روعة جمال

صمود الشعب الجنوبي في وجه التحديات

وكالة أنباء حضرموت

إنني أتحدث وبكل فخر عن الجنوب العربي، شعباً وقيادةً وإعلاماً، ولا أجامل بهذا الحديث؛ فتلك هي الحقيقة التي جعلتني أفخر بهذا الشعب البطولي. فما أروع قيادتنا وشعبنا وصحافتنا، إذ أننا لا زلنا نتخلق بأخلاق الإسلام، ونرجو النصر من عند الله، ونستعيذ من الشيطان وما يدعونا إليه.

نعم، إن قياداتنا متمسكة بمبادئها التي اكتسبتها من تعاليم الإسلام. فهي دائماً تجدها تظهر أمام الإعلام وتتكلم بكل صدق، وتبين للشعب الحقائق، ولا تكذب ولا تنافق من أجل أن تبقى في مواقعها القيادية. وإني أقدس الإعلام الجنوبي الذي يطرح المواضيع بكل شفافية، ولا يستخدم الإعلام في تشويه أحد أو شتم أحد أو التشهير وقول الزور، ولا يميل لجهة دون أخرى، بل يبتعد كل البعد عن من يريدون أن يزرعوا الفتن والأحقاد من أجل تحقيق غاية منشودة.

إن شعبنا الجنوبي، بالرغم من ما لحق به من أذى وخذلان الأصدقاء وبعض حكام العرب الذين كنا نعول عليهم من تقديم المساعدة الحقيقية لهذا الشعب المظلوم، لا زال متمسكاً بأصالته وقوته النابعة من صميم مبادئه التي تربى عليها وبما آمن به. فهو شعب أصيل قولاً وفعلاً، شعب صابر ومؤمن محتسب، لا يخذل هذا ولا ذاك، لا يعتدي على أي أحد بل العكس من ذلك، فهو يرد الإساءة بالإحسان، متوكلين على الخالق الذي يتحقق النصر بإذنه وقدرته.

إذ أن الله سبحانه وتعالى كتب نصره للمؤمنين، إذ اجتمعت عليهم الأحزاب التي تحشدت من أجل القضاء على الإسلام، فجعل النصر للمسلمين بعد الصبر والتوكل على الله عز وجل. ونحن اليوم كشعب جنوبي نؤمن بأن الله لن يخذلنا، وإن اجتمعت علينا أحزاب الشمال ودول العالم بما فيها الدول العظمى، فإننا توكلنا على الله وكفى بالله وكيلاً، وهو الكفيل بتحقيق النصر للمظلومين. وما النصر إلا بعد صبر جميل أيها الشعب الثائر.

إن الله تعالى يجعل لكل أمر حكمة، وعلينا أن نحمد الله على هذا. إذ أننا شعب قد أقدم على حمل السلاح وقاتل قتال الأبطال في الدفاع عن العرض والدين والأرض. ولم تستمر تلك المعركة سوى عدة أشهر، وبعد ذلك أعلنا النصر، ثم وللأسف الشديد بدأنا نتعالى ونتحدث بحديث المغرورين بانتصاراتنا. وقد كان الأمر كله لله الواحد القهار، هو أراد لنا النصر. لقد انتصرنا في الميدان وما بقي اليوم سوى نصر الصبر. فهل نحن شعب يستحق الاستقلال وقيام دولة؟

نعم، إن هذا الصبر أمر مطلوب، فقال الله تعالى: "وإني جازيتهم بما صبروا"، فهل يستطيع الشعب الجنوبي أن يصبر حتى يُجازى بما صبر؟ إنها حكمة الله تعالى يجعلها للناس التي تؤمن بالصبر. وهنا أنزل الله علينا بلاء تلك الأقوام، إذ أنهم اتفقوا جميعاً ومن في الأرض علينا. وكانت الجنوب أشبه بغزة المحاصرة، وأشبه بالشام حينما تحالفت عليها دول العالم وأكثروا فيها القتل والتشريد. فقد تفنن الأعداء في محاربتنا، ورقص الخونة على جراحنا، وأخذوا منا زينة رجالاتنا بالمفخخات والإرهاب، ثم أشركونا معهم ولعبوا بالخدمات، وتمادت أيديهم بالنهب والسرقة والفساد، وأطبقوا على هذا الشعب المسكين كل أنواع العذاب من انقطاع الكهرباء وغلاء الأسعار وارتفاع سعر الصرف. وجعلوا من ماكينتهم الإعلامية تكتب وتكتب، فكان ما يكتبون باطلاً وزوراً ونفاقاً، يتلبسون الدين ويظهرون بمظهر المسلمين، وهم إن عادوك فجر وتجبر، فهم الذين قال عنهم النبي الأكرم: "إذا خاصموا كان خصامهم فجوراً...".

وإن ما يمر به الجنوب اليوم ما هو إلا امتحان ليعلم الجنوبيون إلى أي منقلب ينقلبون. وإن الحق ظاهر ولو حاولوا إطفاء نوره. فلا تبتئسوا يا شعب الجنوب، فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. فكونوا للحق سيفاً مسلولاً ولا تبتئسوا، وأنتم الأعلون، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً.

مقالات الكاتب