عبدالواسع الفاتكي
العبث بمستقبل اليمن وفوهة البركان القادم !
يمر اليمن بمرحلة حرجة غاية في التعقيد ، أبرز سماتها أنها حولته لمسرح لصراع الإرادات الإقليمية ، وأدخلته في ارتداد وطني ، وانهيار سياسي شامل ، وتدهور في جميع نواحي الحياة ، أضحت حالة اللادولة تسيطر على المشهد اليمني ، من خلالها ، وبشكل صارخ تنتهك حقوق الإنسان اليمني ، وتسترخص دماؤه بالقتل خارج القانون ، ومن خلالها فتح الباب على مصراعيه لممارسة الارتزاق السياسي ، والفوضى المسلحة ، ونهب المال العام ؛ ليتحول اليمن لبلد هش ، مثخن بالقلاقل والاضطرابات الأمنية والسياسية .
فترة عصيبة تعصف بجذور ومقومات الهوية اليمنية ، وتجرف أسس الانتماء الوطني ، بين إزاحة وتجميد واحتواء وصولا للتفكيك الشامل لها ، ما فتح الباب على مصراعيه ، للدخول في مرحلة تعاظم فيها دور الوكلاء الإقليميين ، كنتيجة حتمية للفشل الذريع للسلطة الشرعية والقوى السياسية الداعمة لها ، التي افتقرت لبوصلة القراءة الاستراتيجية الصحيحة ، لما يحاك لليمن ، واتصفت تصرفاتها ، بالتخبط وغياب العقيدة السياسية الوطنية ، ووحدة الهدف والمصير ، ما أوجد انفصاما وتناقضا واضحا ، بين ما تعلنه وما تمارسه .
أخشى ما يخشاه اليمنيون ، هو أن ينتهي التدخل العسكري للتحالف العربي في اليمن ، بالتأسيس لنظام سياسي ذي أبعاد طائفية وجهوية ، يفتت ما تبقى من البنى الاجتماعية للشعب اليمني ، خصوصا بعد هذا النهر من الدماء ، الذي أضحى منصة متقدمة ؛ لخلق واقع جديد ، من خلاله يجري إعادة رسم خريطة اليمن السياسية ، يكون فيها اليمنيون مشاريعا للعنف والاحتراب ، ناهيك عن تشظي الديموغرافية اليمنية ، إلى هويات فرعية متقاتلة ، تارة ترتدي العرق والمذهب ، وتارة أخرى ترتدي الجهة والمنطقة .
واقع اليمنيين مثقل بمشكلات مزمنة ، فمن أزمة إلى أخرى ، ومن صراع بين السلطة والمعارضة لفوضى عارمة ، سرعان ما فتحت الأبواب ؛ لدورات جديدة من العنف ، ولتطرف ايدلوجي طائفي وعصبوي مناطقي ، بوسائل دموية غاية في التطرف .
مما لا شك فيه أن انقلاب المليشيات الحوثية مثل حصان طروادة الذي ولجت من خلاله التدخلات الخارجية في الشأن اليمني ، عزز من تحكمها بالمسرح السياسي والعسكري اليمني نخب متصارعة ، أطلقت العنان للتدخلات الخارجية بلا أي ضوابط ، وجعلت الشأن اليمني ، عرضة للتجاذبات الإقليمية والدولية ، التي ألقت بظلالها على فرقاء الصراع في الداخل اليمني ، ودفعت نحو مزيد من التخندق والتأزيم .
إن العبث بمستقبل اليمن ، وتدجين اليمن ببذور العنف وإبقاء جذوة نار الصراع مشتعلة كفيل باستمرار الحرائق ، وإعادة تدوير الاحتراب والقلاقل ، التي ستتجاوز أوارها اليمن ؛ لتقدح شرارات الاضطرابات واللاستقرار في الجزيرة والخليج العربي ، وبالتالي فإن صمام أمان اليمن وجيرانه ، وحماية السلم والأمن الإقليمي والدولي ، في البحر الأحمر وخليج عدن والخليج العربي والمحيط الهندي ، يمر من مساعدة اليمن في بتر يد إيران في اليمن ؛ بإسقاط انقلاب المليشيات الحوثية ، ومساندة اليمنيين في بناء مؤسسات الدولة ؛ لتثبيت الأمن والاستقرار والشروع في إزالة آثار الانقلاب ، بغير ذلك فإن اليمن ستتحول لفوهة بركان ، حممه ستتطاير ؛ لتحرق المنطقة برمتها .