د. صبري عفيف العلوي

قمة الجزائر ..اللاعربية وقضية شعب الجنوب..

وكالة أنباء حضرموت

أصعب المواقف ألما هو عندما لا تدرك من هو عدوك، وتلك هي مأساة قمة الجزائر اللاعربية التي اختتمت انعقادها في تاريخ 2 نوفمبر 2022م في دولة الجزائر، التي علاقاتها الدبلوماسية مع معظم الدول العربية مقطوع وصالها، وهذا ما أضعف صداها ومزق هواها العربي.

منذ البدء قمة كنت متوقعا فشلها وشطحات نتائج مخرجاتها، وهذا الفشل لا يعني أننا نقلل من دولة الجزائر الديمقراطية الشعبية الصديقة نفسها، بل هو الوضع العربي الذي أصبح كالرجل المريض الذي لا يستصيغ شرب الدواء، وفي الحال نفسه لا يعترف أنه مريض.

وما حيرني حقا هو تلك المخرجات العقيمة، لاسيما فيما يخص قضية شعب فلسطين وقضية شعب الجنوب، اللتان يعاني شعبيهما القتل والتشريد والإرهاب منذ عقود..فحين أفردت القمة ثلث بيانها لنصرة الشعب الفلسطيني والقدس واللاجئين، متناسين أنفسهم أنهم هم أول المطبعين مع العدو الصهيوني، وما تلك الفقرات المتصدرة للبيان إلا ذرا للرماد على العيون، لكون القمم العربية السابقة كان وضعها أحسن حالا من الوضع العربي الراهن والذي يشبه بيت العنكبوت.

إن ما يؤلم حقا هو أن نرى العرب في سنوات التيه، جعلهم لم يميزوا من هو العدو الذي يتربص بهم، أهي إسرائيل التي تحتل أرضهم أم إيران التي سطت عنوة على أربع عواصم عربية، والأخروات قادمات لا محالة،   أم هو مشروع الخلافة الإسلامية المتمثل في الإخوان وداعش والقاعدة، أم هي أثيوبيا التي تهدد وجودهم وتسيطر على مياه شربهم وتمزق أمنهم بالتعاون مع أخواتها من القوى الإقليمية في المنطقة.

لقد كان ظني في الجزائر الديمقراطية الشعبية الصديقة - التي تجرعت مرارة الظلم والحرب ذات يوم من الكأس نفسها الذي تجرعه شعب الجنوب - أن تقل خيرا أو تصمت، وكان عندي أمل بأنها ستتذكر معاناتها منذ عودة الأفغان العرب الفاتحين إلى الجزائر بعد هزيمة الاتحاد السوفيتي، حينها، لم يكن أمام رئيس الجزائر، إلا إن يسمح بممارسة العمل الديمقراطي والسماح في الانتخابات وتم تعديل الدستور، وأجريت أول انتخابات دستورية في الجزائر في العام نفسه التي تم التوقيع على مشروع الوحدة اليمنية، حينها كانت الكارثة حين حصد المجاهدون العرب ( الجبهة الاسلامية فرع الجزائر ) أعلى نسبة في الانتخابات المحلية والتشريعية ولم يتبق من النظام الجزائري إلا رأس السلطة حينها أدرك الخطورة وأعلن حالة الطوارئ وعلق الدستور وألقى نتائج الانتخابات ودارت حرب ضروس كادت أن تسقط الجزائر في مستنقع الإرهاب اللامتناهي.

وفي الجهة الأخرى صارت المأساة نفسها مع شعب الجنوب ودولته جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الدولة الأولى في المنطقة الحليفة للاتحاد السوفيتي ..فقد كان موعدها مع الموت القادم من الشرق فكانت الوحدة والكارثة المسندة بالمجاهدين العرب (الجبهة الإسلامية فرع اليمن) نفسها التي كادت أن تقضي على أحلام الجزائرين، فتم إعلان الوحدة والديمقراطية والتعددية لكن السيف سبق العذل، ولم يستطع رئيسها أن يعمل ما عمله رئيس الجزائر في حينها، لقد تريث وتحمل ولم يصح إلا  حين سيطر الإسلاميون المتشددون، على مقاليد الحكم في اليمن، فعلت تكبيرات الجهاد ضد شعب الجنوب وقيادته، فكفروه وقتلوه وشردوه حد اللحظة.

انظر معي أخي الكريم ..عندما يكون شعب الجنوب هو الضحية باسم القومية العربية، وتحاصره المشاريع الإخوانية الإيرانية من كل الاتجاهات..ثم تأت قمة كهذه تشرع وتأكد في أحد بنودها."' التأكيد على تحقيق تسوية سياسية شاملة تضمن وحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه وأمن دول الخليج العربي ورفض جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية...

أي وحدة تقصد يا هذا ؟ سئمنا من الشعارات القومية الفارقة التي عفا عليها الزمن؟ أيها الرئيس  الجزائري ألم تكن أنت من داعمي الحركة الانفصالية في الصحراء الغربية..وتدعو من زمن بأن تنال الجبهة المناهضة للمغرب تقرير مصيرها؟

ألستم أنتم من شرعتم لشعب جنوب السودان أن ينال حق تقرير المصير ؟

ألستم من أنصار الديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام مواثيق الأمم المتحدة؟

لماذا أنتم صامتون أمام جرائم الاحتلال اليمني الذي ترتكب ضد شعب الجنوب ليل نهار .

