روعة جمال

محافظة المهرة تعاني الاختلالات… فهل حان الوقت لتأمينها؟

وكالة أنباء حضرموت

تعيش محافظة المهرة على وقع توترات أمنية متكررة، كان آخرها حادثة توقيف القيادي الحوثي "عبدالوهاب الزايدي" في منفذ صرفيت، وما تبعها من اشتباكات في مديرية حوف، الأمر الذي كشف هشاشة الوضع الأمني وعمق الاختراقات الحوثية في خاصرة الجنوب الشرقية.


لطالما اعتُبرت المهرة محافظة هادئة نسبيًا مقارنة بغيرها من مناطق الجنوب، غير أن هذا الهدوء الظاهري لم يكن إلا غطاءً هشًا لاختراقات مستمرة عبر طرق التهريب، وتمدد شبكات تجسس وتحركات مشبوهة لعناصر تابعة للحوثيين وتنظيمات متطرفة.
ومع غياب منظومة أمنية جنوبية فاعلة ومنسقة، تحولت المهرة إلى ممر آمن للمتسللين، وساحة خلفية لعمليات تهدد أمن الجنوب برمته.


واقعة توقيف الزايدي ليست حدثًا عابرًا، بل مؤشر بالغ الخطورة على أن الجماعة الحوثية لا تكتفي بمحاولة السيطرة على الشمال والوسط، بل تسعى إلى تعزيز وجودها في الشرق، مستفيدة من الفراغ الأمني والتداخلات القبلية وضعف التنسيق المؤسسي بين الجهات الأمنية.

الأخطر من ذلك، أن هناك معلومات عن محاولات لتسوية سرية لإطلاق سراح الزايدي، الأمر الذي يثير تساؤلات مريرة عن من يقف خلف هذه المساعي؟ ومن يحمي الاختراق؟ وهل هناك أطراف نافذة تسهّل عبور العناصر الحوثية في تحدٍ صارخ للسيادة الجنوبية؟

رغم التصريحات القوية من قيادات جنوبية تحذر من خطورة الوضع، إلا أن غياب خطة أمنية واضحة لتأمين المهرة يظل الثغرة الأخطر في المعادلة. لا يمكن ترك المحافظة رهينة لسيناريوهات الانفلات الأمني، ولا ينبغي الاستمرار في سياسة رد الفعل بدل المبادرة الفاعلة.

في ظل هذه المستجدات، من الضروري أن تتبنى القيادة الجنوبية، ممثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي، الخطوات التالية:

إعادة تنظيم قوات أمنية جنوبية داخل المهرة، وتفعيل النقاط الأمنية في المنافذ والطرق الرئيسة بإشراف مباشر من قيادة موحدة.

باعتبار أن القوات السعودية تتواجد في المحافظة ضمن إطار التحالف العربي، يجب تفعيل قنوات التنسيق الأمني معها بما يضمن دعم أي خطة أمنية جنوبية في المهرة، ومشاركة المعلومات الاستخباراتية.

يجب حسم ملف التهريب بحزم، فالمهربون ليسوا مجرد تجار سلع بل في كثير من الأحيان أدوات لتمرير الأسلحة والمخدرات والعناصر المعادية للجنوب.

بناء غرفة عمليات تضم الأجهزة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية لضمان المتابعة الفورية لأي تهديد، والتعامل السريع مع أي تحركات مشبوهة.
من الضروري إشراك الكوادر الأمنية المحلية المؤهلة من أبناء المهرة في خطة التأمين لضمان مقبولية اجتماعية وفعالية على الأرض.

إن استمرار الفوضى في المهرة لا يشكل خطرًا محليًا فقط، بل يمثل تهديدًا استراتيجيًا لمستقبل الجنوب، ولأي مشروع دولة قادمة. إذا لم يتم التعامل مع المهرة كأولوية أمنية عاجلة، فإن سيناريوهات الفوضى ستتكرر، وقد تتحول المحافظة إلى خاصرة رخوة تخترق منها كل محاولات الاستقرار في الجنوب.

لقد آن الأوان أن يتحول القلق إلى فعل، والتحذيرات إلى استراتيجيات، فالجنوب الذي ينشد الحرية والسيادة لا يمكن أن يترك مناطقه الحيوية مكشوفة أمام عبث الحوثي وأذرعه.

مقالات الكاتب