صالح أبو عوذل

من لم يحمِ "صنعاء" بالأمس لا يمكن أن يحمي مأرب اليوم؟

وكالة أنباء حضرموت

الحوثيون أصبحوا سلطة أمر واقع في كل (اليمن الشمالي)، باستثناء مركز محافظة مأرب، وشارعين في مدينة تعز، ورفض الاذرع الإيرانية، قد يفتح الباب "أمام معركة مرتقبة للسيطرة على مأرب"، الا إذا كانت هناك حوامل إقليمي ودولية تحول دون ذلك، لأننا ندرك ان تشكيلات مأرب المسلحة لا تستطيع ان تحمي المدينة من أي معركة للحوثيين، خاصة في ظل التزام التحالف العربي "بالتهدئة وهدنة وقف الغارات الجوية".
من العوامل المحلية التي ساهمت في ان يصبح الحوثيون "سلطة أمر واقع"، هي تلك الاتفاقات المجحفة بحق اليمنيين "اتفاق مران (أغسطس)، واتفاق سلم والشراكة (سبتمبر) 2014م، ذهب محمد اليدومي من صنعاء الى صعدة على متن طائرة عسكرية "طلبا لفتح صفحة جديدة مع عبدالملك الحوثي"، ففتحت تلك الصفحة أبواب صنعاء، امام "عصابة زعيم مران"، ليجبر الإخوان هادي "على توقيع اتفاقية السلم والشراكة"، ولم يدر هادي (الرئيس)، بالحوثيين وهم ينازعونه السيطرة على الرئاسة والقصر الجمهوري وصولا الى منزل "أسرته في شارع الستين".
رغم كل التسهيلات التي قدمها الإخوان للحوثيين، الا انه في نهاية المشهد في صنعاء، لم يكن امام التنظيم الحاكم الا الفرار صوب عدن، ومنها الى الرياض، بحثا عن شرعية "مهترئة وجبانة".
حمل الجنوبيون السلاح، ولم يكن امامهم الا حمل السلاح لمواجهة "العدوان اليمني الجديد"، وحين انتصروا "عاد الإخوان للحديث عن انتصار الشرعية اليمنية بقيادة المارشال هادي"، وبدلا من ان يعززوا انتصار الجنوب بانتصار "يمني" في مأرب وتعز، ذهبوا لمنازعة الجنوبيين على أرضهم.
من لم يحمِ صنعاء وهي العاصمة وبيده كل شيء، لا يمكن له ان يؤتمن على "عدن"، وكيف له ان يؤتمن، وهو من أصدر بالأمس القريب "فتاوى التكفير الشهيرة "قال الجنوبيون".
ذهب "الإخوان" من خلف شاشات القنوات السعودية يبشرون بهزيمة الحوثي واخراجه من صنعاء، وظن علي عبدالله صالح، ان الفرصة أصبحت مواتية لإعادة الحوثيين الى كهوف صعدة، وخاض معركته الخاسرة، معتقداً ان الـ7 الألوية العسكرية قادرة على دخول صنعاء وإخراج الحوثيين من العاصمة اليمنية، ولم يدرك ان السبعة الأولوية لديها مهمة أخرى "مهمة تزويد سلطة صنعاء الحوثية بأسلحة التحالف العربي المقدمة من المملكة العربية السعودية".
كل أسلحة السعودية أصبحت في قبضة الحوثيين، وخسرت الرياض الرهان على "الجنرال الزيدي العجوز في احداث تغيير على أرض الواقع"، وبعد سبع سنوات من تجارب الفشل والخيانة، قررت السعودية، الدفع برشاد العليمي وسلطان العرادة ضمن معالجة كبيرة تشمل الجنوب وساحل تهامة، فلم يتغير أي شيء، "الاخوان لديهم رؤيتهم للحل وفق استراتيجية قطرية إيرانية..
تنظيم الإخوان كل تجاربه للحكم فشلت، فهو الحاكم الذي لم يحم صنعاء، حين كان العالم كله يساند "شرعية هادي المسلوبة من أولاد الأحمر".
يفترض ان السعودية أدركت منذ وقت مبكر "ان الإخوان"، كحزب حاكم، غير جدير بالمهمة التي أسندت إليه، فمن سلم صنعاء للحوثي وهو في قمة قوته لا يمكن له اليوم ان يحمي مأرب من أي عملية عسكرية مرتقبة للحوثيين، الا إذا كان الحوثيون قد رضخوا لعوامل إقليمية ودولية بعدم الاقتراب من مأرب، او الدخول في تفاوض لتسليمها دون حرب مع الإبقاء على كل من فيها "شريطة اعلان الولاء، ولا يستبعد اطلاقا ان تعلن مأرب الولاء للحاكم الحوثي في ظل سبع سنوات من تجارب الفشل".
يظل الرهان على "حماية مأرب"، على الخارج، لكن الحوثي اذا أراد التمرد على كل تلك العوامل الإقليمية والدولية ومضى في اسقاط مركز "إخوان اليمن"، فلن يمنعه أي شيء، واعتقد ان الحوثي بحاجة الى كسب ثقة أنصاره بانه يقاتل وفق استراتيجية "السيطرة على كل اليمن، ومأرب تظل أولوية له، دون ذلك لن تستطيع القوات المرابطة هناك القتال دفاعا عن المدينة لساعات معدودة، ووقتئذ سيكون الجنوب "الملاذ الأخير"، كما جرت العادة منذ اربعينيات القرن الماضي.
#صالح_أبوعوذل

مقالات الكاتب