عبدالخالق عطشان
البعد السياسي لاحتفال الحوثيين بعاشوراء
اولا: الإنطلاقة السياسية لعاشوراء:
قدرا كان استشهاد الحسين رضي الله عنه في العاشر من محرم لسنة 61 هجرية إثر معركة غير متكافئة مع جنود الدولة الأموية قُتل على إثرها الحسين وبعض أهله ، لم يكن خروج الحسين تحقيقا لـ (يوم الولاية المزعوم ، ولاتنفيذا لوصية الغديرالمكذوبة) ولو كان كذلك لأعلنها صراحة لجلب التعاطف وحشدا للجماهير والأنصار، ولكن خروجه كان لما يراه وبعض الصحابة من الانقلاب على الاتفاق الذي جرى في عام الجماعة ( 41هـ) والذي (توافقت فيه جموع الأمة على ولاية معاوية تقديرا للموقف والظرفية الحرجة والملحة يومها) وحين عهد معاوية بالأمر لإبنه يزيد ( توريثا) مخالفا ماتم التوافق عليه: (أن يكون الأمر شورى بعد معاوية) رأى الحسين ووافقه بذلك بعض الصحابة ان ذلك انقلابا على المتفق والمتوافق في عام الجماعة - غير ان اولئك الصحابة لم يوافقوه على الخروج بل حذروه من عواقبه، فخرج وحسب اجتهاده يريد اعادة الأمر إلى نصابه، ولبشرية الحسين رضي الله عنه ولما يرى في نفسه ويراه آخرون بالمكانة الدينية والاجتماعية والسياسية وليس لسلالته ولا لوصية او غدير كان يرى انه الأحق بالأمر من يزيد، غرُبت شمس يوم عاشوراء في كربلاء باستشهاد الحسين وخُمِدت ثورته غير ان وميض جمرها لم ينطفئ فكانت بعد ذلك منطلقا لحركة سياسية تحملها رؤوس الرماح وتدعوا لها صليل السيوف.
ثانيا: عاشوراء فكرة سياسية لمعظم الطوائف الشيعية:
يتميز الشيعة بالتجرد من الفطرة والتخلي عن العقل ونبذ كل ماهو صحيح في السنة لايوافق هواهم ولي اعناق النصوص القرآنية لخدمة كل خرافاتهم والاعتقاد بالنقولات الباطلة لأئمتهم واحترافهم في الإنحراف بالدين على أسس سلالية وطائفية وعنصرية ومناطقية.
الفاطميون ثم البويهيون وبعدهم الصفويون اتخذوا من العاشر من محرم ( عاشوراء) منطلقا ومرتكزا ومرجعا لأحقيتهم-حسب زعمهم- بالحكم ، فلم تكن احتفالاتهم الظاهرة بهذا اليوم لإبداء الحزن على مقتل الحسين ولعن قاتليه وسب صحابة رسول الله بل كانت تلك الاحتفالات في حقيقتها ومغزاها وابعادها تحمل طابعاً سياسياً، إذ ان كهنة تلك الطوائف الشيعية في كل عاشر من محرم بقدر اذكائها للحزن فإنها تستغل تلك العواطف الجماهيرية في اجتذابها إلى مفردات (الظلم ، الخروج، الولاية، الآل،...) ومايلبث اولئك الكهنة من بين تلك البكائيات والأحزان ان تقنع تلك الجماهير بأنها الأحق بالثأر من الماضي المزعوم ومن كل مُناصبٍ لفكرهم الضال وأنها الأحق بالأمر ( الحكم) وعلى ذلك ابتنت تلك الطوائف دُولها وأسست حكمها وساسة اتباعها.
ثالثا: دراسات تؤكد استغلال الشيعة لـ عاشوراء للحشد السياسي
الأيوبيون كانوا أول من الغى مظاهر الحزن في عاشوراء في مصر وجعلوه مناسبة سعيدة محاولين إبطال الادعاء الفاطمي في عاشوراء بأحقيتهم للولاية والحكم، بينما كانت هذه الاحتفالات ممنوعة في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، غير أنها عادت بقوة بعد سقوط نظامه ، وتقول بعض الدراسات إن حظر هذه الطقوس الاحتفالية الشيعية تكرر تاريخيا، حيث قام بعض المماليك الذين حكموا العراق بين منتصف القرن الـ8 إلى الربع الأول من القرن الـ 9، بمنع القيام بهذه الاحتفالات في بعض المدن العراقية.
كما تكرّر هذا المنع في عشرينيات وثلاثينيات القرن الـ20، والهدف ظل دائما هو محاولة منع تحويل هذه الاحتفالات إلى أداة للحشد السياسي( تقرير للجزيرة )
وفي قراءة في كتاب " التشيع العلوي والتشيع الصفوي فقد ذكرى ( زكي رضا ) الآتي: ( لقد أستُغِلت حادثة كربلاء سياسياً من السلطة الحاكمة ومن المعارضة ايضاً، لكون الامام الحسين يشكل رمزاً ومدخلاً للمطالبة بالحقوق المغتصبة).
