مصلح عبده سالم

تحالفوا مع أبرهة الاشرم لهدم بيت الله…اليوم فشلوا بإسقاط الجنوب

وكالة أنباء حضرموت

التاريخ لا ينسى ويدون كل شيئ ، والشعوب التي تعي وتقراء تأريخها تعرف جيداً أن الخيانة ليست حدث عابر، بل سلوك يتكرر كلما سنحت الفرصة لأصحابه. 

حين جاء أبرهة الأشرم من أرض الحبشة بجيشه الضخم ليهدم بيت الله، لم يكن وحده؛ فقد وجد من يفتح له الأبواب ويسانده ، وهناك من يبرر فعله، ومن يعتقد أن مصلحته الضيقة أهم من قدسية المكان ومن كرامة الناس. 

تلك الخيانة التي أحاطت بأبرهة كانت أشدَّ بشاعة من فيله الضخم، لأنها كشفت وجهاً مأزوم وقبيح  يتكرر في كل زمان ومكان.
واليوم، يتجدد ويتكرر المشهد ذاته ولكن بثوب مختلف وعلى أرض مختلفة ومسميات مختلفة. الجنوب بما يمثله من هوية وتاريخ وحق ثابت في تقرير مصيره واستعادة دولتة، يواجه موجة جديدة من الحرب الاعلامية ومن التحالفات المشبوهة.

 هناك من يسعى لفتح الطريق أمام مشاريعة ، يخطط لإرباك المشهد، ويعمل  على إضعاف إرادة هذا الشعب .

 أن أبرهة لم يأتِ من تلقاء نفسه إلى الكعبة، فإن من يحاولون اليوم العبث بالجنوب لا يتحركون  لأن هناك من يهيئ لهم الطريق، ويمنحهم الغطاء، ويمدهم بكل الوسائل .


الجنوب ليس هدف سهل ولا أرض بلا شعب.

 إنما هو مساحة ممتدة من التاريخ، وذاكرة موحدة من التضحيات، وإرادة لا تتراجع .

 وكل الذين يحاولون رسم مستقبل الجنوب بعيد عن إرادة أهله، يجهلون أن هذه الأرض تعلمّت، عبر عقود الصراع والتحولات، كيف تحمي نفسها وكيف تميّز الصديق من العدو. 

ما يجري اليوم ليس إلا محاولة لإعادة إنتاج قصة أبرهة، ولكن بوجوه مختلفة تتوهم أن التحالف مع الغريب سيمنحهم قوة أو تحقيق اهداف، بينما التاريخ يخبرنا بأن كل من سار في ركاب أبرهة انتهى منبوذ ، لا يذكره التاريخ إلا على أنه خان قومه ثم مُحي اسمه من الذاكرة .

المؤامرة على الجنوب ليست قدر، بل اختبار لإرادة الناس. والجنوب، الذي عاش فترة زمنية صعبة وخرج منها أكثر تماسك من قبل، يعرف أن المعركة اليوم ليست عسكرية فقط، بل معركة وعي وصمود وتشبث بالأرض والسيطرة عليها. 

كل التحديات وكل الضغوط وكل محاولات تشويه مشروع الاستقلال لم تُضعف الجنوبيين بل جعلتهم أكثر إدراكاً لما يُحاك ضدهم. 

لقد تشكلت في الجنوب اليوم هوية سياسية واضحة لا يمكن تجاوزها، وحضور واعتصام شعبي مفتوح  واسع لا يمكن تهميشه، وقوة عسكرية حقيقية أثبتت أنها قادرة على حماية الحق الوطني الجنوبي.
الاعداء مازالوا يحاولون اليوم إعادة تنظيم صفوفهم، لكنهم لم يدركوا أن الجنوب لم يعد كما كان. لم يعد ذلك الجنوب المشتت ولا ذلك الصوت الضعيف.

 اليوم الجنوب يتحدث بلغة واحدة: لغة وصاحب الحق. والحق لا يُقهر مهما تكاثر المتربصون. 

وكل من يراهن على إسقاط الجنوب أو إخضاعه عبر تحالفات سيجد أمامه شعب تعلم من التاريخ، وقرأ قصة أبرهة جيداً، وفهم أن كل غريبٍ يعتدي على الأرض لا بد أن يعود خائب.
الجنوب اليوم أمام لحظة تاريخية، لحظة تتطلب وحدة صف، ووعي عميق، وتمسك بالمشروع الوطني دون تردد. 

فالمعركة ليست ضد طرف سياسي أو جماعة معينة، بل ضد كل من يرى في الجنوب غنيمة للسلب والنهب أو ساحة نفوذ وتحت شعار الوحدة او الموت .

 وكل من يقف خارج إرادة الناس، أو يتآمر لتقويض حقهم في تقرير مصيرهم، إنما يعيد إنتاج الدور ذاته الذي لعبه أولئك الذين اصطفوا مع أبرهة قبل قرون.
من تحالف مع أبرهة لهدم بيت الله لم يتردد في بيع أهله، ومن يتحالف اليوم ضد الجنوب لن يتردد في بيع مستقبله. 

لكن الجنوب، برغم كل هذا، ثابت بإرادته، صلب بهويته، قوي برجاله ووعيه. 

وما دام في هذه الأرض من يقول "نحن أصحابها ونحن أسيادها، فلآ يكون للغريب مكان، وتكون النهاية سوى السقوط على الارض الجنوبية

مقالات الكاتب