مرحبا دولة الجنوب العربي
محمد الدليمي
بعد أن أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي عن سيطرته التامة وفرض حالة الامن والاستقرار على كامل تراب جنوب...
من يتابع الحراك السياسي في جنوب اليمن يدرك أن الصراع ما يزال يدور بين الأقطاب ذاتها، في مشهد يعيد إنتاج الأزمات التي سبقت الوحدة، وإن اختلفت الأدوات. وفي ظل هذا الواقع، بات لزامًا على أبناء حضرموت إعادة النظر بعمق في الملف الجنوبي؛ فالأحداث التي شهدتها عدن، خصوصًا بعد تحريرها، تفرض التفكير الجاد في طبيعة المرحلة ومساراتها المقبلة.
لقد أدى نقل الخلافات السياسية إلى داخل حضرموت إلى استحضار تجارب صراعات 1967 و1994، بل تكرار أشكال الصراع القائم اليوم بين جناح الرئيس هادي وجناح عيدروس الزبيدي، وبين مشروع الاستمرار في الشراكة مع القوى اليمنية ومشروع فك الارتباط. وهذه المسارات جميعها يجب أن تتوقف فورًا في حضرموت، إذ ينبغي للحضارم أن يسموا عن إدخال أنفسهم في صراع لا يعود عليهم بالنفع. فحضرموت لا ينبغي أن تكون ساحة لتصفية الحسابات، بل فضاءً يلتقي فيه أبناؤها على كلمة سواء، يرسمون من خلالها خارطة طريق تحفظ السلم الاجتماعي وتؤسس لمستقبل أكثر استقرارًا.
إن أبناء حضرموت يتطلعون إلى دولة مؤسسات حقيقية؛ دولة تُحترم فيها الكفاءات والقانون، ويُصان فيها حق المواطن، ويُرفع فيها شأنه. فالمواطن الحضرمي يستحق أن يعيش بكرامة على أرضه وخارجها، وهذا يتطلب ترسيخ ثقافة الاحترام المتبادل وإلغاء كل أشكال التمييز، إذ لا حضرمي متميزًا عن آخر؛ فجميعهم أبناء حضرموت يجمعهم الأصل الواحد والطموحات المشتركة.
والواجب اليوم يقتضي أن يتجه أبناء حضرموت إلى بناء مشروع مؤسسي راسخ، قائم على إدارة ذات كفاءة، تستثمر الإنسان الحضرمي وتوظّف الموارد الطبيعية التي وهبها الله لأرض حضرموت لصالح أبنائها، بعيدًا عن تأثيرات القوى الداخلية أو الخارجية. وينبغي ألا يتحول النقد إلى غاية بحد ذاته تستهلك الجهد والوقت، بل إلى أداة واعية لإصلاح الأخطاء وتصويب المسار.
حفظ الله حضرموت وأهلها من كل سوء، وجمع كلمتهم على الحق.