ألستم شعب المليون شهيد، الذي ضحى من أجل الحرية والعدالة والعيش الكريم؟ فلماذا تنسون شعب في الجنوب كان ذات يوم كتفكم الأيمن لتأمين حدودكم ونصرتكم، أنه الآن يرزح من زمن تحت أشد الأعداء خصومة، يناشدكم في ذكرى ثورتكم المباركة التي انطلقت في الفاتح من نوفمبر الذي انعقدت فيه القمة في بلدكم الطاهر أن تنصروه بحق العروبة والدين والإنسانية. 
  
يا للأسف كيف تتركون لقادتكم أن يستفزون شعب شقيق لكم، لقد خيبتم أيها المجتمعون بنتائج قمتكم اللاعربية شعب يحمي عرينكم في الركن الجنوبي المتين من جزيرتكم العربية، حين تناستيم المشروع العادل لشعب الجنوب الذي يناضل من أجله منذ ثلاثة عقود والكل يعلم بتلك المأساة الإنسانية التي يعانيها شعبنا في الجنوب.

أني هنا أستغرب لماذا الكيل بمكيالين، فعندما تحدثتم عن مكافحة الإرهاب في العراق والصومال أعطيتم تلك البلدان قدرا كافيا من الدعم والتضامن في نتائج قمتكم المشوه، بينها شعب الجنوب الذي يذوذ على المياه الإقليمية والبوابة الاستراتيجية للأمن القومي العربي منذ سنوات وهو يضحي الغالي والرخيص في سبيل تحقيق ذلك المشروع العربي.

أتساءل لماذا هذا الصمت أمام الإجرام الذي تقوم به منظمتين إرهابيين دوليتين هما الحركة الحوثية وجماعة الإخوان المسلمين، وفق قوانين دولكم وقرارات مجلس الأمن الخصوصة بهاتين  المنظمتين الارهابيتين، أليس الإرهاب الذي في مصر والإمارات والسعودية والصومال والعراق والجزائر وتونس والمغرب، هو نفسه الإرهاب الذي يقوده الإخوان في اليمن ضد الجنوب، بل أجزم أنه أشد وأنكأ.

أخي القارئ الكريم، أسمح لي لو أطلت الحديث عليك، أن الأمر لمهم، لذا تعال معي لنرى أين التنديد في بيان القمة بالتدخل الإيراني في شؤون الوطن العربي، أين التنديد بالجرائم التي ترتكب ضد شعب الجنوب ليل نهار من قبل تلك المليشيات الإرهابية بنوعيها الحوثي والإخوان، أين التنديد من التخادم الحوثي الإخواني المدعوم من النظام التركي، ودوليتكم قطر؟ أين التنديد من استهداف المنشئات الحيوية في الجنوب..

أيعقل أن نكون حراسا لأمنهم دون أن يكون لنا غطاء يحمينا من جرائم عدونا وعدوهم؟

أيعقل أن نصمت على ذلك الصمت المرير الذي نتجرعه منذ أول يوم من توقيع مشروع الوحدة مرورا بخيانة وثيقة العهد والاتفاق وبيان مجلس التعاون الخليجي وقراري مجلس الأمن الدولي في صيف 94، وصولا إلى اتفاقية ونتائج مشاورات الرياض.

إنني من هنا أدعو شعب الجنوب وقيادته السياسية والعسكرية إلى الوقفة الجادة بعد كل تلك المعطيات المذكورة سلفا أن يشرعوا  فورا في رسم خارطة طريق لتقرير مصير قضية شعب الجنوب دون تردد أو الانتظار لمن هو رهين أو مرتهن مع أعداء شعب الجنوب والأمة العربية.

رسالة رقم 1
توجه دعوة لشعب الجنوب في في الداخل والخارج وكل بقعة طاهرة في العالم الحر  إلى التظاهر السلمي والتنديد بالمواقف العربية المتواطأة مع العدو، وفي مقدمة ذلك التواطؤ، المخرجات العقيمة التي نطقت بها كفرا نتائج قمة الجزائر الكسيحة.

الرسالة رقم 2

ادعو الرئيس القائد المجاهد عيدروس بن قاسم الزبيدي ألا يعود إلى عدن، لكون المؤامرة أكبر مما تتحمله عدن، فعليه أن يحرر أرضا أمنة في الجنوب ويتخذ منها مقرا لإقامته وعاصمة عسكرية لتحرير دولته، وتعد انموذجا للجنوب المحرر فينطلق منها بإذن الله فله في صقر قريش انموذجا حين ركب الاخشاب وعبر المضيق حتى وصل الأندلس وأسس دولة إسلامية في المغرب العربي ضاهت حواضر الشرق بل كانت أفضل منها..
 

اللهم إني بلغت اللهم فاشهد

العاصمة السياسية عدن

3 نوفمبر 2022م

مقالات الكاتب