رابعا: الجماعة الحوثية الإرهابية أسوء من استغل عاشوراء سياسيا:
بعيدا عن السرد التاريخي الموثوق في الكتب المعتبرة والمعتمدة لحادثة استشهاد الحسين، وبعيدا عن تناولها عاطفياً واستغلالها استغلالاً سيئا من قبل الشيعة على مختلف تدرجاتها في الغلو والتطرف، لنا وقفة مع أقبح استغلال من قبل كهنة السلالية العنصرية في تحديثها المعاصر ( الجماعة الحوثية ) يتجلى ذلك في خطابات زعيم الجماعة وتحديداً في كل عاشر من محرم من كل عام منذ السطو المسلح على الجمهورية في21 سبتمبر 2014، ففي كل خطاب لزعيم الحوثيين وفي العاشر من كل محرم يتقمص الكاهن شخصية الحسين ويصبغها بمفردات(الإمام ، الثائر ، رائد التغيير) ويركز على مفردات(الإنقلاب، الحق، التبعية ، الولاء، الولاية، القضية، المبايعة،......) وكلها مفاهيم ذات بعد سياسي استغلها زعيم الحوثيين للترويج لحركته الإرهابية ومحاولا تبييض سوادها.
السلالة الإرهابية لاتملك في جعبتها سوى( الخرافة والدجل والإرهاب) ولذلك فهي في أقصى درجات العجز والفشل لأن تُسوِق نفسها صاحبة قضية او رائدة تغيير او صاحبة حراك سياسي عصري مدني سلمي (مُلهم) ولهذا فإنها تلبس ثوب الحسين ( المظلومية) حينا وترفع شعار ( ثورته) حينا آخر.
يحاول زعيم الحوثيين بكل ما اوتي من كذب أن يصور للمحتشدين انه يقتفي أثر الحسين كقائد ثورة تصدى للإنقلاب الأموي - حسب زعمه - ومما يتناوله من كذب في خطاباته وعن سبب خروج الحسين "في قضيته التي تحرك بها، وتصدى من خلالها للانقلاب الأموي....الذي كان كارثةً كبيرةً وخطيرةً على الأمة الإسلامية...... والانقلاب على الإسلام ".
يُكثر كاهن الكهف في خطابه من ترديد كثير من المقولات والتي ينسبها (زيفا وزورا) للحسين كمقولة حين رفضه مبايعة يزيد: (مثلي لايبايع مثله) محاولا أن يبرر لنفسه ولجماعته العنصرية كل أعمال الفوضى والخراب والخروج عن السلطة والتمرد على الدولة ابتداءَ من محاولات أخيه الهالك ( حسين ) في حرب صعدة الأولى في 2004 وصولاً إلى سطوه المسلح على الجمهورية في سبتمبر 2014 في معظم خطابات زعيم الحوثيين دوماً يختتمها بقوله: (وما أشبه الليلة بالبارحة) يريد من ذلك إسقاط الماضي على الحاضر في تزوير واضح للماضي ومغالطا للحاضر وتحميل الحسين رضي الله عنه مالا يحتمله ، فهو- عبدالملك- (حسين العصر) وما تمرده وسطوه إلا ( ثورة ) بينما عبدربه منصور ومن قبله المشير السلال ومن بعده رشاد إلا (يزيدا) وثورة 26 سبتمبر و مخرجات الحوار الوطني والجمهورية إلا ( إنقلابا ).
ارهاصات المليشيا للاحتفال بالعاشر من محرم ليست سوى ارهاب على كل المستويات ضد ابناء المجتمع، تَسُوقُ مليشيا الإمامة ابناءَ الجمهورية للإحتفال سوقا بالإكراه والتهديد بقطع الرواتب المقطوعة اصلا والحرمان من الوظيفة ومن ادنى الخدمات فضلا عن ادخالهم قائمة المنافقين والجواسيس والطابور الخامس، وأعدء الإسلام حسب زعمهم، كل ذلك الترهيب لم يكن لحشد الجماهير للإستمتاع بسماع الخرافات والأساطير من( الحكواتي) عبدالملك وحسب، وإنما تلك الحشود مجبورة مكرهة للمثول أمام كاهن يبرز نفسه انه ( إمام مملكة ورئيس دولة وقائد ثورة وظل الله في الأرض) يلقي عليها خطابا سياسياً مذهبيا مناطقيا طائفيا لحركة سلالية عنصرية كُتب زوراً بدماء الحسين وألقمتهُ إياه حقيقةً ملالي طهران، وفي مجمل القول نستطيع القول أن زعيم الجماعة الحوثية وفي تخبط واضح يحاول عبثاً في كل خطاب سلالي في عاشوراء القول أن ماقامت به حركته العنصرية من إرهاب إنما هو (حراك راديكالي) منطلقهُ فكرة سياسية تنشد التغيير الجذري والإصلاح الشامل للواقع القائم في شتى المجالات وفي الحقيقة إنما هو إرهاب مكتمل الأركان على كل مقومات وأشكال الحياة.