د. صبري عفيف العلوي
أهمية الحوار للفرد والأسرة والمجتمع
إن القرآن هو الكتاب الأوحد القائم على الحوار المتنوع في مجالاته وأهدافه، إذ لا وصول إلى الهداية الحقة النافعة إلا عند التفاعل المتبادل المبني على التحاور الذي يحرك العقل والقلب معاً.
ولأهمية الحوار كانت أول عملية حوارية مع بداية خلق الإنسان الأول آدم عليه السلام، كما جاء في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وبدأ الحوار بين الله تعالى والملائكة ثم الشيطان ثم مع الإنسان، في صورة بليغة، تنوعت فيها موضوعات وأهداف المحاورة.
وتكمن العبرة من تلك العملية الحوارية إلى ضرورة الحوار بين الخلق أنفسهم على اختلاف ألوانهم ومشاربهم واعتقاداتهم، فالحوار خُلق مع الإنسان لأنه من تكوينات الإنسان الملازمة له ولا انفصام بينهما.
وصار الحوار منذ تلك اللحظة من أوجب الواجبات، وأعظم المسؤوليات، وأكبر الأمانات؛ التي تحملها الانسان في سبيل إعمار الأرض واستعمارها لكونه خليفة الله الذي أوكل إليه تلك المهمة دون سواه من الخلق. إذن فأن أمانة تربية المسلم لأهل بيته من خلال ثقافة الحوار الأسري مبتدئا بنفسه، ومثنيا بمن يعول.. أدناه فأدناه جزء مؤصل من منهاج عقيدتنا النابعة من قرآننا ومن سنة نبينا وتاريخنا العريق، فثقافة الحوار الأسري ليس عنواناً مبهماً أو حديثاً جديداً ابتدعه الناس، بل هي نصوص كتابية واضحة في شريعتنا التي لم تغفل عن هذا الجانب النفسي الهام للأسرة.
ويعد أسلوب الحوار داخل المحيط الأسري أمر في غاية الأهمية بوصفها الأسرة نقطة الانطلاق الأولى التي تعزز ثقة الفرد في التواصل مع الآخرين.. بل النواة الأساسية التي يتشكل فيها تعامل الفرد مع الغير، وإذا افتقد هذا الحوار مع أقرب الناس إليه فإنه من الصعب أن يجده لدى الآخرين، وأحيانا تتشكل المفاهيم الايجابية ووجهات النظر والآراء السديدة من خلال تبادل الآراء واحترام وجهات النظر داخل الأسرة الواحدة وسيادة مبدأ الإقناع بالحجة والمنطق وغياب وسائل القهر والإذلال وفرض الآراء بالقوة.
دعني أتسأل من منا عمل دورة محاضرة لنشر ثقافة الحوار داخل أسرته؟ من منا حضر مسجدا مدرسة ناديا مقرا حكوميا وشاهد هناك عملية حوارية تربوية تنمي تلك القيمة الإنسانية لدى المجتمع؟ من منا كرس جهده لنشر ثقافة الحوار بين صفوف المجتمع؟
مما سبق من أسئلة لست بحاجة للإجابة عنها بل أسأل سؤالا أخرا، فهل آن الآوان أن نبدأ الحوار؟ أولا مع أنفسنا ثم مع أسرنا (أولادنا- زوجاتنا- إخواننا- ابناءنا- أصدقائنا) إنها لضرورة يتوجب القيام بها وتحويلها إلى ثقافة وسلوك بل عبادة نتقرب بها لله.