فاروق يوسف

هدفان وحرب واحدة وإيران تنتظر أرباحها

وكالة أنباء حضرموت

يصر حسن نصرالله على أن حربه لن تنتهي ما دامت حرب غزة قائمة. في المقابل فإن نتنياهو يؤكد أن حربه لن تتوقف إلا إذا أصبح شمال إسرائيل منطقة آمنة.

هدفان لا يلتقيان وحرب لم تكن مفاجئة بقدر ما هي مصيرية. تغيرت فيها أصول اللعبة بحكم تغير تقنياتها وقد تقلب نتائجها الأوضاع بما يمنع العودة إلى ما قبلها.

ما كان يُسمى بـ"قواعد الاشتباك" صار نوعا من الذكرى. لم تعد إسرائيل حذرة في التعرض لقيادات حزب الله، بضمنها حسن نصرالله نفسه.

ذلك يشير إلى أن نتنياهو لا يأمل شيئا من مفاوضات ما بعد الحرب لكي يؤكد انتصاره. فهو لا يكتفي باستعراض بطولاته أمام شعبه، بل تجاوز ذلك إلى تحدي العالم من جهة أنه فعل ما لم يفعله أحد سواه عل مستوى إخضاع إيران للصمت وهي ترى أهم فصيل من فصائل مقاومتها يتلقى ضربات مميتة من غير أن تمد يدها لإنقاذه.

وإذا ما كانت إيران قد كلفت أذرعها في العراق واليمن بلعب دور في تلك الحرب فإن استعداد إسرائيل التقني لكل الاحتمالات أظهر وكلاء إيران كما لو أنهم يقاتلون بأسلحة مضى زمانها.

لقد فُسد الرهان الإيراني على الوقت. لم يتعب نتنياهو من حربه في غزة على الرغم من مرور ما يقارب السنة على بدئها. ما فعله في حربه على حزب الله حتى الآن يُظهره بكامل الاستعداد لخوض حروب أخرى.

وهنا ينبغي الالتفات إلى نقطة جوهرية تتخطى ظهور نتنياهو المؤقت زعيما للحرب وهي أن إسرائيل بكل أجهزتها الأمنية ومختبراتها العلمية كانت قد استعدت للحرب على حزب الله من أجل أن لا تكون حربا تقليدية.

لقد مضت إيران يتبعها حزب الله في طريق سباق تسلح خاسر. كل الصواريخ الإيرانية التي يملكها حزب الله والتي سبق لنصرالله أن تفاخر وهدد بها تراجعت قيمتها أمام ضربة البيجر التي كانت من الممكن أن تقتل الآلاف من القيادات العسكرية لحزب الله في دقيقة واحدة.

هل اكتفت إسرائيل بذلك؟

أبداً. كل عمليات الاغتيال التي نفذتها وقصمت ظهر حزب الله ذلك لأنها طالت لأحياء من مؤسسي الحزب كانت دليلا على أن التنظيم العقائدي مخترق. ليس الآن بل منذ سنوات بعيدة. وأن الموساد كان على إطلاع على كل صغيرة وكبيرة من تفاصيل عمل الحزب بحيث استطاع الوصول بدقة إلى رؤوسه الكبيرة بيسر.

ليست هي حرب عصابات كما أرادها نصرالله. هي حرب أرادت إسرائيل من خلالها أن تؤكد أن تفوقها العلمي ليس مجرد جامعات ومختبرات، بل هو عمل حربي على الأرض. وهو ما كان على إيران أن تكون مستعدة له قبل أن تورط أجنحة مقاومتها في حرب غزة ومن بعدها حرب لبنان.

في خضم ذلك الصراع بين العلم وما دونه فإن فلسطين تظل ضحية كبرى. ذلك لأن حسن نصرالله الذي يزعم أن حربه هي دعم لأهالي غزة الذين يتعرضون للإبادة يعرف جيدا أن حركة حماس كانت قد قادت غزة وأهلها إلى المحرقة بناء على تعليمات إيرانية.

ما يفعله نصرالله الآن هو امتداد لما فعلته حركة حماس. ذلك صحيح. لكن الوضع في الحالتين لا علاقة له بالقضية الفلسطينية. فلسطين هي المظلة التي تحتمي بها إيران من أجل شراء الوقت التي تعتقد أنه سيكون كافيا لإنجاز مشروعها النووي وإذا لم يكف فإنها ستكون مستعدة للقبول بالشروط الأميركية للعودة إلى مفاوضات النووي. ذلك ما أكده محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني السابق الذي سبق له وأن أدار المفاوضات من الجانب الإيراني.

كانت حركة حماس تنتظر أن تتعب إسرائيل وتوافق على وقف إطلاق النار في غزة لتعلن انتصارها وهو ما لم يحدث. حزب الله من جهته يفكر بالطريقة عينها. فعلى الرغم من أن خسائره كانت مميتة على مستوى نوعي فإنه ينتظر أن يوقف نتنياهو حربه بعد أن تبين أنه لا يريد التورط في اجتياح أرضي لكي يخرج منتصرا.

كل تلك الحسابات كانت خاطئة وهو ما يثبت أن القراءة الإيرانية لأحوال المنطقة لم تكن صائبة إلا في حال أنها لم تكن مكترثة بمصير وكلائها الذين تلقي بهم في النار مقابل ما يمكن أن تحققه من أرباح سواء عن طريق حصولها على السلاح النووي وهو أمر مستبعد أو عن طريق المفاوضات

مقالات الكاتب