د. عبده يحيى الدباني

تعليق على تعليقات فيما يخص كلمة الرئيس عيدروس الزبيدي أمام الجالية الجنوبية في إحدى المدن الأمريكية

وكالة أنباء حضرموت

لن اتطرق إلى كل ما جاء في كلمة الرئيس المشار إليها فقد تعرضت لأمور كثيرة ومثيرة ،ولكن الهدف هنا  هو تفنيد بعض التعليقات التي اثيرت حول بعض ما جاء في كلمة الرئيس التي القاها  بعد ان استمع إلى كلمة   رئيس الجالية هناك وإلى قصائد شعرية  وكل ذلك تطرق بالنقد والملاحظات لقيادة المجلس  الانتقالي الجنوبي فجاءت كلمة الرئيس ترد على تلك الملاحظات من خلال التوضيح والتفسير ولم تكن تبرما من ذلك النقد الشفاف والصريح  وهذا أمر طبيعي أن يرد الرئيس أو يوضح أو يفسر فهذا ماكان منتظرا منه ، ومع هذا فقد كان مرتاحا مما قيل ولم يتبرم ولم ينزعج ولم يقل ما قال  من باب المجاملة عندما اعتبر نقدهم وملاحظاتهم  نتيجة الحرص من قبلهم على قضية  شعب الجنوب ومسيرتها واهدافها المنشودة .

كان الرجل هادئا وسعيدا بما قيل ولكن كان من حقه أن يوضح ويفسر ومن حقهم ايضا ان يأتي هذا التوضيح من قبل الرئيس نفسه .

لقد اشارت الكلمات إلى المناطقية أو السلوك المناطقي في مسيرة المجلس الآنتقالي لا سيما  في القوات المسلحة الجنوبية.

وبصراحة الرئيس لم ينكر ذلك لكنه فسره  وعلله تعليلا منطقيا وموضوعيا فاذا لم تكن القيادات العسكرية من الصف الأول أو الصف الثاني أو حتى عموم الجنود والعسكر موزعين بالتساوي بين محافظات الجنوب  فإن هذا شيء طبيعي ولا يسمى مناطقية لأن هناك من يريد أن يتعسكر ويقاتل وهناك من يفضل السلامة  والعمل في مجالات أخرى 
مع ان القوات الجنوبية فيها من كل المحافظات لكن المسألة ليست محاصصة أو  يتم قبول الجنود بالتساوي بين المحافظات وكذلك القيادات بالتساوي .. لأن  المحك هو الميدان وبعض الامور تؤخذ بالسبق والمبادرة  والاستعداد في الانخراط بالسلك العسكري وهذا  النزوع مختلف من محافظة إلى أخرى بل من مديرية إلى أخرى في اطار المحافظة أحيانا وهذه طبيعية التاريخ وتتدخل في ذلك ثقافات محلية وخصوصيات وهذا التنوع في الجنوب عامل ثراء وايجابية .

فقد نجد بل قد وجدنا في بعض  المحافظات ضعف الميول إلى  الالتحاق بالحياة العسكرية وهذا ليس عيبا سواء كان هذا التوجه لدى منطقة ما أو لدى افراد ما .

أنا كنت مجندا في عام 1984م وقد جاء مسوؤلون من وزارة الدفاع وعرضوا علينا ان ندخل الكلية العسكرية  في صلاح الدين فرغب في ذلك وسجل  كثير من طلاب  ابين والضالع ويافع وردفان بينما  زملاؤنا  من طلاب محافظة حضرموت قليل منهم ذهبوا وسجلوا 
لكنهم أدوا واجب الخدمة العسكرية بكل اقتدار وشرف واثبتوا قدرة وانضباطا أثناء خدمتهم لكنهم لا يريدون أن يكون مستقبلهم في مجال الحياة العسكرية وهذا حقهم .

 وهذا  ما اكد عليه الرئيس عيدروس
وفسر به النقد الموجه للقيادة في هذا الشان  ولم يسء إلى أي منطقة ولكنه ذكر واقعا ملموسا  يقول هولاء الناس الذين جاءوا وبادروا  وارادوا أن يقاتلوا وأن ينخرطوا في القوات الجنوبية  وقبل ذلك في المقاومة الجنوبية بشكل تلقائي وعفوي .. هولاء هم من صار في  الميدان  واضحى لهم استحقاق نالوه بجدارة بصرف النظر  عن المنطقة التي ينتمون إليها  فصاروا ضباطا ثم قيادات وهكذا ومنهم من استشهد .

وعندما قال ان هناك رجالا  من ابناء يافع استشهدوا في ابين فهذا طبيعي مثلما هناك ناس من ابين استشهدوا في الضالع فليست اساءة لابناء ابين أو تقليلا من شانهم  انما أراد أن يوضح ان  بعض المناطق اندفعوا  أكثر من غيرهم في جبهات القتال ولهذا  برزوا في المشهد العسكري أكثر من غيرهم ولا ضير في ذلك خاصة في هذه المرحلة .

إن كل محافظات الجنوب اسهمت في مكافحة الارهاب في ابين وغيرها  من  ابين  ولحج والضالع وعدن وحضرموت وشبوة  والمهرة بصرف النظر من اين كان الاكثرية فنحن أبناء وطن واحد .
خاطب الرئيس أبناء الجالية وقال أن أكثركم من يافع نظرا لما التمسه فهل نقول اين أبناء المحافظات الأخرى ونريد محاصصة في ذلك فالمسألة اصلا  متعلقة بنزوع نحو الهجرة والاغتراب تتفاوت من منطقة إلى أخرى  لها اسبابها .

ايام العدوان الحوفاشي على الجنوب نزلنا فريق من الهيئة الاكاديمية الجنوبية إلى مواقع حربية حول العاصمة عدن فوجدنا  موقعا عسكريا  متقدما وكان افراده كلهم من أبناء يافع ، فسالت زميلي  د صالح علي الصلاحي اليافعي وقلت له كل افراد الموقع من أبناء يافع فاين مشاركة أبناء المناطق الأخرى في هذا الموقع ؟  فقال لي ماذا نعمل هذا الواقع هل تريدون منا أن نقول لهم روحوا لا تقاتلوا لأنه كلكم من يافع !؟  فاحرجني هذا الرد واضحكني !!
وعلى ذكر هذا الزميل المناضل الذي كان دليلنا في زيارة الجبهات وكان هو صاحب الصالون الذي يحملنا فأنه حتى الآن لم يحظ باي تعيين في أي  هيئة أو مجلس أو مركز في المجلس الانتقالي فهل هذا بسبب المحاصصة 
أم لأن الرجل يعمل بصمت ؟
وعموما فإن هيئات المجلس لن تضيق بمثل هذا المناضل الأكاديمي والميداني بعون الله تعالى.

خلاصة الكلام أن هناك مجالات  لا يجب فيها المحاصصة لأنها تعتمد على المبادرة والاستعداد وهناك مؤسسات في الانتقالي قد اتبعت مبدا المحاصصة الوطنية على ما فيه من عيوب ولكنه كان ضروريا.
ليس من الأخلاق والوطنية التربص بما يقوله الرئيس وتحميله ما لا يحتمل فالرجل يتحدث بشفافية وثقة وتلقائية.
والله من وراء القصد

مقالات الكاتب