ماجد الطاهري
مـَنْ المَلُـــوم؟
من الملوم حقٌا في إستمرار تردّي الأوضاع المعيشية وتدهور العملة المحلية وإرتفاع أسعار السلع الإستهلاكية وغياب شبه تام للخدمات الأساسية، وانقطاع رواتب موظفي جميع قطاعات الدولة؟
هل عجز أولو الألباب وأرباب الثقافة والأساتذة الأكاديميين وذوي الأقلام من الاعلام عن حل هذا اللغز طيلة تسعة سنوات عجاف جثمت على شعبنا منذ تدخل قوات التحالف العربي وتحرير محافظات الجنوب من الغازي المحتل؟
أم تُراها سلبت منا الكلمات كما سُلبت قبلها الأرض والإرادة، أم هي لعنة تجارة القرن الحادي والعشرين وشبكات السوشل ميديا إذ أزدهرت المتاجرة بالحروف والكلمات ووجد لها سوقا ومزادا تبتاع فيه وتشترى، ويحقق اصحابها ربحا سريعا دون أي جهدٍ أو عناء،عمل سهل وبسيط (قلب الحقائق وإستغفال العقول،وتمرير مخطط الراعي الرسمي) والهدف استمرار الناس في حالة من الغفلة والحيرة، والتسليم والضعف،وقلة الحيلة وانعدام الوسيلة.
هل نلوم رئيس الوزراء معين عبدالملك اليوم لفشله وحكومته في إدارة شؤون البلاد والعباد، ألا نعي وندرك أننا عشنا نفس الظروف والأحوال بسبب فشل إدارة من سبقوه من الحكومات المتعاقبة (حكومة بحاح-حكومة عبدالعزيز المفلحي-حكومة بن دغر)نفس الموال ونفس السيناريو والمونتاج والإخراج، والا تشاهدون نفس المشهد يتكرر في ظل حكومة معين! كما كان الحال ايام بن دغر وقبله المفلحي نفس الإرهاصات والمعانات تنتهي بما ينذر بصحوة شعبية يتخللها هجوم إعلامي شرس يلقي على رئيس الحكومة باللائمة،يوصم بالفساد ويقال فيه مالم يقوله مالك في الخمر ثم يحملونه دون غيره المسؤلية الكاملة عن سوء الأحوال المعيشية وتردي الخدمات.
انا هنا لست بصدد الدفاع عن معين التعزي ولا أبريه من الفساد واستخدام منصبه في محاربة شعب الجنوب ونهب الأموال العامة، لكنني بنفس الوقت أعلم يقينا أنْ معين وبن دغر والمفلحي لم يكونو أصل المشكلة ولا حتى جزءًا منها بقدر ما كانوا يمثلون دور كومبارس في فصول مسلسل سياسي إقليمي ودولي فاضح، ثمّ وعند كل نهاية يصيرونهم مكب نفايات لقبح وأخطاء تلك السياسة القذرة، وربما يضحون متنفسًا لغضب ولعنات المطحونون فقرا وجوعا من عامة الشعب ، ومرتعّا خصبا لذوي الأقلام الملونة والكلمات الموجهة!
وفي النهاية لن ينتهي المسلسل كما لن يحدث شيء، ربما سيغادر معين الدور ويستبدل بكومبارس جديد ثم تهلّ بحلوله البشرى بفصل جديد ووديعة بنكية من العملة الصعبة، يقال لها مكرمة مهداة من أصحاب الجلالة وملوك الإنسانية وأهل الحمية وأخوة الدين والعقيدة، ثم تهتف الاقلام بذاك التغيير وهذا الوزير القادم ، حتى أنه يقال فيه أنه يملك عصا سحرية، وعلوم ومعارف وخبرات تراكمية تؤهله لإصلاح منظومة العمل الإدارية بل وربما أكثر من ذلك ينافس دول مثل سنغافورة وماليزيا والامارات وقطر، يستمر الحال وتنتهي الوديعة المالية ثم تسوء الأحوال أكثر مما كانت عليه سابقا وهكذا...
وعليه ولما سبق.. اذا عُرف السبب بطل العجب، وسبب مانحن فيه قبل أن تكون قوى سياسية داخلية أو أطراف دول إقليمية ودولية.. قبل تلك الاسباب هي عقولنا الغافلة وإرادتنا المختطفة،وعاطفتنا الحمقى التي أضرت بنا كثيرا ولم نتعلم أن نتجاوزها بالرغم من تجارب الماضي المريرة في هذا الجانب..
أن أكثر ما نحتاجه اليوم كشعب هو امتلاك الوعي ومعرفة الحقيقة كما هي،أن ندرك ما يظر بنا وما ينفعنا، أن نتجاوز مرارة الألم ونستمر قدما، ونرفض رفضا قاطعا فكرة الإبر المخدرة، أو أن يُجعل منّا قطيعا يوجهونه يمنةً ويسره ثم يسلخونه قبل الذبح متى أرادوا وكيفما شاؤوا، نحن بحاجة لقادة شجعان مخلصين أوفياء لقضيتهم ومبادئهم، لايسمحون للأوغاد الجبناءبممارسة قذاراتهم السياسية وأطماعهم التوسعية والأنانية على حساب شعبهم ومعاناته وجوعه وفقره وإذلاله، هنأ فقط لابد أن يكون لهم موقف صريح مع الشعب والحليف والعدو انها خطوط حمراء لايقبل تجاوزها على الإطلاق، يجب أن يدركوا جميعا بأن جلّ نضالات وتضحيات شعب الجنوب كانت وما زالت من أجل كرامة وعزة الأنسان والمواطن الجنوبي قبل أن تكون لأجل استعادة مجرد تراب وجبال وهضاب، إذ لا معنى للأرض دون الإنسان ولا حياة حقيقية للإنسان دون كرامة وعزة وحرية.