الوزير الزعوري .. صوت تحذير مبكر في وجه الأزمة الاقتصادية المتردية
سعدان اليافعي
في خضم الانهيار الاقتصادي المتسارع الذي يواجهه المواطنون في المحافظات الجنوبية والمناطق المحررة، برز...
في الآونة الأخيرة كثير من الأصوات تطالب المجلس الانتقالي بفرض أمر الواقع والسيطرة المطلقة على الموارد منهم من يقول إدارة ذاتيه والاخر يقول حكم ذاتي آلاف المنشورات والتغريدات المرتجلة، مصدرها من العزب ومجالس القات كتابات غير محسوبة حروفها في لحظة نشوة أو تخديرة قات دون حساب لما قد يتبع ذلك من عواقب كارثية:
إن تطالب كيانا سياسيا بحجم الانتقالي وهو يقود مشروعا وطنيا أن يخوض مغامرة من هذا النوع دون حسابات دولية وإقليمية مدروسة.. فهذا ليس نقد حريص أو اراء يجب أن يأخذ بها بعين الاعتبار بل هي أقرب ما يكون إلى الزج به عمدا نحو الهاوية..
خذوا كردستان العراق مثال ونموذج حي قائم إلى اليوم والليلة.. الإقليم الذي حاز منذ سنوات طويلة على حكم ذاتي شبه كامل ويدير موارده ولديه دعم علني صريح من الولايات المتحدة وإسرائيل لكنه انتكس مشروعه في لحظة واحدة.. لحظة قرار متهور قفز على الواقع الإقليمي فذهب مشروع الاستقلال في مهب الرياح.. رغم أنهم كانوا أقرب إلى الدولة من غيرهم فكيف سيكون الحال معنا في الجنوب والانتقالي لا يحظى بأي دعم مباشر وواضح من أي دولة بل ان أقرب الحلفاء، كالسعودية والإمارات يدعمانه بحذر وعلى استحياء.
الانتقالي اليوم يمسك الصميل من منتصفه فهو الطرف الوحيد القادر على حماية الأرض عسكريا وإدارة شؤون الجنوب دبلوماسيا لكن في الوقت نفسه يجب أن ندرك بأنه يتحرك داخل هامش إقليمي ضيق.. يفرض عليه نوعا من مراعاة اتخاذ أي قرار يمس بسيادة دولة الوحدة.. والخيط الذي يربطه بالتحالف العربي لو انقطع، فلن يجد من يسند مشروعه بل سيترك لمصيره في مواجهة ثلاثي الشرعية والحوثي والمجتمع الدولي ولن يبقى له حليف إلا الجغرافيا.
الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحتى دول التحالف لا يزالون يتعاملون مع الشرعية كركن أساسي لأي عملية سياسية.. فيما يعتبروا الانتقالي طرفا صاعدا يجب استيعابه لا تسليمه دفة القيادة.. وهذا ما جعل المجلس "يلعب على المضمون".. ويختار المسار الأصعب لكنه أكثر صلابة لما سيبنى عليه.. الانتقالي رغم أخطاءه وتجوزاته وهي طبيعية أي كيان صاعد بل إنه انتقل من مربع "المليشيا الانفصالية" إلى طرف معترف به ضمن اتفاقات رسمية.. ومن فاعل خارج المؤسسات إلى شريك يحسبوا له ألف حساب وهو ما لم يكن يحدث لولا النفس الطويل وسياسة "اللعب على المضمون" والمناورة الذكية يعني وضع ثوابت للمشروع ومتطلبات للحظة.
خصوم الانتقالي تعي وتدرك ذلك جيدا... ولهذا فهم يعملون جاهدين على كسره من الداخل تراهن الأطراف اليمنية على دفعه إلى ردات فعل مليشياوية.. تخرجه من اللعبة أو تدفع الحلفاء إلى رفع الغطاء عنه...
وتراهن أيضا على تعذيب المواطن خدميا وتجويعه.. من ثم تدفعه إلى عبث والفوضى وتأزيم الشارع في العاصمة عدن.. رغم أن الانتقالي لا علاقة له بقرار الكهرباء ولا بتوقيف المرتبات... خلاصة الأمر:
عزيزي المفسبك الغلبان على أمره جميعنا نعاني مما تعاني نعيش في بقعة وطقس واحد.. ولكن يجب أن نفهم أن المرحلة تحتاج منا وعيا فقط الوعي ثم الوعي.. وعي لا تهور.. وتخطيط لا هوشلية... قد نختلف على بعض التفاصيل.. وقد ننتقد الأخطاء وهي موجودة لكننا في النهاية نملك كيانا سياسيا وجناح وعسكري وإعلاميا هو الأفضل والأكثر تنظيما وهيكلة منذ ما بعد حرب الاجتياح في 94.. وعلينا أن نحافظ عليه لا أن نزج به بنصائح عصبوية أو مطالب لا يستقيم عليها منطق.