محمد الدليمي
ماذا تريد السودان من الامارات
جاءت مذكرة ممثل السودان في مجلس الأمن الدولي ضد دولة الإمارات العربية المتحدة لتشكل إضافة جديدة الى مسلسل أكاذيب وزيف من يريد بالقوة ان يحتكر المشهد السياسي السوداني برمته ثم يختزله بشخصه سعيا وراء شهوة السلطة والحكم .
فمنذ التغيير الذي جرى تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية العارمة في الخرطوم ضد حكم عمر البشير وانتقال السلطة الى مجلس عسكري يدير البلاد لفترة انتقالية بعدها يسلم السلطة لحكومة مدنية عبر انتخابات واتفاق القوى السياسية والمدنية جميعها على ذلك الا السيد عبد الفتاح البرهان الذي شرع في اختلاق الحجج وتصنيع المناورات من أجل البقاء في القصر الجمهوري لاطول مدة حنى وصل به الأمر أن يقود انقلابا عسكريا على نفسه ويخطف الى بيته رئيس الحكومة المعين من قبله والذي اقسم اليمين أمامه الدكتور عبدالله حمدوك.
وبقراءة الاتهامات الزائفة والافتراءات الموجهة الى دولة الامارات في مذكرة البرهان الى مجلس الأمن يمكن للمراقب والمتابع لمجريات الأحداث ان يطرح السؤال المنطقي التالي
عن ماذا تبحث الامارات في السودان ؟
دولة غنية مثل الامارات تعيش ازدهار اقتصادي واستقرار سياسي نادر فما هي اطماعها في بلد ففير بلا بترول ولا موارد تغري احد وميزانية تقترب من الصفر ومعاناة شديدة لهذا الشعب السوداني الكريم متواصلة بسبب سياسات الحكومات العسكرية السابقة والعزلة الدولية والعقوبات المفروضة عليه و المرتبطة بممارسات النظام السابق كونه حاملا لشعارات الإسلام السياسي واتهامات دولية عديدة له بدعم الارهاب. ناهيك عن سلة من النزاعات والحروب الداخلية في دارفور واجزاء أخرى من البلاد.
السودان حاليا تعاني من انقسام حقيقي أفقي وعمودي في معادلات القوة وامد النزاع قد طال أكثر مما ينبغي والشعب السوداني ضحية لعنتريات المجموعة العسكرية التي تحكم نصف الخرطوم ومع وجود أكثر من عشرين مليون سوداني لاحيء او نازح ومجاعة تطوق البلاد وقتلى وجرحى بالآلاف ومستشفيات مدمرة بل لم يعد هناك شيئا صالحا للخدمة العامة.
وسط كل هذه المعطيات فما الذي يغري الامارات للتدخل في حرب السودان؟
لقد عبرت دولة الإمارات العربية عن حرص قيادتها على ضرورة التزام كل أطراف الصراع بالحل السلمي للازمة الدامية بعيدا عن رغبات التسلط والتحكم واطالة فترة حكم العسكر والعمل على إجراء انتخابات حرة ينتج عنها تشكيل حكومة مدنية ثم انصراف الجيش الى معسكراته لأداء واجباته المعروفة.
سعت الامارات منذ تفجير البرهان للازمة واصراره على تمسكه بالسلطة واختلاق شتى الحيل وأساليب الخداع والمناورات كانت تدعو الى توافق وطني وحكومة مدنية تحضى بتمثيل كل مكونات الشعب السوداني الشقيق الا أن المعضلة والعقبة كانت هي الفريق عبد الفتاح البرهان ومعاونه العطا ومجموعة صغيرة صادرت بقوة السلاح القرار السوداني.
ان موقف الامارات الرسمي هو استمرار وصول المعونات والاغاثة لمعسكرات النزوح واللجوء ودعم اية مبادرات دولية او عربية او اقليمية للحوار والخروج من شرنقة الحرب سواء كانت المبادرة السعودية في حوار جدة أو منظمة الايقاد او الأمم المتحدة او الاتحاد الافريقي ولكن الرفض والتعطيل والمماطلة والاكاذيب تأتي دوما من القابضين على قرار الجيش والذين يمنون أنفسهم بعد سنتين من الصراع بانتصار عسكري زائف سوف لن يأتي ابدا.
الامارات العربية كانت وستبقى مواقفها ثابتة في تعزيز السلام واطفاء النزاعات واعتماد لغة الحوار والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.