عبدالله محمد الجفري
رسالة إلى الأحياء من الشعب
إذا تصفحنا وجوه الزعماء والقادة السياسيين في اليمن سنجدهم وحوش كاسرة تنتظر انتهاء الحرب للانقضاض على السلطة وتقاسمها . لم يقدم أحدٌ منهم مشروعاً لدولة المؤسسات والقانون , الدولة التي تحكم بالعدل وتقسم بالسوية وتطلق الحريات وتقاضي كل مسؤول يخالف القانون أو يخون الأمانة أو يسرق المال العام أو يعيث فساداً أو يشجع الرشوة . لم يفعل أحدٌ ذلك , وإذا فرض عليه لتنفيذ أجندة ما , لذر الرماد , أعدَّ مشروعاً ورماه في درج مكتبه لا يدعو الناس إليه ولا يشيعه ويناضل للإجماع عليه من الشعب , ولا يطرحه على بقية القوى السياسية للتشاور فيه وتبنيه بقوة الحق الذي فيه . وقوة الشعب الذي يقف خلفه . لا أحد . لا أحد ... إنهم جائعون متعطشون للسلطة خائنون للأمانة , فاسدون .
ما العمل أيها الشعب ؟ ما العمل أيها الأحرار الأحياء الذين لم يستطيع الظالمون الطغاة قهرهم وسحق أرواحهم أو سلب حرياتهم . إليكم السؤال :
ما العمل ؟ أترضون أن يرفع.
الله بركات السماء والأرض عن بلادكم وأبنائكم وأملاككم ؟ إن الله تعالى يقول :{{ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض }} ويقول تعالى عن أهل الكتاب {{ ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربِّهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم
أترضون أن يسرقوا اللقمة من أفواه أطفالكم ؟ ويسحقوا أرواحهم ويقتلوا الإبداع في نفوسهم ويجرمونهم إذا عملوا بما يرضي خالقهم الذي أوجب عليهم المشاركة السياسية وصنع الحياة وتعمير الأرض ؟ يقول أبو ذر رضي الله عنه :" عجبتُ لمن لم يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه ".
أترضون أن يستعبدوكم ويستذلوكم ويشيعوا الفساد والرشوة وعدم الأمانة فيكم ؟ فالناس على دين ملوكهم . لقد أصبح الفساد ثقافة شعب في حكم علي عبدالله صالح . فالمواطن البسيط ينصح غيره ممن يعرفه إذا تولى منصباً رسميا يقول له بكل جدية وحماسة :" قع رجال ابن نفسك وصلح حاجة لأولادك " إنها نصيحة لخيانة الأمانة وسرقة المال العام . هو مواطن ولكن دب الفساد إلى عقله بسبب ما أشاعه حكم الفاسدين من الفساد في المجتمع فعم المجتمع كله وجرى على لسانه دون أن يدري خطورة ذلك عليه . أتريدون العيش في مجتمع كهذا ؟.
أترضون أن يسجن الناس بدون محاكمة ودون جرم ؟ لمجرد نقد هذا القائد أو ذاك ؟ أترضون أن يقوم القادة العسكريون بقتل الناس بالشبهة دون محاكمة ؟ وأن يسجنوا من شاءوا دون حكم قضائي أو اتهام بقانون .؟ أترضون أن تكونوا لا شيء , لا شيء كسراب لا حقيقة له . كما قال تعالى لأهل الكتاب :{{ قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربِّكم }} لأنكم إن لم تقيموا القرآن ولم تدافعوا عن حكم الله فيه الذي يحكم بالحق والعدل والمساواة : مساواة الرئيس بالمرؤوس والأمير بالأجير ... صرتم مثل اليهود والنصارى واتبعتموهم حذو القذة بالقذة . يقول تعالى :{{ يا داود إنَّا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحقِّ ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله }} هذا حكم الله لكل أنبيائه فماذا فعلتم لتطبيقه ؟ وحدهم الأحرار الأحياء , هم المؤمنون حقاً الذين يعملون بما استوجبه الله تعالى عليهم وهو القيام بما أنزل الله على أنبيائه : إقامة دولة الحكم بالحق والعدل ومدافعة الظلم والاستبداد .
وقف سعيد ين جبير - وكان ممن خرج على عبدالملك بن مروان وخلع بيعته - وقال يوم دير الجماجم محرضاً على بني أمية وولاتهم الظلمة أمثال الحجاج بن يوسف الثقفي يقول : قاتلوهم على جورهم في الحكم , وخروجهم من الدين , وتجبرهم على عباد الله , وإماتتهم الصلاة , واستذلالهم المسلمين ".
أيها الناس يصفنا الغربيون بأنها : كاذبون , مخادعون , لا أمانة لنا , لا نحفظ العهود , ولا نصون المواثيق , غدارون , خونة , مرتشون , سارقون , منافقون نقول عكس ما نفعل , منحطون أخلاقياً عالة على الأمم , نأكل مما ينتجه الآخرون ونلبس مما يصنعون . لا همة لنا في شيء , إلا في مطاردة الغريزة كأننا حيوانات , ولا قدرة لنا على فعل شيء يحمي مصالحنا , أو يصنع حضاراتنا إلى غير ذلك مما ينتقص رجولتنا ... إنهم صادقون حتماً صادقون في ما قالوه . ولكن أتعرفون السبب ؟ لأن لدينا حكام مستبدون ظالمون , يسرقون الخيرات , خونة , فاسدون منحطون ...ولديهم علماء وفقهاء ركنوا إليهم فزينوا للظالمين ظلمهم , وحرموا علينا مدافعتهم .قال عليه الصلاة والسلام :" صنفان من أمتي إذا صلحا ... صلح الناسُ , وإذا فسدوا فسد الناسُ الأمراء والفقهاء " إذن أيها الأحرار علينا ألا نسمح بعودة الطغاة البغاة المستبدين , فلنناضل ونضغط في سبيل طرح مشروع للنهضة والدولة العادلة ونلزم به هذه الوحوش الآثمة الفاجرة التي تتربص انتهاء الحرب لكي تستولي على حكم البلاد وتعيث فيها الفساد , فنتخلق بأخلاقهم لأن الناس على دين ملوكهم , ونكسب بذلك ذل الدنيا وضياع الآخرة ..