وضاح بن عطية

هل يكرّر اليمنيون خطأ 2015 ؟

وكالة أنباء حضرموت

في منعطف جديد من عمر الحرب في اليمن، تلوح فرصة ذهبية أمام القوى اليمنية المناهضة للمشروع الإيراني، بعد سنوات من التلكؤ والتشظي السياسي والعسكري. وبينما تتكثف الضربات الأمريكية ضد مليشيا الحوثي، يطفو على السطح سؤال كبير : هل ستتكرر مكايدات وأخطاء الماضي ؟

فرصة 2015

بعد إعلان “عاصفة الحزم”، أضاع اليمنيون فرصة ذهبية بسبب الصراعات الحزبية والقبلية، حيث انشغلت أغلب القوى بالعبث بالدعم السخي الذي قدمه التحالف العربي، وهو دعم كان كافيًا لتحرير أضعاف مساحة اليمن لو توفرت المصداقية، كما حدث في تحرير محافظات الجنوب.

في ذروة معارك المقاومة الجنوبية المسنودة من التحالف العربي ضد مليشيا الحوثي في عدن وبقية الجنوب منتصف 2015م، انشغل كثير من أتباع الأحزاب والتنظيمات بالتحريض ضد القوات الجنوبية وبعض دول التحالف بدلًا من مواجهة الحوثي، وجمّدوا جبهات الشمال ومنعوا أي معارك حقيقية هناك. تفاقم الأمر بدعم قنوات فضائية محسوبة على الشرعية لهذا التوجّه، حتى وصل بها الحال إلى استضافة محللين متحزبين من معاقل الحوثي في ذمار وعمران للحديث عن معارك في عدن ولحج وأبين وشبوة، بينما تم حظر أغلب الإعلاميين والسياسيين الجنوبيين من الظهور الإعلامي ببلاغات كيدية من مسؤولي الدولة العميقة وقيادات الأحزاب التي سلمت الدولة للحوثي .

هناك مخطط ممنهج لصالح المشروع الإيراني، يظهر بوضوح كلما اشتد الخناق على مليشيا الحوثي، حيث تنشط حملات إعلامية لإثارة القلاقل في الجنوب والمناطق المحررة، بهدف إرباك الحاضنة الحقيقية للمقاومة المناهضة للحوثي. وهذا المخطط يحتاج إلى مواجهته وفضحه.

يُقال إن الأرض تقاتل مع أهلها، فلو تم تجهيز 50 ألف عسكري من أبناء المحافظات الشمالية الخاضعة للحوثي، ممن يتقاضون رواتبهم من الشرعية والتحالف، ووجّهوا لهجوم متزامن في مناطقهم، فإما أن يحرروها سريعًا إن كانوا مخلصين وأهلهم معهم، أو ينكشف المتواطئون مع الحوثي داخل الشرعية، مما يسهل التخلص منهم.

هل سيغتنم اليمنيون هذه الفرصة؟

القصف الأمريكي الحالي سيؤدي إلى شلّ قدرات مليشيا الحوثي قياديًا وعسكريًا وعملياتيًا، لكن هل ستستغل القوى اليمنية المناهضة للمشروع الإيراني هذه اللحظة الحاسمة، أم أن كل طرف سينتظر الآخر ليتحمّل التضحية، بينما يتطلع الجميع لاغتنام المكاسب بعد سقوط الحوثي؟

والسؤال الأهم: من الذي سيسقطه فعليًا على الأرض؟

الجنوبيون: موقف ثابت وتضحيات مستمرة

منذ بداية الحرب، رفض الجنوبيون التهاون مع المشروع الإيراني، واغتنموا دعم التحالف العربي لتحرير معظم مناطق الجنوب في فترة قصيرة. كما قدموا تضحيات جسيمة في مساندة الشماليين في العديد من المحافظات الشمالية، رغم غياب الحاضنة الشعبية لهم هناك.

الفرصة الأخيرة لإنهاء الحرب

هذه هي الفرصة الذهبية الثانية، وقد لا تتكرر في هذا القرن. تردّد القوى اليمنية، سواء القبلية أو السياسية، في حسم المعركة ضد أدوات إيران بعد إضاعة فرصة “عاصفة الحزم”، سيكشف القشة التي قصمت ظهر البعير، وقد يدفع المجتمع الدولي إلى التخلي عن التزاماته تجاه الشرعية، ما قد يترك شمال اليمن لمصير مجهول.

استعادة الجنوب: استحقاق يلوح في الأفق

الجميع يعلم أن الجنوبيين يناضلون لاستعادة دولتهم منذ انقلاب صنعاء على الوحدة واحتلال الجنوب عام 1994م. فانتفضوا بثورة الحراك الجنوبي عام 2007م، وقدموا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى. ورغم تحرير أغلب أرضهم عام 2015م، لم يعلنوا استعادة دولتهم، إيمانًا بأن قطع يد إيران من صنعاء هدف أعظم لخدمة الدين والعروبة، ولتفويت أي ذرائع على الإخوان المسلمين وكل المتاجرين بالوطنية والدين.

ومن هذا المنطلق، فإن استمرار التردّد في استغلال انهيار مليشيا الحوثي هذه المرة، سيكشف زيف القوى اليمنية المتاجرة بالحروب، كما سيضع الجنوبيين وقيادتهم في المجلس الانتقالي الجنوبي أمام استحقاق عاجل لإعلان استعادة دولة الجنوب الفيدرالية من طرف واحد، دون أي حرج على التحالف العربي أو المجتمع الدولي. ولا يوجد مبرر لتأخير هذا الإعلان، إذ يمكن تحقيقه خلال 24 ساعة .

مقالات الكاتب