عفاف سالم
لله درك يا عبد اللطيف السيد فالأشجار لا تموت الا واقفة
بعد أن ترجل الفارس الهمام عبد اللطيف السيد صباح الخميس عن صهوة جواده تاركا الدنيا بأسرها ليرتاح ويترك المهمة لمن يخلفه ويهنأ بالراحة الأبدية يصدر قرارا من رئيس المجلس الانتقالي بمنح الراية لأخيه حيدرة السيد رسميا أمس الأحد ..
حيدرة السيد مؤكد ليس مستجدا بل شريكا للمعاناة وانكوى بنيران المواجهات والجبهات ومؤكد ذاق مرارة الفقد لكثير من أحبته وآخرهم شقيقه عبد اللطيف الذي لم يكن جبانا يهاب الموت ولم يكن متخاذلا ومترددا وهو يصول ويجول بساحات الوغى بكل عنفوان ورباطة جأش تذهل العدو قبل الصديق
لم يتنعم بلذيذ العيش ولم تغلبه الدنيا ببريقها الزائف كشأن اغلب القيادات رغم أنه امتلك كل أسباب نعيمها بل تركها وذهب للأودية والسلاسل الجبلية والقرى النائية يجوبها بكل بسالة لانه كان قد حدد هدفه وغايته وهي نيل الشهادة
يعرف أنه مطلوب ومقتول فلا يبالي وفضل اسلوب الهجوم على الدفاع لان نفسه تعاف الخنوع والموت البطيء بخشية المداهمة المباغت في عقر داره
اكثر من عشر محاولات كلها باءت بالفشل وحينما حان الأجل تحقق له الرحيل الذي أعد له العدة بالصالحات منذ زمن طويل
نجح عبد اللطيف حينما عمل لدنياه كأنه يعيش ابدا وبالمقابل عمل لاخرته كأنه يموت غدا فقد عمل من أعمال الخير بحسب مصادر مقربة ماالله به عليم وحافظ على صلواته وحضر خطب الجمع واستمع وابتهل لله طالبا الشهادة وأوصى بعدم التصوير لانه خشي أن يشمت الشامتون بموته واحتراق جسده أو تفحمه ولم يدرك أن الله قد وقاه شر تلك القتلة فقبضت روحه بسلام دون أن يتأذى جسده بشكل يثير الدهشة والغرابة وما ذلك على الله بعزيز
سبحان الله كيف لتلك الكميات الهائلة أن تعجز عن النيل من جسده الذي طبعت السجدة بجبهته بحسب ماقيل وماذاك الا محبة وتقربا من خالقه
أحد خطباء الجمعة قال إن للرجل ذكر لربه ويقينا خالصا وإيمانا عميقا بالعودة إليه مهما طال العمر فإليه يؤول المٱل فحقر الدنيا الفانية واقبل يشد العزم للاخرة فهي الدار الباقية
عبد اللطيف السيد فارس حقيقي ليس مجازا بل ان الرجل محب للخيل فالخيل بنواصيها الخير كما قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام
وبالمناسبة قيل إن البركة قد ادخلها الله حتى على فرسه فأنجبت اثنين وتسابق المتسابقون لشرائهم
لله درك ياعبد اللطيف كيف لطف بك اللطيف الذي حفظته في حياتك فحفظك في لحظة استشهادك وكنت سليم البدن حينما ارتقيت لربك
بكاه أحد ائمة المساجد وحجاج بيت الله من شباب الخير البسطاء بكاء مريرا مع اني مااظن أنه يوما طرق بابه لانه السيد لا يعوض فهو أسطورة في الشجاعة والاستبسال
وقال حاج آخر نسأل الله لهم الجنه وان يتقبل منهم وان يغسلهم بالماءوالثلج والبرد وينقي خطاياهم من الذنوب ونسأل لأهلهم وذويهم الصبر والسلوان وأن لله وانا اليه راجعون.... ونسأل الله أن يحفظ البلاد والعباد ويجنبهم الفتن ما ظهر منها و مابطن
بائعة البطاط التي توقد مكريبها بالاذان الاول تألمت لفقده رغم أنها لم تلتقه ولم تطرق بابه
بعض الأجانب صدمهم مقتله وشهدوا بتواضعه
دعا له الكثيرون وقالوا أنه مافي ابين كلها قائد يعلم أن الموت يتربص به من كل مكان فيذهب إليه إلى قلب الأودية ويتنقل فيها مشيا على قدميه يسجل رسائله للقنوات ويرقص لحظاته الأخيرة وقبلها يوصي لا عزاء يقام عليه ولا صور تلتقط له ويحدد لهم حيث يرغب أن يدفن ويمضي دونما تردد ولو قيد انملةوكأنه يدرك أنه ذاهب الى الجنان والحور الحسان
بلا شك انها ميزة لمن احب لقاء الله فمن احب لقاء الله أحب الله لقاه
هنيئا لك الرحيل ولا اقول النوم قرير العين لأن الشهداء عند ربهم أحياء يرزقون ونحسبك عند الله شهيدا فإن فزت بالشهادة فقد افلحت بالدارين ياعبد اللطيف الذي لطف به اللطيف جل جلاله وطوبى لمن فاز فوزا عظيما
الجدير أن الشارع الابيني كان قد تناقل خبرا مفاده أن حيدرة هو الخلف للسلف قبل صدور القرار أمس الأحد بتعيين حيدرة السيد وهو شقيق عبد اللطيف السيد خلفا له
بلا شك أنه طريق محفوف بالمخاطر ينتظر القائد الجديد لكنه يقبل بالمهمة ويمضي في طريق سلفه حتى تفيض الروح لبارئها بالنصر أو الشهادة التي يبتغونها
نسأل الله جلت قدرته اللطف بالبلاد والعباد
وماتنسوا الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين
عفاف سالم