفال دون وضع الحماية الخاصة لهم في اقتناء الجهاز وفلسفته والمنظومة القيمية التي يزودونه بها او ينقلونها لاطفالنا عبرها
ان قدرة الاسرة في السيطرة والاحتواء للابناء في واقع فرضت فيه التكنولوجيا بان الكل منشغل واضعفت دفء العلاقة بين الاباء والابناء فحتى الحيز الضئيل الذي تركه " القات " لاجتماع الاب بدرجة اساسية باسرته التهمته التكنولوحيا فاذا دخل البيت لم يشعر به الابناء الا في حدود اخذ الحلاوة او كيس الطرزان ثم ينصرف الكل الى التواصل مع التقنيات الكمبيوترية
اول المعالجات تكون بايجاد "القدوة" فعلى الكبار في الاسرة ومحيطها ان يخلقوا القدوة بان يضعوا وقتا لهم مع اطفالهم ثم يضعوا برامج لتعامل الاطفال مع تلك الاجهزة تمنع الادمان عليها وتحديد اوقات لهم ليس بالمنع ، فالممنوع مرغوب لكن باختيار مضامين الالعاب او الاحداث والقصص المصورة وبتنظيم الوقت فلا يتحول الاستخدام الى ادمان للطفل وهي حالة يجب يتخلى فيها كبار الاسرة عن انانيتهم في الاستخدام الطويل واعطاء وقت للكلام مع اطفالهم والمزح واللعب معهم وايجاد بدائل من سرد القصص كما كان الاسلاف يسردونها لاطفالهم واقتناء العاب يلهو بها الطفل بما يخلق حالة تواصل عاطفي جاذب له تغنيه عن لجؤه للاجهزة لتفريغ شحنته معها
من المهم ان يتعلم الاطفال قواعد واضحة مبكرا فاذا كان طفلك يريد فعل شيء فقط لان صديقه مسموح له فعله مثل الدردشة عبر الانترنت فلا تمنعه لكن حدد له وقتا محددا فالسماح اكثر من ساعتين ليس صحيا لمخه ولا لنظره ولا لعاطفته ولا لخلق منظومة قيمية تريد الاسرة زرعها وتعهدها فيه..الخ"
24 أغسطس2023م