نشوان العثماني
ما هو "الإصلاح الديني" الذي ينتظره الإسلام
الإسلام لا يحتاج تجديد الخطاب الديني، بل يحتاج إصلاحًا جذريًا.كل الكلام عن التجديد يحوم حول الحمى ولا يقترب من عمق المشكلة كما هي.
سوف تستمر الحكاية على هذا النحو من التكرار كل مرة إلّم يحدث الإصلاح الديني.يظن المسلم اليوم أن العالم كله ضد الإسلام، غير مدرك أن الفكر الإسلامي بذاته مؤسس على معاداة كل من كان غير مسلم ما يدخله بالتالي في عداوة مع كل العالم، وليس العكس.
الشخصية الإسلامية على إثر هذا التراكم والموروث أصبحت شخصية غريبة في عالم اليوم، حتى أن هناك اضطرابًا ملحوظًا داخل الشخصية ذاتها بين ما تظهره وما تخفيه. فإن كانت في محل قوة أظهرت كل شيء على ما هو عليه، وإن كان في محل ضعف أبطنت أشياء كثيرة، وعاشت بالحاصل، لكن بالصورة غير الحقيقية لما تعتقده.
الإسلام دين مثله مثل أي دين.
الأديان ابنة فهم الإنسان.
هناك علاقة مع الإله (الخالق)، لكن فهم هذا الطريق أو ذاك إلى الإله هو فهم إنساني بشري بحت.
فتحدث أخطاء وتراكمات أخطاء، فتؤسس لاحقًا لطريق آخر له أتباع، يستمرون في تدبيج المزيد من الأخطاء باسم الإله، بينما هي أخطاء فهمهم هم لهذا الإله.
ومحل الحديث هنا ما نحن في خضمه حاليًا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أولًا قبل الدول الإسلامية الأخرى.
ولكي لا يطول الحديث.
ما هو هذا الإصلاح الديني الذي ينتظره الإسلام؟
أرجو أن تناقشوا هذه الإجابة وهي ليست جديدة.
أولًا: الاعتماد على القرآن وحده كمرجع وحيد وتحييد كل ما عداه.
ثانيًا: فصل الدين عن الدولة (دولة المواطنة)، وبالتالي عن التشريع ومناهج التعليم.
ثالثًا: مساواة الرجل والمرأة ضمن مفهوم "المواطنة المتساوية".
رابعًا: إلغاء حد الردة واعتماد حرية الضمير والمعتقد، وبالطبع معهما إلغاء كل صنوف التكفير.
خامسًا: إبطال الجهاد؛ لأن الحرب هي مسؤولية الدولة حصرًا.
سادسًا: إلغاء إلزامية الحجاب على المرأة، ونقل المسألة لحرية الاختيار الشخصي لأي زي بما في ذلك تغطية الرأس.
سابعًا: نقد التاريخ الديني، والاعتراف بأخطائه، وتقديم الاعتذار للشعوب التي وقعت تحت الاضطهاد، والدعوة الصريحة إلى أن ذلك أصبح من الماضي غير القابل بأي شكل من الأشكال للعودة مستقبلًا.
كما والاعتراف عما لحق بالأعلام من تكفير وزندقة من الثقافة ذاتها، ممن رُفضوا ونُفوا منها بالأمس، وتقديم الاعتذار، وإعادة الاعتبار لهم، لتاريخهم ولكل تراثهم الحافل.
لن يتم الإصلاح إلا ارتكازًا على هذه النقاط؛ فما عداه قشور لا قيمة لها، ولن تشكل أي تقدم حقيقي.
وقد يقول قائل (بتلك الحمية المعهودة غير المنتمية لاستنارة الوعي): ماذا تبقى من الإسلام؟
نقول له: تبقى أمامك أركانه الخمسة ومعها أركان إيمانك الستة كما هي دون تغيير.
وإذا ما أردت ملخصًا أكثر تكثيفًا، وبنص القرآن ذاته، فإليك:
{مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.}
فماذا إذن؟
لا شيء آخر (الآن على الأقل؛ فللقادم مقتضياته).
تلك هي المسألة ببساطة شديدة، لكنها ستحتاج مئة عام لكي تتحقق، وربما أقل من ذلك بكثير.
وبتقديري، رأس الحربة في هذا الإصلاح لا بد أن ينطلق من المملكة السعودية وجمهورية مصر.
وقد انطلق على ما يبدو.
الأمنيات العظيمات جدًا بالاستمرار.