السابع من يوليو.. ذكرى حرب ظالمة ما زالت آثارها ماثلة
د. وليد ناصر الماس
يمثل 7/7 يوما مشؤوما على أبناء الجنوب بكل المقاييس، ففي هذا اليوم من عام 1994م، تمكنت القوات اليمنية...
للأسف، بعض التصريحات الصادرة عن عدد من الزعامات الحضرمية تفتقر إلى الدراسة والتأني. فمثلًا، أحد زعماء المكونات السياسية يصرّح قائلًا: "إذا كانت هناك دولة وهنا دولة، فحضرموت دولة"، وآخر يعلن تمسّكه بالإدارة الذاتية مؤكدًا: "لن نتراجع عنها"، مع أن هناك قواتٍ أفرادُها من مناطق الحوثي متمركزة في وادي حضرموت، وثالث يهدد، في حال استمرار مكوّن معين في التجنيد، بأنه سوف يدفع بثلاثمائة ألف مقاتل لمواجهة هذا المكوّن. إن مثل هذه التصريحات لا تؤدي إلا إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، وإضعاف القرار الحضرمي، وإدخال حضرموت في دوامة من التباينات التي تُستغل من قبل أطراف لا تريد بها خيرًا. ومن هنا، فإن الواجب الأخلاقي والوطني يحتّم على جميع أبناء حضرموت أن يدعوا كل المكونات الحضرمية للاجتماع على "كلمة سواء"، لا يُقصى فيها أحد، ويكون هذا الاجتماع منطلقًا لوحدة حضرموت وحماية ثرواتها وتعزيز قرارها السياسي. فإمّا أن يتوافق الجميع على قرار حضرمي مستقل وموحّد، وإلّا فستكون حضرموت فريسة للنزاع والتشرذم. وعليه، فإنني أقترح على النخبة السياسية الحضرمية، ذات القدرة على جمع الكلمة والتي تمتلك علاقات دبلوماسية مع المملكة العربية السعودية، أن تعمل على ما يلي:
١. إطلاق مبادرة جامعة تجمع قادة كل المكونات السياسية في حضرموت، لفتح باب النقاش حول الخلافات، وبناء رؤية تقرّب وجهات النظر. فأبناء حضرموت لم يعدموا يومًا رأيًا يُرضي الجميع، إذ إن المجتمع الحضرمي من أكثر المجتمعات وعيًا ونضجًا. ولا ينبغي أن ينشغل كل مكوّن بالآخر حتى لا تضيع حقوق حضرموت في صراع داخلي غذّاه أبناؤها بأنفسهم.
٢. إصدار وثيقة شرف تنبثق عن هذا اللقاء، يلتزم فيها الجميع باحترام المكونات السياسية جميعها، ودعم التنوع السياسي دون المساس بالنسيج الاجتماعي. فالحضارم كيان واحد، مهما تعددت مكوناتهم، لأن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، ويجب أن يُنصت لصوت العقل قبل العاطفة.
٣. تشكيل مجلس تنسيق حضرمي مؤقت يضم ممثلين عن كل المكونات السياسية والقبلية والشبابية والأكاديمية، بل وحتى المرأة الحضرمية، لضمان مشاركة الجميع في صناعة القرار الحضرمي بشكل مدروس، يحفظ لحضرموت مكانتها وكرامتها.
٤. الاتفاق على رؤية سياسية موحّدة تعبّر عن موقف الحضارم في ظل الصراع اليمني القائم، وتضمن عدم تهميشهم أو تذويبهم ضمن مشاريع لا تخدم أهلهم.
٥. وقف الخطاب الإعلامي التحريضي الصادر عن كل المكونات، والعمل بدلًا من ذلك على رفع وعي المجتمع الحضرمي بما يخدم مصلحة حضرموت، ويعزّز من قدرة الحضارم على التمييز بين من يعمل لأجلهم ومن يتاجر باسمهم.
٦. وضع خطة واضحة لاستثمار النخب الحضرمية، وكذا الجامعات الحضرمية والمجتمع المدني والمفكرين والباحثين، تهدف الخطة إلى إبراز مكانة حضرموت الدينية والجغرافية والتاريخية والثقافية والسياسية، بشكل يعيد لها اعتبارها، ويتكوّن لدى الحضرمي وعيٌ متكامل حول تاريخ حضرموت.
بهذا، إن شاء الله، تُجمع كلمة أبناء حضرموت، بعد أن أُنهكوا بين الفقر والهجرة، وسُلبت خيراتهم. آن لهم أن يستعيدوا حقهم في الانتفاع بما أودعه الله في أرضهم، وأن يسترجعوا مجدهم وكرامتهم.
حفظ الله حضرموت وأهلها من كيد الكائدين، وعبث المتهورين الذين يرفعون شعارها ويخونون جوهرها من أجل مآربهم الخاصة.