د عيدروس نصر النقيب
نحن وآل عفاش
تفاجأت الأوساط الإعلامية والسياسية الجنوبية بنبأ تأسيس فرع لما أسمي بــ" المكتب السياسي" الذي صار معروفاً أنه يمثِّلُ قوات الحرس الجمهورس التابع لنجل أحد إخوة الرئيس السابق صالح، والذي بدوره جرى تحسين تسميته إلى "حُرَّاس الجمهورية" وتُنعَت (أي هذه القوات) أحياناً بـ"المقاومة الوطنية" والتي تركز نشاطها في الساحل الغربي بعد أن تسلمته جاهزاً مجهزاً من قوات المقاومة الجنوبية ومعها المقاومة التهامية اللتان حررتاه بمئات الشهداء وآلاف الجرحى.
إعلان تأسيس هذا "الَمكتب" لم يأت من الحديدة والساحل الغربي (الشماليتين) حيث يوجد صاحب المكتب وقواته المسلحة، ولا من أرياف صنعاء مسقط رؤوس معظم المنتميين إلى هذا المكتب، بل جاء من محافظة شبوة التي حررها الجنوبيون بأرواح ودماء شهدائهم وجراح رجالهم ولم يسهم صاحب "المكتب" بطلقة رصاصٍ واحدة ضد الحوثيين لا منذ احتلالهم الأول لها عندما كان (صاحب المكتب) حليفا لهم ويردد الصرخة معهم، ولا بعد احتلالهم الثاني لمديريات بيحان بعد أن انتقل إلى الطرف المعادي لهم، وربما ساهم صاحب الفرع الزميل النائب ناصر باجيل ببيان شجب للسياسات الإخوانية التي اتبعها محافظ شبوة السابق وطالب بتغييره وهذه تحسب للزميل باجيل بشخصه وليست للمكتب السياسي.
وينبغي التذكير أنه وقبل أسابيع كان الزميل با جيل قد دشن تأسيس فرع "القطاع النسائي" للمؤتمر الشعبي العام في نفس المحافظة، وهو القطاع الذي لم يعد له اسم يذكر لا في صنعاء ولا في أية محافظة شمالية أو حتى جنوبية، إلا من مجموعة من الإعلاميات وبعض المذيعات على قناة "اليمن اليوم" بنسختها التابعة لورثة الرئيس صالح في الخارج.
هذه التمظهرات ومن قلب شبوة التي ظلت تخضع لهيمنة حزب الإصلاح شريك الرئيس صالح في غزوة 1994م على الجنوب، على مدى سنوات ولم تتحرر إلا بكفاح المقاومين المدنيين من أبناء شبوة وقوات المقاومة الجنوبية غير الموالية لأي قطب من أقطاب تحالف ١٩٩٤م تثير أسئلة عديدة أهمها:
- هل حرر أبناء شبوة محافظتهم ومعهم كل أبناء الجنوب من الهيمنة الحوثية والإصلاحية ليسلموها للهيمنة المؤتمرية بنسختها الجديدة؟
- ثم ألم يجد صاحب المكتب السياسي وأتباعه من مكان لإطلاق فروعهم وفعالياتهم في محافظة شمالية، كذمار مثلا أو المحويت أو ريمة ليتمكنوا من حصار صنعاء والعودة إليها وهي الواقعة في هضبة حاشد وليست على شواطئ بحر العرب؟
- وبالنسبة لأبناء شبوة ما الفرق بين الهيمنة الحوثية والإخوانية والهيمنة المؤتمرية؟ أليس الجميع شركاء في حربي ١٩٩٤ و ٢٠١٥م على الجنوب بما فيه محافظة شبوة الأبية؟
سيقول قائل إن جميع أبناء الجنوب أحرارٌ في ما يختارونه من الخيارات السياسية التي يعبرون من خلالها عن ميولهم وأهدافهم السياسية.
ولمثل هذا القول لا بد من الإجابة على السؤال الكبير الذي يطرح نفسه وما تتفرع منه من أسئلة:
- ما هي هذه الأهداف السياسية التي يسعى "المكتب السياسي" إلى تحقيقها؟
- وما موقف صاحبها مما تعرض له شعب الجنوب على مدى ربع قرن من الاجتياح والاحتلال والاستباحة والسلب والنهب والإقصاء والتهميش والقمع والتنكيل بما فيه القتل؟
- وباختصار ما موقف صاحب هذا الخيار ومتبني هذه الأهداف من نتائج حرب 1994م على الجنوب؟
فإذا كان هذا المكون السياسي يشارك أبناء الجنوب رفض هذه الحرب ويدين ما نجم عنها من نتائج تدميرية على الجنوب والجنوبيين، ويؤمن بعدالة ومشروعية القضية الجنوبية فليعلن هذا ولن يكون إلا مرحباً به من قبل كل الجنوبيين، أما إذا كان قد جاء لتأبيد نتائج هذه الحرب الإجرامية فلن يكون إلا محل رفض كل الذين ضحوا بأبنائهم وبدمائهم وتعرضوا للمعاناة والقمع والاعتقالات التعسفية والمحاكمات الصورية والتعذيب والتهميش والإقصاء والحرمان وكل من تعرضت أملاكهم وحقوقهم المادية والمعنوية للمصادرة والسلب والنهب على مدى ثلاثة عقود.
وأخيرا همسة في أذن الزميل النائب ناصر با جيل:
ألا يكفي شبوة أنها ضحت بالكثير من أبناءها ممن غررت بهم المشاريع العفاشية الخادعة؟ ومنهم أحد فرسانها المعروفين، أعني الشهيد عارف الزوكة، هؤلاء الضحايا الذين فقدوا حيواتهم جراء الالتصاق الأعمى بتلك المشاريع المتهورة والمتناقضة بدءً بالحرب على الجنوب، ثم تأسيس الجماعة الحوثية فالحرب معها، ثم المواجهة المسلحة مع ثورة الشباب السلمية، وأخير التحالف مع الحوثيين، ثم الانقلاب عليهم أو انقلابهم عليه، لا فرق، ليظل البعض من أبناء شبوة ومعهم قلة قليلة من الجنوبيين مجرد أتباع يغردون على ما يعزفه المايستروهات القادمون من هضاب اليمن الأعلى؟