د. عبده يحيى الدباني
ورحل الفارس الأستاذ عبدالملك علي حمود
قبل يومين قرأت خبر رحيل استاذنا الجليل عبدالملك علي حمود ورأيت صورته وقد انهكه المرض الذي ألم به في السنوات الأخيرة حتى صار هيكلا .. أحزنني هذا الخبر وترك غصة في الحلق واوجعتني تلك الصورة المؤلمة التي وصل إليها استاذنا الحبيب .
عبدالملك علي حمود من ابناء مدينة الصمود الضالع درس هناك في حين كانت الضالع تحظى بوجود مدارس حكومية منذ زمن الامير شعفل حتى أنني أعرف رجالا من حالمين درسوا هنالك قبل الاستقلال اذ لا توجد مدارس في حالمين قبل الاستقلال كما اشرنا في مقالات سابقة ، لكن الضالع المدينة كانت أكثر حظا من اي منطقة أخرى في هذا الجانب.
كانت مدينة الضالع حاضرة ابناء حالمين عادة فاليها يذهبون للتسوق والعلاج وبيع القات والمواشي ويتمونون منها وكانوا يسافرون إليها مشيا على الأقدام .
الأستاذ عبدالملك من فرسان التعليم الاوائل في حالمين ، والذي أعرفه انه قضى كل خدمته في مدارس حالمين.. في مدرسة الثورة في الضباب ومدرسة بوران ثم مدرسة حالمين في حبيل الريده التي كان مديرا لها عدة سنوات .
أحبه الناس في تلك المناطق واحبهم حتى انه لم يطلب العودة إلى مدينته وإلى مدارسها خاصة بعد ان عادت النوارس من المعلمين إلى مناطقهم في عدن ولحج والوهط وطور الباحة والضالع وغيرها إذ ظل في حالمين على الرغم من أن سكنه كان في مدينة الضالع وما يزال ، لقد كانت حالمين منطقته الأولى مكرر... احبه الناس نظرا لتواضعه واخلاقه وطيبته وبراءته وحرصه على العمل واخلاصة لمهنته والمهام التي يتقلدها حيث كان
لقد معه من معلمي الضالع في حالمين عدد من الزملاء أذكر منهم الأستاذ عبدالحكيم شائف والاستاذ عبدالله صالح رحمه الله والاستاذ الشاعر عبدالله مثنى والاستاذ محمود الحريري رحمه الله تعالى.
عرفت الأستاذ عبدالملك لاول مرة في عام ١٩٨٨م عندما عينت معلما في مدرسة الشهيد محمد ثابت سفيان الخبجي حين ذاك في حبيل الريدة التي تأسس فيها التعليم الثانوي ذلك العام وكان كان الأستاذ عبدالملك مديرا لها ..استقبلني خير استقبال وعرفني قبل أن أعرفه قال لي لقد شاهدتك في التلفزيون قبل ايام عندما كرموك في عيد العلم وسار بي إلى الصف وكأنه يعرفني من زمن طويل وعرفني على الطلاب وعرّف الطلاب علي ، كانت تلك أول حصة ادرسها في مدارس حالمين .
وهكذا استمر الحال مع الأستاذ عبدالملك بسيطا دمثا مخلصا قريبا من الجميع .
بعد ذلك انتقل إلى مكتب التربية والتعليم في حالمين إلى جوار شقيق روحه الأستاذ ناجي أحمد محسن رحمة الله تغشاهما معا ، لقد شكلا ثنائية تربوية نوعية فريدة كانا يتشابهان في الشكل وفي الطبع وفي الأخلاق والاخلاص وفي التواضع والبساطة ،فسبحان الله الذي جعل الارواح جنودا مجندة ما توافق منها ائتلف وما تنافر منها اختلف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
هاهو اليوم الأستاذ عبدالملك يعود إلى بارئه وارجو أن يلتقي بصاحبه بعد فراق أربع سنوات لا غير من تلك الالفة الطويلة وذلك في مستقر رحمة المولى عز وجل .
كنا ننام بعد ان تنطفى الكهرباء في حبيل الريده مع الساعة 11 مساء وكان عبدالملك يشعل فانوسه ويبدا فترة جديدة من العمل أما لاعداد كشوفات واما لجرد الكراسي أو لأي عمل آخر ، كان يعمل مثل الساعة على مدار الساعة ولا يتبرم ولا يشكو ولا يتافف .
لقد رحل الاساتذة الاعلام رحل من نحبهم ، رحل ذلك الرعيل ولم يبق إلا القليل فما اشد رحيل الأحبة لقد صرنا نعيش معهم في العالم الآخر أكثر مانعيش في هذا الواقع المؤلم
والله المستعان.
إن ما يحز في النفس في رحيل الأستاذ عبدالملك علي حمود
انه لاقى جحودا في السنوات الأخيرة
بينما كان مرض السرطان يفتك به
وهو على مقربة من حالمين فلم يلتفت اليه أحد في هذا الزمن الجحود العنود ، ولا ازكي نفسي نفسي من ذلك فقد كنت أسأل عنه
ولكن كان من حقه علينا الزيارة أو الاتصال وذلك اضعف الايمان .
وداعا استاذنا عبدالملك فقد كانت ملاكا يمشي على الأرض اعطيت الكثير ولم تأخذ حتى القليل
فهل ستسامحنا كما كانت عادتك معنا مديرا وزميلا وصديقا أننا نطمع في ذلك . فعلى روحك السلام.
خالص التعازي إلى أبناء الأستاذ الفقيد وذويه وإلى طلابه وزملائه ومحبيه، انا لله وانا إليه راجعون